حكم استعمال الحبوب والحقن لمنع الحمل

منذ 2006-12-01
السؤال: ما حكم استعمال الحبوب والحقن لمنع الحمل؟ وهل يجوز للمرأة أن تستعملها إذا كانت تخاف الولادة والحال أن لها جنيناً؟
الإجابة: إن على المسلمات أن يعلمن أن هذه الأمة تتعرض لمؤامرة دولية عظيمة يُقصد بها تقليل أفرادها، فليس لدى أمة الإسلام قوة ضاربة إلا عدد أفرادها، والأمم الكافرة تسعى لتقليل أعداد المسلمين، وقد قرأت في تقرير في الولايات المتحدة الأمريكية أن الأفارقة امتنعوا عن تنفيذ مخططات تحديد النسل فليس لهم حل ولا علاج إلا بإثارة الحروب الطاحنة فيما بينهم، إن أعداء الله يخططون لتقليل سواد المسلمين ولنقص أعدادهم، فعلى المسلمين ألا ينخدعوا بهذه الدعاية، وليتذكروا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "تناكحوا تناسلوا فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة"، وليعلموا أن الأولاد والنسمات كلها بيد الله لا يتكون منها ولا يخلق إلا من شاء الله أن يخلق، فأيما نفس أو نسمة لم يرد الله أن تتكون فلن تتكون، وأيما نسمة أراد الله أن تخلق وتتكون فلا يمكن أن تمنع من ذلك، {يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور * أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير} فعلى المسلمين ألا ينخدعوا بمثل هذه الدعايات، وقد أفرخت وأباضت في المجتمعات المسلمة تحت كثير من اللافتات واللائحات، فتجدونها تارة تحت عنوان تنظيم الأسرة، وتارة تحت عنوان ترقية الأسرة، وغير ذلك من اللافتات المغرضة التي لا يقصد بها إلا نقص أعداد المسلمين.

إن البلدان الغربية التي يتفشى فيها الفجور والرذيلة تتناقص فيها الأعداد بشكل رهيب، ففي كل إحصاء ينتقص سكان فرنسا والولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا، وأكثر دولة تعرضاً لنقص أعدادها هولندا التي تبيح بيع المخدرات، وتبيح كل أنواع الشذوذ والفجور وتشرعه، ولذلك فإنهم يسعون لأن ينشروا هذه الرذيلة في المجتمعات الأخرى حتى تقل أفرادها، ولهم من وراء ذلك كثير من المئارب:

فأولاً إن الدول المُصنِّعة تنظر إلى الأمور كلها بالنظرة المادية، فهم يريدون الاستغناء عن الجنس البشري بقدر ما يمكن، فيريدون أن تكون الآلات الكهربية تقوم مقام الإنسان حتى لا يحتاج إلى اليد العاملة، فيصنعون هذه الآلات ويبذلون فيها الأموال الطائلة، ولا يمكن أن تستقبلها المجتمعات وأن تنتشر فيها ما دامت اليد العاملة أرخص منها، فهم يريدون أن تكون اليد العاملة أغلى من الأجهزة التقنية، ليقبل الناس على شراء هذه الأجهزة حتى تروج تجارتهم وبضاعتهم.

الأمر الآخر أنهم أيضاً يريدون أن يكون هذا الإنسان كآلة من الآلات قابلاً للبرمجة، ولذلك فكل المناهج التربوية والتعليمية يقصد بها القضاء على كثير من ملكات الإنسان، وتوجيهها توجيهاً خاطئاً، وصد الإنسان عن أن يبدع في أي مجال من المجالات، وفي هذا المسجد ولله الحمد عدد من أساتذة الجامعة وغيرهم من المطلعين على المناهج فهم يعرفون أنهم سنوياً إذا قارنوا إنتاجهم تحت الظروف العالمية الحالية وإنتاجهم فيما لو تحرروا من ذلك لوجدوا البون شاسعاً، فهم الآن يتعاملون مع الأشخاص كما يتعاملون مع الماكينات، ولا ينظر في تقويم الأشخاص وامتحانهم إلى نجاح الفرد في تحقيقه لعبودية الله في الأرض، ولا لالتزامه بالدين، وإنما ينظر إليه في إجابة سؤال محدد فيجيبه، وبالأخص أن الطريقة الأمريكية في الامتحانات أصبحت السائدة اليوم، فيكتب في خانة: "نعم"، وفي خانة: "لا"، ثم إن هذه المؤامرة الدولية كذلك تتولى كبرها الولايات المتحدة الأمريكية فتسعى لتقليل النسل في البلدان التي تزداد فيها النسمات، وبالأخص في مصر مثلاً من العالم العربي، فتخصص الولايات المتحدة الأمريكية سنوياً جزءاً من ميزانيتها لتحديد النسل في مصر، ويصنع أنواع من الواقي مخصصة لشعوب العالم الثالث، وكذلك من حبوب منع الحمل وغيرها من وسائل تقليل النسل، فإذا عرفنا هذه المؤامرة وأدركنا أبعادها وخطورتها فعلينا أن نعلم كذلك أن تحديد النسل له وسائل كثيرة:

فمنها الحبوب التي تبتلع، وهذه الحبوب يترتب عليها كثير من الأضرار، فهي سبب للإستحاضة الدائمة، بحيث تكون المرأة تشك في صومها وصلاتها وطهارتها وقراءتها للقرآن، وحتى في معاشرتها مع زوجها، وهذا ضرر بيِّن، كذلك فيها زيادة الخصوبة بحيث تكون المرأة متعرضة لزيادة التوائم مما يؤدي إلى الخطر على حياتها وحياة أولادها، وهي كذلك سبب لبعض السرطانات كسرطان الثدي وغيره.

وكذلك من هذه الأسباب الحقن الواقية من الحمل: وهذه الحقن كذلك يترتب عليها كثير من الأضرار، ففيها زيادة أنواع من الهرمونات، وفيها تغيير للون البشرة، وفيها تشجيع لنبات الشعر في الوجه، وفيها تشجيع كذلك لنمو الأكياس الدهنية التي هي عرضة للإلتهاب في أي وقت من الأوقات.

ثم من هذه الأسباب كذلك: اللولب أي ربط عنق الرحم، وهذا اللولب يترتب عليه أضرار كثيرة، من أخطرها كشف العورات من غير ضرورة، فالذي يباشر ربط عنق الرحم في العادة طبيب ليس زوجاً للمرأة، ولا يحل له الكشف عن ذلك منها إلا لضرورة، وليس تحديد النسل ضرورة، ثم إنه يترتب عليه كذلك تقلص الرحم، وكثيراً ما يؤدي إلى سقوطه لأن الرحم إنما ربطه الله بأسلاك عصبية خفيفة، فإذا رُبط وتعددت عملية الربط فكثيراً ما يؤدي ذلك إلى انخلاعه وسقوطه من الخصرين، وذلك يؤدي إلى آلام شديدة بحيث لا تستطيع المرأة إذا كانت حاملاً وقد سقط رحمها أن تتحرك أية حركة، بل ينصحها الأطباء بالاستلقاء لمدة أشهر حتى يتم نمو الجنين في رحمها، لأن الرحم ساقط لا يحمله ولا يرتفع به، وكذلك يؤدي إلى ضعف الحوض، ضعف عظام الحوض وهذا خطر ماحق.

ثم من هذه الأسباب كذلك استعمال الواقي الذكري الذي يستعمله الرجال، وفيه أضرار عظيمة منها أن البلاستيك نفسه الذي يستعمله الرجال كثيراً ما تكون فيه فتحات ضيقة لا تُرى بالعين المجردة فيقع منها التسرب لبعض السائل المنوي المحمل للحيوانات، فيقع الحمل، فتقع المشكلات الكبيرة بحيث يُنكر الزوج أن يكون الحمل منه لأنه استعمل الواقي، وكذلك فإن البلاستيك نفسه مغطى بأنواع من الأحماض التي هي مضرة بداخل بدن المرأة.

إن هذه الأضرار الكبيرة تقتضي تجنب هذه الوسائل كلها، ولو ترتب عليها بعض المنافع فإن المضار إذا غلبت على المنافع وجب تجنبها، كما قال الله تعالى: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما}، أما إذا كانت المرأة مضطرة لتجنب الحمل في فترة معينة بسبب مرض لاحق بها أو بسبب ضعف لديها عن تتابع الإنجاب أو بسبب خوف على ولدها في وقت الإرضاع، فإنه بالإمكان أن تستعمل بعض الوسائل الشرعية لتأخير الحمل.

من هذه الوسائل: العزل إذا اتفق عليه الزوجان، وقد أذن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "كنا نعزل والقرآن ينزل"، معناه أن الله أقرهم على ذلك، فما كان في وقت نزول القرآن ولم ينزل قرآن بمنعه دلَّ ذلك على أن الله أقر عليه، وإقرار الله على الحكم تشريع له، كتقرير النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو قسم من أقسام سنته.

النوع الثاني من هذه الأسباب الشرعية: الامتناع عن الو قاع في فترة قبول البويضة للتلقيح، فإن عنقي الرحم كل واحد منهما ينتج بييضة، فينتجها هذا هذا الشهر وينتجها الأخر في الشهر الذي يليه، ثم تعود الدورة إلى العنق الأخر وهكذا دواليك بالترتيب بتدبير الحكيم الخبير سبحانه وتعالى، فتنزل هذه البييضة إلى المكان الذي تستقر فيه وهو المبيض، وتكون قابلة للتلقيح عن طريق قناة فالوب وعن طريق المهبل في وقت محدد، وهو في اليوم الرابع عشر من بداية الدورة. بداية الدورة هي المعتبرة لا نهايتها لأن نهايتها مشككة باعتبار النساء فبعض المساء أطول دورة من بعض، فالعبرة ببدايتها، فإذا عدت المرأة أربعة عشر يوماً من بداية دورتها فإن البويضة في ذلك الوقت قابلة للتلقيح، فإذا حصل امتناع عن الو قاع والاتصال في تلك الفترة في ثمانٍ وأربعين ساعة أو في اثنتين وسبعين ساعة فإنه لا يقع حمل بحول الله وقوته، وقد سبق أن بينَّا أنَّ ما أراد الله فسيقع: "ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.

محمد الحسن الددو الشنقيطي

أحد الوجوه البارزة للتيار الإسلامي وأحد أبرز العلماء الشبان في موريتانيا و مدير المركز العلمي في نواكشوط.

  • 5
  • 2
  • 29,171

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً