من أين أبدأ طلب العلم؟

  • التصنيفات: طلب العلم -
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

أريد أن أتعلَّم العلوم الشرعية، ولا سيما ما يحتاجه كل فرد مسلم ومسلمة، وأعرف كتبًا كثيرة بفضل الله لكل أنواع العلوم الشرعية؛ من عقيدة وفقهٍ وسيرة، وغيرهم من الكتب، وأعرف شيوخًا وعلماءَ أفاضلَ، قدماء ومعاصرين على اليوتيوب، وأعرف مواقع إسلامية على جوجل غير موقعكم الفاضل، الكتب موجودة وأعرف كثيرًا منها، والمشكلة ليست في جهلي بكتب علوم الشرع أو بالشيوخ، مشكلتي هي كيف أبدأ؟ ومن أين بالضبط؟ وهل يمكنني تعلُّم الشرع وحدي، أم أحتاج إلى مساندة خارجية؟ علمًا أنني لا أخرج من المنزل إلا قليلًا، ولا أعرف الناس ولا أخالطهم إلا قليلًا، فهل أبدأ بحفظ القرآن والأحاديث، أم أُقدِّم الفهم والفقه على الحفظ؟ أرشدوني، أرشدكم الله.

الإجابة:

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى؛ أما بعد:

فيا بنتي الكريمة، أسأل الله العظيم أن يثبتكِ على طاعته، وأن يوفقكِ لكل خير، وأن يرزقكِ زوجًا وذرية صالحة، وإجابة على سؤالكِ أقول:

• بدايةً أعجبني حرصكِ على طلب العلم، وهذا باب من الخير لا يُفتَح إلا لمن وفَّقه الله لطاعته، وهي دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمه عبدالله بن العباس؛ عندما قال له: «اللهم فقِّهه في الدين» (أخرجه البخاري)، فأسأل الله أن يوفقكِ لطلب العلم الشرعي.

 

• أذكركِ - يا بنتي - بإخلاص العمل لله وحده، حتى يوفقكِ ويبارك لكِ في عمركِ وعملكِ ومستقبلكِ؛ قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5]، فالمخْلِص هو الذي يقصد بعمله وجهَ الله؛ من صيام وصدقة وصلاة وطلب للعلم، من غير رياء ولا سمعة، ولا قصدٍ للدنيا.

 

• الحرص على الدعاء الصالح، والاجتهاد والإلحاح على رب العالمين، بأن يوفقكِ، ويخلص نيتكِ، ويعينكِ على طلب العلم، فالخير كله بيد الله، واحرصي على الأوقات والأزمنة والأماكن التي يُرجى فيها إجابة الدعاء.

 

• البداية في طلب العلم دائمًا تكون بالكتب السهلة والميسَّرة من كتب العلماء الموثوقين، والأَولَى البداية بما كان تعلمه واجبًا عليكِ، وما يحتاجه المسلم في أصول إيمانه، وما تصح به صلاته وعبادته، وحلاله وحرامه.

 

• الحرص على كتاب الله، من حِفْظٍ وقراءة وتدبُّرٍ، فهو الْمُعين بعد الله على طلب العلم.

 

• من الأمور التي يُنصحُ بها طالب العلم الدراسةُ على مذهب معين، وهو طريق العلماء قديمًا وحديثًا، ولا أقصد هنا التعصب لمذهب معين وإنما من باب التركيز؛ كما قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: "ولا شكَّ أن الإنسان ينبغي له أن يركِّزَ على مذهب معين، يحفظه ويحفظ أصوله وقواعده، ويأخذ من المذاهب الأخرى ما قام الدليل على صحته".

 

• التحلي بآداب طالب العلم؛ كالصبر والإخلاص، ومراقبة الله، واغتنام الأوقات الفاضلة، ومطالعة الكتب، واختيار الصاحب، والتأدب مع الشيخ، والحذر من الاشتغال باختلاف العلماء.

 

• طلب العلم من الكتب، أو المتابعة عن طريق القنوات الإلكترونية فيه خير كثير، لكن الأَولَى هو الالتزام على شيخ معروف بصلاح دينه وعقيدته وأخلاقه؛ حتى يبصِّركِ ويرشدكِ للمسائل الشرعية، وهذا يكون إما بالحضور في المساجد، أو عن طريق القنوات الإلكترونية كالتعليم عن بُعْدٍ.

 

• إن كان الخروج صعبًا عليكِ، فمن الممكن متابعة بعض العلماء المعتبرين عن طريق مواقعهم الإلكترونية، وسماع دروسهم الشرعية، وما أشكل عليكِ، قومي بالتواصل معهم عن طريق الإنترنت لإرشادكِ بما هو صحيح، وما هو غير صحيح.

 

• الحرص على الصحبة الصالحة، حتى وإن كان عن بُعْدٍ، فهم عون لكِ على طلب العلم.

 

• هناك بعض الأكاديميات الموثوقة التي على منهج السلف الصالح، يمكن التسجيل فيها والانتساب لها، وهي تعطي شهادات معتبرة وموثوقة؛ كمعهد الحرم المكي الشريف في مكة المكرمة، التابع لرئاسة شؤون الحرمين، فهو يُعنى بدراسة العلوم الشرعية وما يخدمها.

 

أسأل الله العظيم أن يفتح بصيرتكِ، ويوفقكِ لكل خير، وأن يثبتكِ على طاعته، وصلى الله على سيدنا محمد.