فاشلة في علاقاتي الاجتماعية

كما أني أريد أن أسأل كيف يمكن لشخص أن يتعايشمع أقاربه الذي يسيئون له لفظيا، فأنا أشعر بالضيق و القلق النفسي عند زيارتهم لنا؟ ولا أريد أن أرد لهم الاساءة بمثلها، أريد العيش في راحة نفسية، كرهت حياتي بسبب هذه المشكلة، فهل هناك علاج لحالتي؟ و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.

  • التصنيفات: استشارات تربوية وأسرية -
السؤال:

هل يمكن لشخص فاشل في إقامة علاقات اجتماعية (ومنعزل تماما) أن يصبح إنسان ناجح اجتماعيا؟

أم إن هذا الامر هو أمر فطري،

أنا لا أجيد التعامل مع الغير حتى داخل أسرتي دائما يفهمونني غلط، تصرفاتي غلط، وكلامي غلط، و يؤنبونني

كثيرا على الاخطاء،

رغم أنها غير مقصودة، لذا أصبحت أحب الانفراد ولا أجلس مع أسرتي، وقطعت صلة رحمي، حتى في الدراسة

لا أحب الاجتماع بالزميلات (أحس بأن مستوى تفكيرهن أكبر من مستواي رغم أن لنا نفس السن)،

حتى لا أصاب بالأحراج بسبب كلامي،

من ناحية التفكير ألاحظ بأن فتيات في سن 12 يفكرن بطريقة أفضل مني ويتفطن لأمور لا أنتبه لها

(تفكيري لا يتناسب مع سني، تفكير طفولي) كما أني أريد أن أسأل كيف يمكن لشخص أن يتعايش مع أقاربه الذي يسيئون له لفظيا،

فأنا أشعر بالضيق و القلق النفسي عند زيارتهم لنا؟ ولا أريد أن أرد لهم الاساءة بمثلها، أريد العيش في راحة نفسية، كرهت حياتي بسبب هذه المشكلة، فهل هناك علاج لحالتي؟ و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.

الإجابة:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أختي الفاضلة الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان اجتماعي بطبعه يحب مخالطة الناس والتعايش معهم قال تعالى {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات: 13] ولكن هذه الفطرة والصفة الاجتماعية تختلف مستوياتها بين الناس بحسب الظروف والتجارب والبيئة التي يعيشون فيها، شأنها شأن أي صفات وطبائع أخرى،

 

فعلى سبيل المثال توجد مجتمعات أو أسر يحب الوالدين فيها الصلات الاجتماعية ويشجعون أبنائهم عليها فينشأ أبنائهم وقد غذيت لديهم هذه الصفات سواءً كانت ايجابية أو سلبية ، وقد تمر بالإنسان ظروف معينة تسبب له ردود أفعال متراكمة مع الوقت فتزرع في نفسه اتجاهات ومشاعر غير صحيحة وغير واقعية سواءً عن نفسه أو عن أشياء محيطة به.

 

أختي الفاضلة دعيني أصف حالتك التي ذكرتيها في السؤال بشكل حقيقي وفق معطياتك وعباراتك التي شرحتي فيها حالتك، أنت أختي تعانين من رغبة في الانعزال عن الناس بسبب ما تسبب لك مخالطة الناس من أذى وليس رغبةً أصيلة منك في الانعزال،

 

وأنت تشعرين بأنك تكررين نفس الأخطاء في التصرفات والكلام مع أن من حولك يؤنبونك كثيراً، وأنت تشعرين أن تفكيرك طفولي وأن زميلاتك أفضل منك تفكيراً ، وتعانين كذلك من الإساءات اللفظية التي لا تتحملينها من الأقارب، هذا الوصف السابق أخيتي هو في أغلبه أوهام تشعرين بها بشكل مبالغ فيه بسبب ما ترسخ في ذهنك من أفكار وظنون غير صحيحة تجاه صفاتك وطباعك الخاصة، ولا شك بأن من حولك من أقارب وزميلات أصبحوا يرسخون في داخلك هذه الاعتقادات والظنون الخاطئة،

 

وما يزيد ترسيخ هذه النظرة السلبية التي تشعرين بها تجاه نفسك (في الجانب الاجتماعي) هو استسلامك لذلك ورغبتك في الانعزال ظناً منك بأن هذا هو الحل وأنك لا تملكين أي حلول أخرى ،، أختي الفاضلة الحل بسيط جداً ولكن يحتاج منك إلى صبر وطول نفس وطلب المساعدة من بعض من تثقين به وتحبينه من زميلات أو أقارب،

 

لأن الله عز وجل من حكمته جعل الإنسان قابل للتأثر والتأثير في جميع النواحي سواءً كانت سلبية أو إيجابية طبعاً ببذل أسباب ذلك من الجهد الذاتي ومن تغيير البيئة والخلطة،

ومن حكمة الله عز وجل أن جعل الناس متفاوتين في صفاتهم وخصائصهم ولكن جعل في الجميع نسبة أساسية وبذرة أصيلة موجودة في كل شخص فمثلاً قد يتفاوت الناس في مستويات تفكيرهم ولكن كل الناس قادرون على ممارسة التفكير وقادرون كذلك على تطوير مستوى تفكيرهم بالتعلم والقراءة وغيرها،

 

أختي الفاضلة أنت بحاجة إلى إعادة الثقة في نفسك وفي قدراتك وعدم الاستسلام لنظرة من حولك لأن الاستسلام لذلك يضعف ثقتك في نفسك من جهة ويرسخ لدى من حولك نظرتهم غير الصحيحة تجاهك، ونتائج هذه التراكمات المتداخلة تجعلك أكثر حساسية لكل لفظ تسمعينه ممن حولك ويجعلك تفسيرين التصرفات ممن حولك تفسيراً بعيداً وغير صحيحاً كل ذلك بسبب ما ترسخ في ذهنك من أفكار واتجاهات غير صحيحة تجاه نفسك وقدراتك وصفاتك،

 

أختي الفاضلة اتبعي الخطوات التالية بجدية وصبر ونفس طويل وستحل مشكلتك بإذن الله.

1- أشكري الله على ما منحك من نعم عظيمة وثقي بأن لديك الكثير من الصفات والقدرات التي قد حرمها غيرك، هذا الشعور بالرضا هو خطوة أولى لتغيير قناعاتك الخاطئة في صفاتك وقدراتك.

 

2- اجلسي مع نفسك جلسة تأمل ومصارحة ذاتية وحاولي أن تحصري بعض الصفات الايجابية التي تميزك ولا شك أنها كثيرة في كل إنسان مثلاً علاقتك بوالديك وبرهما أو قدرتك على ممارسة مهارة معينة كالطبخ أو الرسم وغيرها. طبعاً قد تجدين صعوبة في البداية لأنك تظنين بأن هذه صفات عادية جداً ولكنها مميزات وأنت لا تشعرين بها.

 

3- اجتهدي في تجنب الأخطاء التي تشعرين أنها متكررة وأن من حولك ينبهونك عليها كثيراً طبعاً لابد من المجاهدة والتدريب وعدم الاستسلام حال تكرار الخطأ ومع الصبر والمحاولة ستنجحين بإذن الله ولكن احذري من الاستجابة لكل ملاحظة تذكر لك فقد تكون بعضها مبالغ فيها وبسبب تصوراتهم السابقة عنك يبالغون في ذكر هذه الملحوظات. عموماً مع اجتهادك وتدربك ستزول هذه الأخطاء بإذن الله.

 

4- لا مانع من أن تقللي من الجلوس مع بعض من يثقل عليك في تصيد الأخطاء ويؤذيك بالعبارات ولكن لا تنعزلي أبداًً وجالسي من ترتاحين معهم ومن يشجعونك على تطوير نفسك، لأن الانعزال لا يحل أبداً المشكلة بل يزيدها.

 

5-صارحي من تثقين به وتحبيه كالوالدة أو احدى الأخوات بما تشعرين به واطلبي منها مساعدتك في تطوير نفسك والتدرب على المخالطة الاجتماعية الصحيحة مع الناس. واحرصي على أن تكون معك في اجتماعاتك مع الآخرين لتساعدك في تقييم تصرفاتك.

 

6- التفكير وحسن الكلام وانتقاء العبارات مهارة يستطيع أن يتدرب عليها كل أحد بالقراءة أو حضور الدورات التدريبية فمن الجيد أن تطوري نفسك في مثل هذه المهارات سواءً بالقراءة أو التدرب وتوجد كتب كثيرة ومواقع في شبكة الانترنت تفيدك بإذن الله في هذا الموضوع.

 

7- أملاي قلبك بالتفاؤل والأمل والرضا وأكثري من ذكر الله والتقرب إليه وحافظي على الفرائض خاصةً الصلوات حتى تشعري بالطمأنينة والسكينة التي تساعدك على مواجهة ضغوط الحياة وأكثري من دعاء الله والالتجاء إليه قال تعالى (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) فالله عز وجل نعم المعين والمستعان

وفقك الله لكل خير وأعانك وسددك

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد

المستشار: أ. هاشم الأهدل