عدسة الانتقاء
لابد أن يكون لكل شخص منّا معايير مكتوبة لإِنْتِخاب صحبه؛ بناءً عليها يعرف لماذا يصاحب فلان و يقربه منه، و لماذا يترك الآخَر و يجعل بينهما مسافة السلامة.."
قيل لـ ابن السماك: أي الإخوان أخلق ( أحق ) ببقاء المودَّة؟ فقال: الوافر دينه، الوافي عقله، الذي لا يملُّك على القُرب، ولا ينساك على البُعد، إن دنوت منه راعاك، وإن بعُدت عنه اشتاقك، لا يقطعه عنك عسر ولا يسر، إن استعنته عضدك، وإن احتجت إليه رفدك، وتكون مودَّة فعله أكثر من مودَّة قوله، يستقل كثير المعروف من نفسه، ويستكثر قليل المودَّة من صاحبه.(١)
أقول: لابد أن يكون لكل شخص منّا معايير مكتوبة لإِنْتِخاب صحبه؛ بناءً عليها يعرف لماذا يصاحب فلان و يقربه منه، و لماذا يترك الآخَر و يجعل بينهما مسافة السلامة، أعدك إن فعلت ذلك ستعيد ترتيب هرم العلاقات لديك إلى حدٍ كبير، مع استحضار الصبر و تحمل أذى بعض العلاقات الأصلية التي يصعب الانفكاك منها ( عائلية - قرابة...) هنا لا أحثك على أن تكون بستاني تقطع جذور شجرة وجودك، ثم تحامي عن نفسك برأي فيرناندو بيسوا الذي يقول: كل الذين قطعت علاقتي بهم بطريقة أو بأخرى، هم الذين ناولوني المقص.
الأهم أن المعايير أنت من يكتبها لا تملئ عليك، وكلما كانت المعايير مقتبسة من سنا الوحيين و حكمة الأوليين مع مراعاة ائتلاف الأرواح و أُنس النفوس لبعضها، كانت أكثر دقة للانتقاء و حَذاقة للارتقاء.
_____________________________________
(١)📕التذكرة الحمدونية - ابن حمدون ٤/٣٧٧
- التصنيف: