تزوجت سراً رغبة في الحلال

خالد عبد المنعم الرفاعي

سيدة مُطلقة، على علاقة بشخص متزوج، كانا يريدان الزواج، لكن الأهل وقفوا دون إتمامه، وتطورت العلاقة بينهما حتى وقعا في الزنا، وقررا الزواج سرًّا لعل آراء الأهل تتغير.

  • التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية - العلاقة بين الجنسين -
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا سيدة في الثلاثين من عمري، سبق لي الزواج مِن 7 سنوات، ولم يدم الزواجُ سوى سنة واحدة، ومنذ أربع سنوات وأنا على علاقةٍ بشخص متزوج، ولديه أطفال.

أحبَّ كل منَّا الآخر، وكانت النيةُ من العلاقة هي الزواج، غير أنه وبسبب المجتمع الذي يرفُض الزواج الثاني وزواج المطلقة، لم يتمَّ القَبول مِن أسرته، ولا من أسرتي.

اتفقنا على أن نخفي علاقتنا، وأن نصبرَ؛ لعل آراءهم تتغيَّر تجاه زواجنا، وتطوَّرتْ علاقتنا، ووقعنا في المحظور، ومع عدم رغبتنا في الاستمرار في الحرام قررنا الزواج في السِّرِّ.

أعيش وحدي حاليًّا في الخارج لإكمال دراستي، ويزورني مِن وقت لآخر، ولكن نرغب في أن تكون علاقتنا في الحلال، وكان وراء قرارنا بالزواج في السر رغبة في إرضاء الله، وخوف منه، رغم عدم رضا المجتمع بطلبنا الحلال.

فأشيروا علينا بالصواب، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعدُ:

فقد أخطأتِ أيتها الأخت في حقِّ نفسك وحق أسرتك عدة أخطاءٍ، أظنها لا تخفى عليك؛ الأولى في علاقتك برجلٍ أجنبي، والتي لا بد مع التساهُل فيها من الوصول لذلك الطريق المظلم بالوقوع في الفاحشة، وبدلاً مِن التوبة ومحاولة إقناع الأهل بالزواج، لجأتُما لزواج السرِّ الباطل شرعًا، فما تُسميانه زواجًا ليس كذلك؛ لفقده شروط وأركان النكاح الشرعي الصحيح، وإنما هو محض زنًا.

فالرُّكْنُ الأول هو الوليُّ؛ والمرأةُ لا تملك أن تزوِّج نفسها، وإن فعلتْ فالنكاحُ باطلٌ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا نكاح إلا بولي»؛ رواه أحمد، وأبو داود.

وولي المرأة: أبوها، ثم الجد وإن علا، ثم ابنها، ثم ابنه وإن سفل، ثم أخوها الشقيق، ثم الأخ لأبٍ، ثم أولادهم وإن سفلوا، ثم العم، فالأقرب فالأقرب في الميراث من عصبة المرأة.

أما زواج المرأة بغير علم أبويها، فباطلٌ لا يجوز؛ لأن النكاح إذا تَمَّ بدون وليٍّ فهو باطلٌ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «أيما امرأةٍ نكحت بغير إذْنِ وليِّها، فنكاحها باطلٌ، فنكاحُها باطلٌ، فنكاحُها باطلٌ»؛ كما في "المستدرك"، و"صحيح ابن حبان"، وصححه الذهبي.

ومنها: الشهادة عليه، والمقصود شهادة العُدول من البشر لا شهادة رب العالمين سبحانه؛ لحديث عمران بن حصين مرفوعًا: «لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدلٍ»؛ رواه ابن حبان.

كما أن نكاح السر باطلٌ؛ فالإشهار شرطٌ في صحة الزواج، وأقل ما يكفي فيه الإشهاد ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة؛ وهو شاهدان، وإن كان الأفضل إعلان النِّكاح وإشهاره.

قال الإمام ابن القيِّم في "إغاثة اللهفان": "وشرط في النكاح شروطًا زائدةً على مجرد العقد فقطع عنه شبه بعض أنواع السفاح به؛ كاشتراط إعلانه؛ إما بالشهادة، أو بترك الكتمان، أو بهما، واشتراط الولي، ومنع المرأة أن تليه، وندب إلى إظهاره حتى استحب فيه الدف، والصوت، والوليمة، وأوجب فيه المهر".

فاحذري أيتها الأخت مِن التمادي في تلك المحرَّمات، وتوبي إلى الله توبةً نصوحًا، ولا تظني أن رغبتك في الحلال تكفي بغير عملٍ صحيحٍ، يوافق تلك النية، ولا تظني أن الأمر بالتمني، أو أن الزنا يكون زواجًا بمجرد تغير اسمه؛ فقد روى البخاري عن أبي مالكٍ الأشعري، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ليكونن من أمتي أقوامٌ، يستحلون الحر، والحرير، والخمر، والمعازف، ولينزلن أقوامٌ إلى جنب علمٍ، يروح عليهم بسارحةٍ لهم، يأتيهم - يعني: الفقير - لحاجةٍ، فيقولون: ارجع إلينا غدًا، فيبيتهم الله، ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردةً وخنازير إلى يوم القيامة».

فإن كان قصدُكما رضا الله كما ذكرتِ فيجب عليكما الإقلاع عن تلك العلاقة المحرَّمة، وحاولي إقناع أسرتك بأمر الزواج، وبَيِّني لهم حاجتك إليه.

وفقك الله لكل خيرٍ.