شُحُّ التذكّر
ازدحمت الدنيا في الصدر حتى ضاقت مساحة الآخرة، وصار الحديث عن الجنة والنار ديكورًا وعظيًا في أطراف الحياة، يلمع لحظة ثم يخبو.
تعيش الروح بين وعدٍ ووعيد، بين جنّة تفتح للإنسان معنى الحياة، ونار تكشف له حدود الطريق، ومع ذلك تتعامل قلوب كثيرة مع هذا الحديث كأنه مشهد من زمنٍ خيالي، يتسلل الفتور حين تنغمس النفس في تفاصيلها اليومية حتى تخمد جذوة التذكّر، فتتآكل العلاقة الروحية مع القرآن، ويضيق المدخل الذي يمرّ منه نور الآخرة، فتبهت صورة الجنة في الصدر، وتضعف رهبة النار في الوجدان، ويقع العبد في تبلّدٍ يجعل الجنة فكرة جميلة بلا أثر، والنار فكرة مخيفة بلا خوف.
والسبب؛ ازدحمت الدنيا في الصدر حتى ضاقت مساحة الآخرة، وصار الحديث عن الجنة والنار ديكورًا وعظيًا في أطراف الحياة، يلمع لحظة ثم يخبو.
فإذا عاد الإنسان إلى القرآن، وعاد إلى آيات المصير وهو يحمل جسده المثقل وروحه العطشى، انكشفت له الحقيقة التي غيّرت بها حياة الصحابة، واكتشف أن الجنة أكبر من كل رغباته، وأن النار أقرب إلى خطاه من كل توقعاته؛ فتقوم في داخله يقظة جديدة، ويعود القلب صالحًا للحياة وللآخرة معًا.
والمطلوب أن نجمع عزمنا على أن نعيد الجنة والنار إلى مركز يومنا؛ نفتح المصحف نتأمل وعده ووعيده، ونستمع لحديث رسول الله ﷺ بعقلٍ يقظ، ونطالع ما كتبه العلماء عن الجنة والنار، فكلما اتسعت معرفتنا بالآخرة، ضاقت علينا طرق الغفلة.
_____________________________________
الكاتب: علي آل حوّاء
- التصنيف: