علاقتي بمديري زادت عن حدها

منذ 2018-04-08

فتاة تعمل في شركةٍ، أفاقتْ وندمت وتابت بعد أن تمادت في علاقتها بمديرها، وتسأل ماذا أفعل؟ وهل أترك العمل أو لا؟

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عاملة في شركة، مديري رجل متزوج ولديه أولاد، كنتُ فتاة ملتزمة طيبة، لكن مديري كان يحاول التقرب مني ولمسي، وكنتُ أعلم أنه حرام، لكنني لم أكنْ أستطيع ردْعه ربما لأنني أحسَسْتُ بحبِّه لي، وبالفعل أخبرني بحبِّه هذا.

أخبرني بأنه لن يَظلِمَني، وأنَّ سعادته مِن سعادتي، وأنا أحبه لكنْ لم أصارحه بإحساسي، لكنه شعر به، وكنتُ أحاول أن أغضَّ بصري كثيرًا.

تقابلنا مرة وكنا وحدنا، وتَمَلَّصْتُ منه في آخر لحظة، وبعدها أحسستُ بالذنب العظيم الذي ارتكبتُه.

أنا نادمة أشد الندم لأنني أغضبتُ ربي، وفعلتُ أمرًا لم أفعلْه في حياتي، أخبروني ماذا أفعل؟ فأنا لا أستطيع ترك العمل؛ لأنه لا يوجد مُبَرر لذلك أمام والدي، فكيف أتعامل مع الوضع؟ هل أكَلِّم مع مديري عن شعوري بكل صراحةٍ، وأطلب منه عدم لمسي مجددًا وأظل في العمل؟ وماذا أفعل إذا تحدَّث معي في الموضوع؟

أنا تبتُ ولله الحمدُ، فساعدوني وادعوا لي بالخير.

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فالاختلاطُ في أماكن العمل مِن أبواب الشر والفساد التي تَجُرُّ الفرد والمجتمع لكثير مِن البلايا والمفاسد، وما وقع معك أيتها الأخت الكريمة شاهدٌ على ما يقع في الأماكن المختلطة، وليس هذا كلام أحد من البشر، إنما هو الدستور الشامل الصادر مِن مُدَبِّر الكون كله وخالق الإنسان، وهو عليمٌ بما تصلح به حياتنا وتستقيم مِن المبادئ والشرائع، فالشأنُ له ولذلك نَظَّم حياتنا.

ولا يخفى على مِثْلك - سلمك الله - الحكمة مِن وراء ذلك، فجرائمُ الشرف ذات مقدمات وملابسات مِن أهمها الاختلاط، ومنها المخبوء في دُرُوب النفس، ومنها المُعْلَنُ المَكْشُوف، وكلُّها مما يحطم المجتمع، وينخر في العفة والضمائر، فقطع الشارع الحكيم الطريق على الجنسين سدًّا للذرائع، واتقاءً للجاذبية والإغراء التي تضعف معها الإرادة؛ لذلك أمَرَ بِغَضِّ البصر، وحَرَّم الاختلاط إلَّا لضرورةٍ تُتاح بقدر الضرورة؛ فالدينُ الإسلاميُّ لا يريد أن يعرِّضَ الناس للفتنة، فهو دينُ وقاية، ودينُ حماية للضمائر والمشاعر والحواس والجوارح والله أعلم بِمَنْ خَلَق، وهو اللطيفُ الخبيرُ.

فتَدَبَّرِي هذا الكلام جيدًا لتَعْلَمي ما يجب عليك فِعْلُه، فالشرُّ والمعصيةُ ينبغي حَسْم مادتهما، وسد ذريعتهما، ودفع ما يفضيان إليه، ومِن أجل هذا نَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عنِ الخلوة بالأجنبية، والسفر بها، والنظر إليها؛ لما يُفضي إليه من الفساد.

إذا تقرَّر هذا فيجب عليك أيتها الفاضلة ترْك العمل، والبحث عن مكانٍ لا يختلط فيه النساء بالرجال، حتى وإن كنت بحاجةٍ شديدة للعمل؛ لأن هناك حاجزًا كبيرًا بينك وبين هذا الرجل قد كسر، وتذكَّري أن الرجل متزوِّج؛ بمعنى أنه مُعتاد على القرب مِن النساء أكثر من غيره!

وأُحَذِّرك مِن أمرٍ خطير قد لا تنتبهين إليه هو أن الندم والألم النفسي الذي تشعرين به هو مادة حياة القلب، وهو النورُ الذي يقذفه الله في قلب عبده، فإن لم تفعلي بموجب هذا النور طُفئ، فالهوى والمعصية رياح عاصفة تطفئ ذلك النور أو تكاد، ولا بد أن تضعفه، ومن أجل ذلك كانت السلامة في الدين لا يَعْدِلُها شيءٌ، والقلب سريع العطب وسلامته عزيزة.

وتأمَّلي بارك الله فيك كلام شيخ الإسلام ابن القيم في كتابه الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (ص: 153) حيث قال: "والنظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان، فالنظرةُ تولد خطرة، ثم تولد الخطرة فكرة، ثم تولد الفكرة شهوة، ثم تولد الشهوة إرادة، ثم تقوى فتصير عزيمة جازمة، فيقع الفعل ولا بد ما لم يمنعْ منه مانعٌ، وفي هذا قيل: الصبرُ على غض البصر أيسر مِن الصبر على ألم ما بعده.

وفقك الله لكل خير، وألهمك رشدك، وأعاذك من شر نفسك.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 52
  • 4
  • 36,414

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً