زعلت على ابني بسبب نتيجته، فهل تصرفي صحيح؟

منذ 2017-07-19

في مجتمعاتنا العربية تدنّت مستويات التعليم، ومما يدلل على ذلك: انتشار ظاهرة عُبّاد العلامة، فأصبح المعلمون والإدارات ومن ورائهم من أولياء الأمور يقيسون مستوى أبنائهم وطلاب العلم بالعلامة، ونتيجة التحصيل آخر العام؛ وهذا ظلمٌ وأيّ ظلم.

السؤال:

ذهبت اليوم أنا وابني إلى المدرسة لاستلام الشهادة، علمًا أن ابني يدرس بالصف الخامس الابتدائي، والنتيجة تعتبر جيدة جدًا، لكني زعلت منه كثيرًا كأم، أريد أن تكون النتيجة أفضل من ذلك، ووبخته، وأسمعته كلامًا قاسيًا، ثم أحسست بالندم على هذا التصرف. ماذا أفعل؟ هل كان تصرفي صحيحًا أم أني بالغت؟ وماذا أفعل معه الآن؟

الإجابة:

شعورك بالندم دليل على حرصك على ابنك؛ وهنا يسهل التئام الجراح ومعالجة الموقف بعون الله.

في مجتمعاتنا العربية تدنّت مستويات التعليم، ومما يدلل على ذلك: انتشار ظاهرة عُبّاد العلامة، فأصبح المعلمون والإدارات ومن ورائهم من أولياء الأمور يقيسون مستوى أبنائهم وطلاب العلم بالعلامة، ونتيجة التحصيل آخر العام؛ وهذا ظلمٌ وأيّ ظلم!

موقفك من ابنك فيه قسوة وظلم، وقد يترك أثرًا سلبيًا في نفسية ابنك وفي تراجع مستواه وحبّه للعلم والمعرفة التي فطرنا الله عليها، لكننا نسيء توجيه أبنائنا بما يتناغم مع الفطرة الجميلة، ما لم نستدرك الموقف، وإني أخشى ان تكون وبّخته أمام الناس في حضرة الإدارة أو المعلمين أو أصدقائه؛ وهذا سيزيد الألم النفسي والأثر السلبي عمقًا إن لم يقوّم مباشرة.

اجلس مع ابنك على انفراد، وحاوره بحب واحترام، واعتذر له عما بدر منك، وأشعره بأنك تثق به وأنك تفتخر بما قدّمه هذا العام، وتتمنى منه التميّز في الاجتهاد كمنهج حياة، وأن العلم هو المهم وليس العلامة، وأنك تعرف كم يحب ابنك التعلم ويحرص على معرفة كل جديد.

أسمعه كلام الثقة والمدح اللائق به، ولا تذكر ما ليس فيه من صفات، كأن تبالغ في وصف حرصه على الدراسة اليومية مثلاً.

أمسك يده بين الحين والآخر وأنت تحدثه، ابتسم، كن حريصًا على أن يطمئن ويعبّر لك بعدما سمعك.

اسمع منه، قد تسمع ما لا يرضيك، فلا تبتئس، والتمس له العذر؛ فالحوار مرحلة لتهذيب سلوك الأبناء وتدريبهم على الذوقيات والأصول.

تعاهد معه على تصويب الأمر تحت عنوان: (ما المطلوب منك يا بنيّ؟ وماذا تريد مني كي ترتقي بالعلم وبالدرجات؟).

اتفقا على كل ما من شأنه أن يحسّن الحال ويخفف عقبات الطريق أمامك وأمام ابنك.

اقرأ -سيدي- في عناوين مهمة مثل أنواع الذكاءات؛ فأغلب العباقرة يتميزون بذكاءات لا يعرفها الأهل ولا المعلمون فيُظلَمون، وأكدت الدراسات أن القياديين والمتميزين كانوا ممن يحظون بالجيد والجيد جدًا ودون الممتاز؛ لأنّ أساليب التدريس روتينية تقليدية تلقينية تخالف مقومات التفكير والتميز والإبداع، فعليك سيدي أن تعرف ابنك أكثر، وتعينه خلال العام على التميز في تحصيل المعلومات والمهارات، لا الدرجات والعلامات فقط.

اقرأ وتابع إصدارات الدكتور مصطفى أبو سعد من خلال الشبكة العنكبوتية "net"

علق نفسك وابنك بالمعرفة والعلم، وتقبل أن تتذبذب العلامات بين الحين والآخر.

اربط ابنك في مجالس علم خارج المدرسة؛ كي يعلم أن العلم غير مرتبط فقط بمصالح دنيوية وعلامات لغايات الدراسة العليا والوظيفة.

واحرص معه على العلم الشرعي وحفظ القرآن وتدبر آياته، شاركه فيما تستطيع من أنشطة، أشعره بحبك وقربك واهتمامك بما يهتم؛ حتى يبرّك ويهتم بما تهتم به أنت.

افتخر به أمام الأقارب والمحبّين، وحصّنه من كل سوء؛ الافتخار به لا يرتبط بالعلامة بل بالشخصية، فقل عنه مثلاً: لقد حاز على مستوى جيد جدًا، لكنه قادر على الامتياز بكل جدارة. قلها وأنت تنظر إليه وتبتسم؛ هذه من وسائل تعزيز الثقة بالنفس عند الأطفال خاصة، افتخر بخلُقه وبعلمه خارج المدرسة، افتخر بقراءاته وبصلاته، وببره لأمه وبمعاونته للغير، افتخر بمهاراته، كإلقاء الشعر وكتابة الخواطر وممارسة الرياضة.

لا تغضب للعلامة، ولكن اجعل حزنك وغضبك لما فاته من علم وهو قادر على اكتسابه، استثمر في ابنك كل ما تستطيع، وربّه على عظائم الأمور والهمم العوالي بحب وإشفاق وتربية ربانية طيبة.

حمى الله لك ابنك، وزاده علمًا وفهمًا وهمّة، وجعله قرّة عين لك وذخرًا لأمته والأوطان.

 

المستشار: د. منال العواودة
  • 3
  • 0
  • 2,937

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً