سقوط نفقة الناشز

منذ 2020-10-25
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أثابكم الله ونفع بعلمكم.

أنا متزوجة منذ ست سنوات، وصبرت على زوجي وظروفه، وكنت قائمة بجميع حقوقه، ثم حدث بيني وبينه خلاف؛ بسبب تسلُّطه وتسويفه لكل متطلباتي، وبسبب أن البيت غير مؤهل للسكن، وغير آمن لي ولأطفالي، فذهبت لأهلي معه، واخترت عدم الرجوع للبيت، طلبت منه إخراجي من البيت إما بشراء منزل أو استئجاره، فاختار الشراء وطلب مني الرجوع إلى نفس البيت والصبر، فرفضت؛ لأني لم أعد أستطيع العيش فيه أبدًا، وقلت له: أصبر على ظروفك، لكن في بيت والدي، فاتَّهمني بالنشوز وحرمني من جميع حقوقي، وعلى رأسها النفقة، وظللت على ذلك قرابة خمسة أشهر.

فهل أنا ناشز؟ بالرغم من أنه لم يوفر لي حياة كريمة، ولم يعاشرني بالمعروف، فأهم ما في الزواج لم يعطني إياه، أرجو منكم الإجابة، ولكم مني خالص الدعاء.

الإجابة:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:

أولًا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

مرحبًا بكِ أيتها الأخت الفاضلة، ونسأل الله لكِ ولزوجكِ الهداية والتوفيق، والسداد والتيسير.

 

ثانيًا: نعم، فعلُكِ هذا يُعدَّ نشوزًا، فليس مجرد خلافات بينكِ وبين زوجكِ تبيح لكِ ترك البيت وجلوسكِ في بيت أهلكِ، وكونكِ اشترطتِ على زوجكِ تغيير البيت، ووافق وطلب مهلة لتدبير أمره، فهذا سبب كافٍ على تعاونه وسعيه في تلبية رغبتكِ.

 

جاء في "تحفة المحتاج (ص: 508)" عند الكلام عن موجبات النفقة، ومسقطاتها قوله: "والخروج من بيته - أي: من المحل الذي رضي بإقامتها فيه - ولو ببيتها، أو بيت أبيها - كما هو ظاهر - ولو لعبادة، وإن كان غائبًا - بتفصيله الآتي - بلا إذن منه، ولا ظن رضاه - عصيانٌ ونشوز؛ إذ له عليها حق الحبس في مقابلة المؤن ...".

 

ثم كيف تصبرين على ظروفه وأنتِ في بيت أهلكِ؟ أليس لزوجكِ طلبات ورغبات يحتاج إلى تلبيتها؟ فكيف ذلك وأنتِ في مكانٍ وهو في مكان؟

 

ثالثًا: أما قول زوجك أن النفقة تسقط عنكِ لأنك ناشز؛ فصحيح لا سيما مع جلوسكِ في بيت أهلكِ كل هذه المدة.

 

جاء في تفسير القرطبي (3/ 114): "قال ابن المنذر: اتفق أهل العلم على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن إذا كانوا جميعًا بالغين، إلا الناشز منهن الممتنعة، وقال أبو عمر: من نشزت عنه امرأته بعد دخوله، سقطت عنه نفقتها إلا أن تكون حاملًا، وخالف ابن القاسم جماعة الفقهاء في نفقة الناشز فأوجبها".

 

وفي المغني لابن قدامة (8/ 189): "فمتى امتنعتْ مِن فراشه، أو خرجت من منزله بغير إذنه، أو امتنعت من الانتقال معه إلى مسكن مثلها، أو من السفر معه، فلا نفقة لها ولا سكنى في قول عامة أهل العلم؛ منهم: الشعبي، وحماد، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي، وأبو ثور، وقال الحكم: لها النفقة، وقال ابن المنذر: لا أعلم أحدًا خالف هؤلاء إلا الحكم، ولعله يحتج بأن نشوزها لا يسقط مهرها، فكذلك نفقتها".

 

والنصيحة لكِ: أن تتقي الله تعالى، وأن تحذَري من عصيان زوجكِ وإغضابه، ومن المعاشرة بالمعروف: التغاضي وعدم تعقُّب الأمور صغيرها وكبيرها، وعدم التوبيخ والتعنيف في كل شيء إلا في حقوق الله عز وجل، ومن أعظم ما يعين على صفاء العيش بين الزوجين حسن الخلق.

 

هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

  • 2
  • 0
  • 1,957

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً