والداي لا يحباني

منذ 2015-07-05

هناك فرق بين المحبة والخطأ، فقد يخطئ الوالد في طريقة المعالجة من وجهة نظر ولده لكن هذا لا يعني أبدًا أنه لا يحبه، ولكن يعني أنه خطأ ربما بشكل غير مقصود، وربما عن جهل، وربما هي ثقافة نشأ عليها.

السؤال:

السلام عليكم
أحس بل أعلم أن والديّ لا يحبانني، أبي يحتقرني أمام العائلة وأمام صديقاتي، أما أمي فهي تنعتني بألقاب وقحة ومؤذية تجرحني، أعاني من فقدان الثقة في نفسي، وشخصيتي ضعيفة، وأفكر في الانتحار، أريد علاجًا، أريد تغيير نفسي، ساعدوني.

الإجابة:

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،

حتى نجيب على تساؤلك لا بد أن نضع بين يديك عدة حقائق هامة:

أولًا: حب الوالدين لولدهما حب فطري، فطر الله الآباء والأمهات على ذلك، ويستحيل أن تجدي أحدًا في الدنيا بأسرها يحبك بلا مقابل إلا أبويك، فاطردي هذه الأفكار من رأسك واعلمي أن مصدر هذه الأفكار هو الشيطان يريد أن يفسد ما بينك وبين أبويك، فانتبهي حفظك الله فحب الوالد لولده ليس اختيارًا منه وإنما هو مفطور عليه، وأريدك أن تنظري حولك لطفلة رضيعة وانظري كيف يتعب الوالدان في تربيتها، وكيف يمسحان عنها الأذى وهما مسروران لذلك، وقيسي هذا عليك حتى تعلمي كم تعبا لأجل راحتك.

ثانيًا: هناك فرق بين المحبة والخطأ، فقد يخطئ الوالد في طريقة المعالجة من وجهة نظر ولده لكن هذا لا يعني أبدًا أنه لا يحبه، ولكن يعني أنه خطأ ربما بشكل غير مقصود، وربما عن جهل، وربما هي ثقافة نشأ عليها، الشاهد أي أمر غير أن يكون كرهًا، وفرق بين من يكره وبين من يخطئ.

ثالثًا: إذا ما ابتعدنا قليلا عن والديك، وقلنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الإنسان بطبيعته يري أخطاء الناس ولا يرى أخطاءه، وقد تكون أخطاؤه واضحة كبيرة ولا يراها، وقد تكون أخطاء من أمامه يسيرة ويراها، يقول صلى الله عليه وسلم: «يبصر أحدكم القذى في عين أخيه وينسى الجذع في عينه»، فأخوه عليه غبار بسيط لكنه يراه، وهو خطؤه واضح كجذع النخلة ومع ذلك لا يراه، تلك طبيعة البشر بصفة عامة، فإذا أسقطنا هذا عليك أيتها الفاضلة متسائلين: هل العتاب الجارح الذي يحدث من والديك نتيجة أخطائك؟ فإن كان ذلك صحيحًا، فاجتهدي في إزالة تلك الأخطاء وساعتها لن يكون هناك عتاب.

رابعًا: ننصحك بالاقتراب من والديك أكثر، والتعرف عليهما بطريقة المحبة لا بطريقة الشاكة في حبهما، ولا بأس أن تخبريهما بأنك تحاولين إرضاءهما وتريدين معرفة ما يغضبهما، ثم تطلبين راجية أن ينصحاك منفردة لا أمام الناس، وستجدين خيرًا كثيرًا وراء ذلك إن شاء الله. 

خامسًا: إن لم تستطيعي إخبارهما فلا حرج أن تكتبي ورقة لكل منهما، كل على حده، فتبدئي في الورقة بالثناء عليهما، وإظهار محبتك لهما ثم تطلبين منهما ما تشائين.

سادسًا: أما مسألة فقدان الثقة بالنفس فلعل مرده هو إيحاء بداخلك أن كل تصرف تتصرفينه هو عند أبويك خطأ، لذلك كلما أردت الإقدام على فعل أمر تتردين لأنك لا تعلمين الصواب فيه من خطئه، وهذا أمره هين إذا اقتربت أكثر من والديك سيزول بأمر الله.

سابعًا: نحن نعتب عليك في قولك "أفكر في الانتحار"، هذا كلام خطًا لا ينبغي لك وأنت المسلمة أن تقوليه، فالانتحار من كبائر الذنوب، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن المنتحر يعاقب بمثل ما قتل نفسه به، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَن تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومَن تحسَّى سمًّا فقتل نفسه فسمُّه في يده يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومَن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا»، وأخبر كذلك صلى الله عليه وسلم أنه محروم من الجنة، فعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكينًا فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات، قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة»، فاستعيذي بالله -أختنا-من الشيطان، واقتربي من أبويك فلن تجدي أحدًا في الدنيا كلها يحبك مثلهما.

والله الموفق.

 

د. أحمد المحمدي

  • 0
  • 0
  • 5,520

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً