نقطة الاتزان الكبرى
حين يقترب من القرآن، يعود إلى حال “القيومية”، حيث القرار لا يُصنع من ضجيج الخارج، بل من صفاء الداخل، من النور الذي في الوحي، من الميزان الذي لا يميل، من “هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم”، فكل ما عداه مائل، وإن بدا مستقيمًا.
أحياناً يُعرض عليّ صاحبُ همٍّ أو سائلُ مشورة، يتكلم طويلًا عن الحيرة والضياع وكثرة الطرق، وأول ما يَسبق لساني إليه: كيف حالك مع القرآن؟
لا على وجه التذكير المجرد، بل لأنّي جرّبتُ — مرارًا — ذلك الفارق الخفي بين القرار الذي يُتّخذ في حضرة القرآن، والقرار الذي يُصاغ في غيابه.
ذلك أن القلب إذا تنكّب عن القرآن، اتجهت به الحياة إلى مسارات مضطربة، واستحالت القرارات اليومية إلى اجتهادات بلا وحي، في العمل، في الأسرة، في العلم، في العلاقات… كل قرار يخرج من ذهنٍ بلا وردٍ قرآني، يُثقله الغبش ويأخذه التردد، ويزيده ضعف التوفيق.
القرآن لا يعطيك فِكرة، بل يُعيد ترتيب وعيك، لا يُدلّك على الجواب فحسب، بل يُقيم في القلب مقام السلطان: يُهندس الأولويات، ويضع على طاولة قلبك ما يغيب عنك حين تصخب الحياة.
والإنسان كلما ابتعد عن القرآن، دخل طورًا نفسيًا هشًّا، تُغريه العجلة، ويستعذبه الظن، ويستهويه السقف الواطئ للقرارات السريعة، حتى وإن لبست لباس العقل.
وحين يقترب من القرآن، يعود إلى حال “القيومية”، حيث القرار لا يُصنع من ضجيج الخارج، بل من صفاء الداخل، من النور الذي في الوحي، من الميزان الذي لا يميل، من “هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم”، فكل ما عداه مائل، وإن بدا مستقيمًا.
القرب من القرآن ليس مكاثرة تعبدية، بل هو إجراء وقائي لحراسة القرار، وتحقيق الصواب، وضبط الوجهة، وكل خطوة بعيدةً عنه، ليست حيادًا، بل انزلاقٌ عن جادةٍ أقوم.
- التصنيف: