فخُّ الثنائيات

منذ يوم

بعض الناس لاختلال الميزان لديه لا يُحسن الجمع بين العداوتين، وعنده أنَّ عداوةَ أحدهما وبغضه تستلزم محبة الآخر ونصرته

 منذ الصباح ومقالةٌ لشيخ الإسلام ابن تيمية تلفُّ مواقع التواصل المختلفة، وكأنَّ ناقلها قد ظفر بأمر عظيم ساطع قاطع في ردِّ المناوئين، ومتعلَّقُ كلام الشيخ في مسألة تفضيل بعضِ المسلمين اليهودَ والنصارى على أهل البدع من المسلمين، ومثَّلَ بالروافض وغيرهم باعتبارهم فرقًا ضالة من المسلمين، وليسوا أسوأ حالا من أهل الكتاب المشركين، ولا أريد نقل الفتوى لاشتهارها.
 
ومنذ الصباح كذلك ونحن نرى بعض المتحمسين العاطفيين قد بالغوا في التشنيع على مَن فرح بضرب دولة الولي الفقيه، ومقتل أكابرَ مجرميهم، إلى حدٍّ إخراج من يفرح من الملة، لأنَّ لازم ذلك عندهم أنه سيكون في صفِّ من قصفهم ولا بد، وأنه سيشترك مع عدوهم بجامع الفرح!!
وهذا من الإلزام بما لا يلزم ولا شك.

وترى بعضَهم يُدخلك عنوةً في عقد مقارنة بين تلك الدولة ودول أخرى فيقول لك: أرونا ماذا صنعت دولكم أنتم أهل السنة مع العدو؟!!

وكل هذه الأطروحات ثمثِّلُ شكلاً من أشكال المغالطات الجدَلية، والمعروفة بالثُنائيات، والتي يُراد بها حصر المُحاوِر لخصمه بين خَيارين وكأنه ليس هناك  خيارٌ ثالث أو حتى رابع أ و خامس!
فإذا رجَّحتَ أحدَ الخيارين، يتمُّ تصنيفك ظلمًا في المحور الآخر!!

وسأردُّ هنا من وجهٍ واحدٍ  فقط على مَن نقل مقال شيخ الإسلام رحمه الله، وهناك مقايسات أخرى سأُعرِضُ عنها الآن، فأقول وبإيجاز:

ليس كل من يعادي الرافضة هو بالضرورة يفضل عليهم اليهود والنصارى!! فبعضهم ألعن من بعض.
مع اعتقادي أنَّ ضررَ اليهود على البشرية أكبر، وضررَ الروافض على أهل السنة أكبر. 

ثم إنَّ ما استدلَّ به بعضُهم من فرح المؤمنين بنصر الله للروم على الفرس الذي ورد في أوائل سورة الروم، هو في الحقيقة حجةٌ عليهم لا لهم، إذ أنَّ هذا الفرح وَفقَ منهج أصحاب الثنائيات يلزم منه أن الصحابةَ يحبون الروم ويوالونهم على ما هم عليه من شرك وكفر!!

الرزية يا قوم هي أنَّ بعض الناس لاختلال الميزان لديه لا يُحسن الجمع بين العداوتين، وعنده أنَّ عداوةَ أحدهما وبغضه تستلزم محبة الآخر ونصرته.

ونحن نقول: اللهم اضرب الظالمين بالظالمين، وانتقم لعبادك المظلومين.

وسلامتكم.

جمال الباشا

مؤهلات الشيخ جمال بن محمد الباشا: ماجستير في القضاء الشرعي، دكتوراه في الفقه وأصوله، رسالة الدكتوراه في السياسة الشرعية، مدرس في أكاديمية العلوم الشرعية.

  • 1
  • 0
  • 0

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً