هل أخبره بأني تزوجت عرفيا؟

منذ 2014-11-22
السؤال:

أنا فتاةٌ أحببتُ شخصًا، وتقدَّم لي ورفضه أبي أكثر مِن مرة، حدثت بيننا مُعاشَرةٌ جنسيةٌ بعد كتابة ورقة زواج عرفيٍّ، وكانتْ أمي وخالاتي يَعْلَمْنَ أني تزوجتُه عرفيًّا قبل أن يُعاشرني، ولم أخبرهم بذلك حتى الآن.

ظللتُ على علاقةٍ به تليفونيًّا فقط لمدةٍ تزيد عن 6 أشهر، لكني ما زلتُ بكرًا.

بعد عامين تقدَّم لي إنسانٌ على قدْرٍ كبيرٍ مِن التدين العالي، أخلاقُه حسنة جدًّا، خُطِبْتُ له، وغير سلوكياتي، وعلمني الكثير من الأمور الدينية، ولم أُخبرْه بما حدث مني في الماضي من الزواج العرفي والمعاشرة الجنسية!

فهل أخبره بالزواج العرفي السابق؟ علمًا بأنه لو عَلِم فسيتركني، وما الوسيلة التي أُكَفِّر بها عنْ هذا الذنب، حتي لو كانتْ قاسية، فأنا مُسْتَعِدَّة لها؟

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعدُ:

فالحمدُ لله الذي منَّ عليك بالتوبة والندَم على ما وقعتِ فيه مِن أفعالٍ مشينةٍ؛ فالتوبةُ الصادقةُ تمحو الذنب مهما عَظُم؛ قال تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }[الفرقان: 70].

ولكن التوبة النَّصوح التي يغفر الله بها الذنب هي ما استوفتْ شروطها مِن الندَم على فِعْل الذنب، والعزم الجازم على عدم العود أبدًا، والإقلاع في الحال عن الذنب، وتركه نهائيًّا.

فاستري على نفسك، ولا تُخبري أحدًا بذنبك الذي ارتكبتِه؛ سواءٌ كان خطيبك أو غيره؛ ومَن تحدَّث بذنبه فقد ارتكب ذنبًا آخر، وهتَك سِتْر الله تعالى الذي ستره به.

كما صحَّ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَن ابتُلي بشيءٍ مِن هذه القاذورات، فليستترْ بسِتر الله؛ فإنه مَن يُبد لنا صفحته نُقِمْ عليه كتاب الله» (رواه مالكٌ في المُوَطَّأ).

وروى أحمد، عن عبد الله بن مسعود، قال: جاء رجلٌ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا نبي الله، إني أخذتُ امرأةً في البستان، ففعلتُ بها كل شيءٍ غير أني لم أجامعها، قبَّلْتُها، ولزمتها، ولم أفعلْ غير ذلك، فافعل بي ما شئت، فلم يقلْ له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئًا، فذهب الرجل، فقال عمر: لقد ستر الله عليه لو ستر على نفسه! قال: فأتبعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصره، فقال: «ردوه عليَّ»، فردوه عليه، فقرأ عليه: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114]، فقال معاذ بن جبلٍ: أله وحده أم للناس كافةً يا نبي الله؟ فقال: «بل للناس كافةً».

وروى مسلمٌ عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يستر الله على عبدٍ في الدنيا، إلا ستره الله يوم القيامة».

ولذلك؛ فإخبار المرأة بماضيها، وما فعلته مِن المعاصي لا يجوز شرعًا، ولا يُقبل طبعًا وفطرةً؛ لأنه معصيةٌ بين العبد وربه، وقد ستره الله تعالى، والإخبار بذلك كشفٌ لستر الله، وتهوينٌ مِن المعصية؛ حتى يتجرأ عليها الآخرون، ونوعٌ مِن إشاعة الفحشاء.

وقد أراد رجلٌ مِن أهل المدينة أن يزوجَ موليته، وقد سبق لها أن زنتْ، ولكنها تابتْ توبةً نصوحًا، وقرأت القرآن، فخاف لِوَرَعِه أن يكونَ مدلِّسًا إذا لم يخبر بذلك، فنهاه عمر -رضي الله عنه- وقال له: "لو أفشيت عليها لعاقبتُك".

أما ما تسمينه أنت زواجًا عرفيًّا، فهو -كما يظهر مِن كلامك- اتفاقٌ بينك وبين ذلك الرجل على أن تُزوجيه نفسك، وتكتبَا بذلك ورقةً، ثم يعاشرك بعد ذلك معاشرة الأزواج، فهذا ليس زواجًا، وإنما هو محض زنًا -عياذًا بالله- لعدم توفُّر شروط النكاح الصحيح فيه، والتي مِن أهمها: وجود الولي، والشاهدين، وعلى هذا فزواجُك من الخاطب زواجٌ صحيحٌ ما دام أنه وقع مستوفيًا لشروط النكاح الصحيح، واستري على نفسك الماضي، وتناسيه تمامًا، واسْعدي مع زوجك، وأسعديه بطاعتك له، وتحببك إليه، والبحث عما يُسعده ويرضيه، وحوِّلي حياته معك إلى جنةٍ تُزينها أفنان الطاعة وأغصانها.

وفقنا الله وإياك وزوجك وجميع المسلمين إلى ما يحبه ويرضاه.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 0
  • 0
  • 31,237

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً