رقية النفس وتجديد الهمة للعمل

منذ 2017-09-28
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

لا أعلم كيف أرتب استشارتي لتأتيني النصيحة والمشورة كما أريد، ولكن سأحاول قدر المستطاع تنظيمها:

أنا أبلغ من العمر 24 سنة، ومعلمة في مدرسة منذ سنتين - ولله الحمد - لم أعد كالسابق، كنت أقرأ القرآن وأقبل عليه، والآن أجد صعوبة في ذلك، كنت أنجز مهامي بكل همة ودافعية، والآن التأجيل هو أسرع قرار اتخذه، لا بل وألجأ إلى الأكل كأسرع حل، وأهرب من الواجبات، وأنا من النوع الذي يهتم بصحتي ورشاقتي.

كنت أرقي نفسي، والآن لا أستطيع القيام بذلك، والأمر الذي يؤرقني أن خطبتي في كل مرة تتعثر.

ووجهت لي صديقة أختي بأن أقرأ سورة البقرة كل يوم، فهل هذا صحيح؟

ما هي الرقية الشرعية الصحيحة والشاملة؟ ومتى أقرأها؟

هل قراءة سورة الفاتحة سبع مرات مع النفث مجدية للشفاء من العين؟ حيث إني أعتقد أني مصابة بالعين جراء أحلامي بكلاب تلحقني - دائمًا - وأختي تحلم بأن هناك قِطَطًا تمزقني مع يدي.

أنا تبدل حالي، وتغيرت، أصبحت كسولة، لا أنجز الأعمال بسرعة، حتى الدعاء، لا أسطيع أن أؤدي مثل الأول، أختي كانت تقول لي: أنت لا تتمنين أمنية إلا وتتحقق، والآن أدعو الله أن يوفقني في أمور كثيرة، ولكن حكمته فوق كل شيء.

أرجو منكم إرشادي، ونصحي، وتوجيهي بكلمات تدفعني إلى الأمام، وتسر خاطري، وأقرأها دومًا؛ لتجدد النشاط في، فأنا بدأت أكره ذاتي، وأحقرها، ولا أطيق نظرات من حولي، فهي تقتلني ببطء.

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فإن الإصابة بالعين من الأمور الثابتة في الشرع؛ فعن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «العين حق»؛ متفق عليه.

وقد حثنا النبي - صلى الله عليه وسلم - على التحصن منها بالأسباب المشروعة، ومنها الرقية الشرعية، فقد ثبت في "الصحيحين" أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا رقية إلا من عين أو حمة»، وأخرج البخاري عن أم سلمة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة، فقال: «استرقوا لها؛ فإن بها النظرة».

قال الحافظ ابن حجر - في "فتح الباري":

"واختُلِفَ في المراد بالنظرة، فقيل: عين من نظر الجن، وقيل: من الإنس، وبه جزم أبو عبيد الهروي، والأولى أنه أعم من ذلك، وأنها أصيبت بالعين، فلذلك؛ أَذَّنَ - صلى الله عليه وسلم - في الاسترقاء لها، وهو دال على مشروعية الرقية من العين على وفق الترجمة". اهـ.

أما قراءة سورة البقرة: ففيه فائدة عظيمة في دفع العين والسحر والشياطين - بإذن الله - ففي "صحيح مسلم" عن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «اقرؤوا سورة البقرة؛ فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة»،

قال معاوية: "بلغني أن البطلة السحرة".

وفيه - أيضًا - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تجعلوا بيوتكم مقابر؛ إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة».

وفي "صحيح ابن حبان البستي"، عن سهل بن سعد، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن لكل شيء سنامًا، وإن سنام القرآن سورة البقرة، من قرأها في بيته ليلًا، لم يدخل الشيطان بيته ثلاث ليال، ومن قرأها في بيته نهارًا، لم يدخل الشيطان بيته ثلاثة أيام».

وأما قراءة الفاتحة: فهي نافعة - أيضًا - في دفع العين بإذن الله.

أما قراءتها - سبع مرات - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قال: «بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاثِينَ رَاكِبًا فِي سَرِيَّةٍ، فَنَزَلْنَا بِقَوْمٍ فَسَأَلْنَاهُمُ الْقِرَى، فَلَمْ يُقْرُونَا»... الْحَدِيثِ، وَفِيهِ: «فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ - سَبْعَ مَرَّاتٍ»، وفي رواية في الصحيحين: «فلما قدمنا المدينة ذكرناه للنبي - صلى الله عليه وسلم – فضحك وقال: وما أدراك أنها رقية»، ففيه التصريح بأن فاتحة الكتاب رقية، فيستحب أن يقرأ بها.

قال الحافظ ابن حجر - في "فتح الباري":

"لم يذكر في هذه الطريق عدد ما قرأ الفاتحة، لكنه بَيَّنَهُ في رواية الأعمش، وأنه: «سبع مرات»، ووقع في حديث جابر:  «ثلاث مرات»".

أما الرقية الشرعية، فلم تقيد بوقت معين، بل هي مشروعة في كل وقت، فيقرأ المريض الرقية على نفسه مع النفث، أو يقرأها في إناء به ماء، ثم ينفث فيه بريق خفيف، ثم يشربه، وأما ما يقرأ في الرقية، فهو كالآتي:

1- قراءة الفاتحة.

2- قراءة آية الكرسي من سورة البقرة، وهي قوله – تعالى -: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255].

3- قراءة آيات سورة الأعراف، عند قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ * وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ} [الأعراف: 117 - 122].

4- قراءة آيات في سورة يونس، وهي قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ * فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ} [يونس: 80 - 82].

5- قراءة آيات من سورة طه، وهي قوله عز وجل: {قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} [طه: 68 ، 69].

6- قراءة سورة الكافرون.

7- قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين مع تكرارهم.

8- قراءة بعض الأدعية الشرعية مثل: «اللهم رب الناس، أذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سَقَمًا».

ومما يقي - كثيرًا - من العين:

المحافظة على أذكار الصباح والمساء، والمداومة على ذكر الله تعالى - كثيرًا.

ولمعرفة المزيد؛ يمكنك الرجوع إلى بعض المراجع المعتمدة، مثل: "حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة"، و"الرقية" لـ "سعيد بن وهف القحطاني"، و"الصارم البتار"، لـ "وحيد بن عبد السلام بالي"، و"كيف تتخلص من السحر؟" لـ "عبدالله بن محمد بن أحمد الطيار".

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 8
  • 0
  • 89,445

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً