مصائد الهلاك
ما شهوات الدنيا إلا مصائد هلاك، نزل الشرع بتهذيبها وتنظيمها حتى لا يهلك الإنسان من الإفراط في شهوة أو يهلك من التقطير فيها والانتقاص عن حد احتياج الجسد الضروري، ووجهنا الشرع المطهر للتوسط في الشهوات ونيلها مما يحل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
ما شهوات الدنيا إلا مصائد هلاك، نزل الشرع بتهذيبها وتنظيمها حتى لا يهلك الإنسان من الإفراط في شهوة أو يهلك من التقطير فيها والانتقاص عن حد احتياج الجسد الضروري، ووجهنا الشرع المطهر للتوسط في الشهوات ونيلها مما يحل.
قال الإمام ابن الجوزي في صيد الخاطر:
تأملت في شهوات الدنيا فرأيتها مصائد هلاك، وفخوخ تلف.
فمن قوي عقله على طبعه وحكم عليه يسلم، ومن غلب طبعه فيا سرعة هلكته.
ولقد رأيت بعض أبناء الدنيا كان يتوق في التسري. ثم يستعمل الحرارات المهيجة للباه، فما لبث أن انحلت حرارته الغريزية وتلف.
ولم أر في شهوات النفس أسرع هلاكاً من هذه الشهوة، فإنه كلما مال الإنسان إلى شخص مستحسن أوجب ذلك حركة الباه زائداً عن العادة.
وإذا رأى أحسن منه زادت الحركة وكثر خروج المني زائداً عن الأول، فيفنى جوهر الحياة أسرع شيء.
وبالضد من هذا أن تكون المرأة مستقبحة فلا يوجب نكاحها خروج الفضلة المؤذية كما ينبغي، فيقع التأذي بالاحتباس وقوة التوق إلى منكوح.
وكذلك المفرط في الأكل فإنه يجني على نفسه كثيراً من الجنايات، والمقصر في مقدار القوت كذلك، فعلمت أن أفضل الأمور أوساطها.
والدنيا مفازة فينبغي أن يكون السابق فيها العقل، فمن سلم زمام راحلته إلى طبعه وهواه، فيا عجلة تلفه - هذا فيما يتعلق بالبدن والدنيا - فقس عليه أمر الآخرة فافهم.
عواقب الشهوات:
قال الإمام ابن القيم رحمه الله : (الصبر عن الشهوة أسهل من الصبر على ما توجبه الشهوة..
* فإنها إما أن توجب ألماً وعقوبة.
* وإما أن تقطع لذةً أكبر منها.
* وإما أن تضيّع وقتاً إضاعته حسرة وندامة.
* وإما أن تثلم عرضاً توفيره أنفع للعبد من ثلمه.
* وإما أن تذهب مالاً بقاؤه خير له من ذهابه.
* وإما أن تضع قدراً وجاهاً قيامه خير من وضعه.
* وإما أن تسلب نعمة بقاؤها ألذّ من قضاء الشهوة.
* وإما أن تطرق لوضيع إليك طريقاً لم يكن يجدها قبل ذلك.
* وإما أن تجلب همّاً وغمّاً وحزناً وخوفاً لا يقارب الشهوة.
* وإما أن تنسي علماً ذكره ألذّ من نيلِ الشهوة.
* وإما أن تشمّت عدوّاً وتحزن ولياً.
* وإما أن تقطع الطريق على نعمة مقبلة.
* وإما أن تحدث عيباً يبقى صفةً لا تزول؛ فإن الأعمال تورث الصفات والأخلاق).
أبو الهيثم
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: