مرت سنة ونصف وزوجتي ما تزال عذراء!

خالد عبد المنعم الرفاعي

شابٌّ متزوِّجٌ منذ سنة ونصف لَم يدْخُل على زوجته بسبب خوفها الشديد، وارتجافِها مِن الدُّخْلة، مما جعَلَه يشعُر بحالةٍ نفسيَّة سيئة، ويسأل: هل يحق لي الطلاق أو لا؟

  • التصنيفات: فقه الزواج والطلاق - فتاوى وأحكام -
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شابٌّ متزوِّجٌ منذ سنة ونصف، ولم أدخلْ على زوجتي إلى الآن؛ بسبب خوفها الشديد، وارتجافِها مِن الدُّخْلة، مما جعَلني أشعُر بحالةٍ نفسيَّة سيئة، ذهبتُ بها إلى الأطباء والمشايخ لمحاولة علاجها، لكن تعذَّر ذلك، فهل يتمُّ الطَّلاق الإجباري أو لا؟

أرجو منكم النُّصح، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فأسأل اللهَ أن يُصْلِحَ زوجَك، ويقدِّر لكما الخيرَ حيث كان.

أما كونُ زوجتك لَم تمكِّنك من نفسها بعد زواجٍ دام عامًا ونصفًا لشدَّة خوفها وذهابك بها للأطبَّاء والمشايخ، وكأنَّك تقصد أنَّ علاجها متعذِّر بعد هذه المدَّة - فحينئذٍ يَثبت لك خِيار فَسخ النِّكاح، وتَردُّ زوجتُك أو أولياؤها عليك ما دفعتَه مِن مهرٍ؛ فقد ذهب جمهورُ العلماء من الأئمة الأربعة وغيرهم إلى أنَّ مِن عيوب النِّكاح التي توجِب الفسخَ كل ما يمنع الوطء حِسًّا - كأمراض الفَرْج - أو طبعًا، ويدخل في ذلك الخوف الشَّديد الذي يَمنع من إتمام الجِماع.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية مجموع الفتاوى (32/ 172): وما يمنع الوطء حسًّا؛ كاستدادِ الفرْج، أو طبعًا كالجنون والجذام - يثبت الفسخ عند مالك والشَّافعي وأحمد؛ كما جاء عن عمر، وأمَّا ما يمنع كمالَ الوَطء؛ كالنجاسة في الفرج - ففيه نِزاعٌ مشهور...، وله الخيارُ ما لم يصدر عنه ما يدلُّ على الرِّضا بقولٍ أو فِعل؛ فإن وَطئها بعد ذلك فلا خِيار له؛ إلاَّ أن يدَّعي الجهل، فهل له الخيار؟ فيه نِزاع مشهور؛ والأظهرُ ثبوت الفسخ، والله أعلم".

والقولُ بفَسْخ النِّكاح أولى بلا شك، بل هو مِن محاسِن الشَّريعة الإسلاميَّة الغرَّاء؛ لأنَّ العيب الذي يَمنع الجِماع - سواء كان حسيًّا أو معنويًّا - يُصادِم المقصودَ الأسمى للنِّكاح من المودَّة والرَّحمة والسَّكن، فلا يتحقَّق مرادُ الزَّواج مع وجود العيب، كما لا يجوز إرغام الزَّوج على إبقاء النِّكاح والحالة كذلك للمشقَّة الشَّديدة، بل قد يكون تكليف ما لا يُطاق، وهذا ظاهرٌ لا يَحتاج لتأمُّل.

فالإضرارُ ظاهر بكَ، ومَنَعَك من حقوقك الشرعيَّة؛ من استمتاع وغيره.

أمَّا فَسخ النِّكاح واستردادك للمهرِ فهو ما ذهب إليه المالكيَّة والشافعيَّة والحنابلة - أنَّه يجوز الفَسخ في العيوب المؤثِّرة على الجِماع، ولا تحصل به مقاصِد النِّكاح، وهذا ما لم يَظهر منك رضًا بالعيب، فإن وُجد ما يدلُّ على رضاك بالعيب سقطَ حقُّك في الخيار، وفي أَخْذ المهر واستردادِ ما دفعتَه إليها.

أمَّا قولك: "الطلاق الإجباري"؛ فلم يَظهر لي المرادُ منه، وإن كان ما ذكرتُه لك كافيًا إن شاء الله في معرفة الحكم الشَّرعي لاستشارتِكَ.

وفَّق الله الجميعَ لما يُحِبُّه ويرضاه.