هل أواصل التعليم بشهادة مغشوشة؟

منذ 2013-04-13
السؤال:

أنا طالبٌ مُتفوِّق منَ الصغَر حتى وصلتُ إلى المرحلة الثانويةِ، ولكن أهملتُ الدروسَ والمذاكرةَ في هذه المرحلة! وبعد الامتحانات حصلتُ على مجموعٍ عالٍ بالغشِّ، ولولا الغشُّ ما كنتُ نجحتُ! فهل أكمل تعليمي الجامعيَّ بهذه الشهادة المزورَة؟! علمًا بأنَّ إعادة العام مرة أخرى أمْرٌ مُستحيل!

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاة والسلام على رسولِ اللهِ، وعلى آلِه وصحبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإنَّ الغشَّ في الامتحانات والسماحَ به مِن جِهَة المراقبين مِن البلايا العظيمةِ، التي ابتُلي بها المسلمون، وكان له أكبرُ الأثَر في تخلُّفهم العلميِّ؛ لأنَّ الطالبَ الذي يجتاز الامتحانَ ويحصُل على شهادةٍ يعمل بمُوجبِها، أو يلتحق بمرْحلةٍ أخرى؛ يكون بفعْلِه هذا ظلْم لنفسه، وظلم وخيانة لعُمُوم الأمة؛ فالغشُّ في الامتحانات أعظمُ مِن الغشِّ في كثيرٍ منَ المُعامَلات، وواجبُ ‏المسلم الإنكارُ على كلِّ مَن سهَّله، أو تَعاطاه، حسب الاستِطاعة؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم: "مَن رأى منكم منْكرًا فلْيُغيِّره بيدِه، فإن لم يستطعْ فبِلِسانِه، فإن لم يستطعْ فبقلبِه، ‏وذلك أضعف الإيمان" [رواه مسلم].
وقد قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن غشَّنا ‏فليس منَّا" [رواه مسلم وغيرُه مِن حديث أبي هريرة].
والغشُّ خُلُق محرَّم مذْمومٌ، لا يتَّصِف به المؤمنُ الذي يخاف ربَّه، فلا ينبغي له المعاونة عليه؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2].
فالواجبُ عليك أولًا التوبة النَّصوح مِن ذلك الذَّنب، والعزْم على عدَم العَوْد إليه في المستقبل.
أما مسألةُ إكمالِ تعليمك الجامعي بتلك الشهادة، فالذي يظهر جوازُ ذلك؛ لأمورٍ منها: أن مفسَدة الغشِّ قد وقعتْ، وإعادتُك للسنة الدراسية قد تترتَّب عليه مفْسَدةٌ أخرى أكبر.
الأمرُ الآخر: أنه يُمكنك أن تُذاكِرَ الموادَّ التي قصَّرْتَ في تحصيلِها في المرحلة الثانوية، ووقعتَ في الغشِّ فيها، لا سيَّما وأنت تنتقِل مِن مرحلةٍ ثانوية لمرحلة جامعيةٍ، ولا تحصُل على مؤهلِها العلميِّ بالشهادة الثانوية، وإنما بدراستك وجِدِّك واجتهادك فيها، ولذلك؛ فلا حرجَ عليك في إتمام دراستك الجامعيَّة، فلا ترابُط بين المرحلة الثانوية والجامعية إلَّا مِن حيثُ إنَّ أنظمة التعليم والدراسة هي التي وضعتْ تلك المرحلة الثانوية لتأسيس الطالب؛ لئلا يدخلَ في مرحلة وهو لا يستطيع ولُوجَها.
فإن كنتَ على أهليةٍ تُمكِّنك مِن المرور بمرحلة الجامعة؛ بسبب دراستك الخاصة، أو المنزلية، أو غيرها، واستطعتَ مُواكبة التعليم الجامعي، وفَهْم ما يُتلقَّى في الجامعة من دروس، فلا حرج عليك في ذلك، والعملُ في المستقبل إن شاء الله سيكون بما ستحصل عليه مِن شهاداتٍ صحيحةٍ غير مزوَّرة، وما ستتقاضاه مِن راتبٍ على العمل بعد التخرُّج سيكونُ على تخطِّيك الفعلي للمرحلة الجامعية بجِدٍّ ونجاحٍ دون عودة إلى الغشٍّ، وكونك مؤهَّلًا للعمل، وتقوم بعمَلِك على الوَجهِ الصحيح، وتؤدِّيه بإخلاصٍ، وإتقانٍ، ولتحرِصْ في المستقبل على الجِديَّة في التحصيل، والتفوُّق في الأداء، ومَن تاب تاب الله عليه.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 1
  • 0
  • 25,596

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً