غياب الزوج عن زوجته في بداية الزواج

منذ 2017-10-17

سيدة تُريد المَشُورة في أمرِ زواجها، فقد تقدَّم لها شابٌّ مِن محافظةٍ غير المحافظة التي تعيش فيها، ولبعض الظروف سيحضر لمدة أسبوعين ثم يسافر إلى بلده لأسبوعين، وتسأل: ماذا أفعل؟

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا امرأةٌ أبلُغ مِن العمر 30 عامًا، كنتُ متزوجةً، وانفصلتُ عن زوجي منذ 4 سنواتٍ!

والآن بفضل الله خُطِبْتُ لشابٍّ مِن محافظةٍ غير محافظتي، وكنا متَّفقين على أننا سنتزوَّج في محافظته، لكن بسبب الأحداث التي تحدُث في بلدتِه اقترحتُ عليه أن نتزوَّج في محافظتي، ونعيشَ هناك، وينزل كل 15 يومًا إليَّ لأنَّ عمله هناك.

أنا أبحثُ عن الاستقرار، وأنا الآن لا أشعُر بالاستقرار بسبب بُعده عني؛ فسأكون متزوِّجة وغير متزوِّجةٍ!

كنتُ مسرورةً جدًّا في بداية اتفاقنا لأني سأكون معه في بلده، وهو خائفٌ جدًّا عليَّ أن أكونَ معه هناك.

أنا في حيرةٍ شديدةٍ؛ فهل أذهب معه في هذه الظُّروف؟ أو أكون بجانب أهلي وهو يحضر كل 15 يومًا.

ماذا أفعل فقد قرُب زواجي؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فأسأل الله - أيتها الأخت الكريمة - أن يُتمَّ لك زواجك على خيرٍ، وأن يُصْلِحَ أحوال البلاد والعباد.

لا يخفى عليك أن مُداولة الأيام بين الناس مِن سُنَن الله الكونية؛ كما قال تعالى: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران: 140]؛ فالشِّدَّةُ بعد الرَّخاء، والرَّخاء بعد الشِّدة، والعُسرُ يتبعه اليُسر، فالمرءُ لا يبقى على حالٍ.

وقال تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29]؛ قال العلماء: "يُغني فقيرًا، ويجبر كسيرًا، ويُعطي قومًا، ويَمنع آخرين، ويُميت ويُحيي، ويَرفع ويُخفض، لا يشغله شأنٌ عن شأنٍ، ولا تغلطه المسائل، ولا يبرمه إلحاح الملحِّين، ولا طُول مسألة السائلين، فسبحان الكريم الوهاب الذي عمَّت مواهبه أهل الأرض والسموات، وعمَّ لُطفه جميع الخلْق في كل الآناء واللحظات، وتعالى الذي لا يمنعه من الإعطاء معصية العاصين، ولا استغناء الفقراء الجاهلين به وبكرمه، وهذه الشؤونُ التي أخبر أنه تعالى كل يومٍ هو في شأنٍ هي: تقاديرُه وتدابيره التي قدَّرها في الأزل وقضاها، لا يزال تعالى يمضيها ويُنفذها في أوقاتها التي اقتضتْها حكمته، وهي أحكامُه الدينية التي هي الأمرُ والنهيُ، والقدرية التي يُجريها على عباده مدة مقامهم في هذه الدار"؛ تفسير السعدي "تيسير الكريم الرحمن": (ص: 830).

وما أحسن ما قال الشاعر:

صَبْرًا قَليلاً فَإِنَّ الدَّهْرَ ذو غِيَــــــرٍ            مَا دَامَ عُسْرٌ على حَالٍ وَلا يُسرُ

قد يُرْحَمُ المرءُ مِنْ تَغْليظِ مِحْنَتِه            وليس يَعْلَمُ ما يُخبِي له القَدرُ

والدَّهْرُ حُلوٌ ومُرٌّ في تصرُّفِــــــــه            خَيْرٌ وشَرٌّ وفيه العُسْرُ واليُسرُ

فتوكَّلي على الله، وأتِمِّي زواجك، ولكن في بلدك أنت، ولا تُسافري الآن لبلد زوجك ما دام في الأمر خطورةٌ عليك؛ حتى يفرجَ الله الكَرْب، وتَنْقَشِع الغُمَّة، وينصلحَ الحال، وساعتها فلتنتقلي معه لبلده لتعيشَا معًا.

وكثيرٌ من البيوت المستقِرَّة يكون الزوجُ له ظروفٌ مشابهةٌ لحال زوجك؛ أعني: أنه يتغيَّب مدةً؛ أسبوعًا، أو أسبوعين، أو أكثر؛ لظروف العمل، وهم يعيشون في هناءٍ، ولا تنسَيْ أن هذا سيكون أمرًا مؤقتًا، حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولاً.

والله أسأل أن يُعَجِّلَ الفَرَجَ لجميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 0
  • 2
  • 19,747

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً