الوقاية من الانحراف في الدول الأجنبية

منذ 2016-11-02
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

أنا طالبٌ أدرس وأقيم في روسيا، ومتمسِّك جيدًا بديني، ولكن - كما تعلمون - أن الدولة مَليئةٌ بالفِسْق والكفر - والعياذ بالله!

فما نصيحتكم للتفوُّق العلمي؟ وما نصيحتكم للمعيشة في مثل هذا البلد؛ مع الأخْذ في الاعتبار ما نشاهده من انحرافات لدى الطلاب العرب أيضاً.

وجزاكم الله خيرًا.

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فشكر الله لك - أيها الأخ الكريم - غَيْرتَكَ على حُدُود الله، وحرصَكَ على الخير لنفسك، ولمن حولك.

وأما الطلابُ العربُ الذين ذكرتَهم - نسأل الله أن يَهْدِيَ قلوبهم، ويشرحَ صدورهم، وينورَ بصائِرَهُم، ويأخذ بناصيتهم للبرِّ والتقوى، ويُنْعِمَ علينا وعليهم بالتوبة النَّصوح - فلا يجوز لهم الإقامةُ في تلك البلاد، ما داموا عاجزين عن إقامة دينهم، فعودتُهم لبلادهم واجبةٌ عليهم، وماذا ستصنع لهم شهاداتُ الدنيا ومناصبها إذا غَضِبَ الله عليهم ومَقَتَهُم؟! فلا تعدلُ تلك الشهاداتُ لحظةً واحدةً يَزِلُّ فيها بمعصية، أو ينظُرَ اللهُ إليه فيها نَظْرَةَ غَضَبٍ وَمَقْتٍ!

فالعلماءُ جَعَلوا مَنَاط الإقامَةِ في بِلَادِ الكُفْرِ هو القدرةَ على إقامَةِ الدين، بل قد تترجَّحُ الإقامةُ وعدمُ الهجرةِ، إن وُجِدَتْ مصلحةٌ راجحةُ.

أما النصائحُ والإرشاداتُ للمقيمين في ديار الغرب الكافر:

أولًا: تحصيلُ تقوى الله، واليقينُ بأن الدنيا دارُ ابتلاءٍ واختبارٍ؛ كما قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك: 2]، وأنها - بكلِّ ما فيها - مجرَّدُ متاعٍ؛ كما قال تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [سورة الحديد: 20].

ثانيًا: هم بحاجَةٍ لمن يُذَكِّرُهُمْ بفضلِ الصَّبْرِ على الشَّهَوَات؛ فَفِتْنَةُ الشهواتِ إنما تُدْفَعُ بالصبرِ.

ثالثًا: تذكيرُهُم بالموت، وبعَذَابِ أهلِ النَّارِ، وَأَنَّ غَمسةً واحدةً تُنسِي أَعْظَمَ نعيمٍ يَشْعُرُ به المرءُ في هذه الدنيا؛ كما في صحيح مسلم، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابْنَ آدَمَ، هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لا، وَاللهِ يَا رَبِّ، وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا، وَاللهِ يَا رَبِّ، مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ، وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ».

رابعًا: الصحبةُ الصالحةُ مع الحِرْصِ على الاجتماعِ، وعدمِ التفرُّق؛ كما قال رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَنَالَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ، فَلْيَلْزَم الْجَمَاعَةَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ، وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ»؛ رواه الترمذي والنسائي.

وفق الله الجميع للبر والتقوى.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 2
  • 0
  • 19,546

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً