إقامة الموالد ومبايعة الخليفة والذبح والتبرع عندها

منذ 2006-12-01
السؤال: إن في وطننا هذا يُعقد حفل حول قبر رجل صالح في كل سنة، ويذكر هذا باسم عرس ينسب ذلك إلى رجل من أولياء الله تعالى، والغرض إيصال ثواب على روح المتوفى -يذبح البقر والغنم في هذا التقريب ويطعم الزائرون المساهمون، ويرجى بذلك التقرب إلى الله تعالى بالتوسل بالمتوفى- وليس هذا العرس عزومة فقط.

ومن الأعمال بهذا التقريب: إنارة القبور المنسوبة وتزيينها وتجميلها باللمبات الملونة والحجاب على القبور المسطحة بالرخام أو الإسمنت وحولها، ويدعى الناس ووسائل الإعلام والنشر للحضور إليها، ويحرق العود، ويعقد حفل ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم ويصلى عليه قائماً وقاعداً بصوت عالٍ، ويغني أغنية الحمد والثناء بالآلات الموسيقية وبدونها، ويسمى هذا: ذكر جلي ويستلم جدر القبور ويزعم أنه عمل فيه بركة.

يقرأ القرآن حول القبر ويصلى بجنبه، يقبل هديات ونقوداً، ويصرف المبلغ لبناء ساحات أو البيوت ليسكن الزائرون، أو لبناء بيت مثل المسجد على القبر أو مسجد بجنبه، ومن الزائرين رجال ونساء وأطفال، وهم يرجون رحمة الله والتوسل إليه ليرزقهم أولاداً ومالاً ويكشف عنهم الكرب والآفات والمرض وكذا وكذا، ويدعو ورثة المتوفى أو من يناب أو المنظم أو الخادم الزائرين ليبايعوا على أيديهم متبعين لسنة المتوفى، وهذا هو هدفهم؛ لأن البيعة تهدي إلى طريق الرشد وبكل ذلك يتوقع التوسل إلى الله الكبير ورضاه، ومن الناس من يشد الرحال لزيارة القبر من مسافة بعيدة ويسافر الزائرون إلى أطراف البلاد وخارجاً عبر الحدود ليطبعوا صورهم في الجرائد ويفيدوا الناس ببيان قدومهم مثلاً: وصل خادم أجميز الشريف بالهند فلان... بدكا أو كراتشي ويدعو الناس أن يستعجلوا بإعطاء الهديات والنقود ويبتدروا بقبول هديات من جهة النائبين قبل أن يغادروا.

والهديات التي يعطون الناس زهور من بستان المتوفى أو قبره أو أرض المتصل بقبره، وهم يرسلون خطابات مطبوعة إلى الناس حول العالم حتى إلى العواصم المقدسة -مكة والمدينة- وعاينت بعضها وكتبت هذه المراسلات إلى المسلمين البنجلاديش والباكستان بلغاتهم، وهم مقيمون في السعودية للعمل، والمراسلات التي رأيتها كانت من نائب أجميز الشريف بالهند، يكتب في معنى مواعد المناسك يعني: كيف ومتى يفعل طواف حول القبر، كيف ومتى يفتح باب الجنة، وهو آخر دار القبر وكذا وكذا والعياذ بالله عز وجل- المهم أنهم يشجعون الناس ويحذرون بهذه المكتوبات ليبعثوا بهديات وأن يرسلوا عناوين أصدقائهم مهما يكونوا ويعاقبوا، فيفعلون ما يؤمرون خشية العقاب، ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً.

سيدي: عندنا غدير كبير جنب قبر رجل صالح، وقد توفي قبل سبعمائة سنة، وكان داعياً إلى الإسلام، معروف في التاريخ واسمه: شاه جلال اليماني رحمه الله بمنطقة سلمت، وفي هذا الغدير المذكور أسماك يزعمها مقدسة... إذا يموت أي: السمك يصلى عليه صلاة الجنازة ويدفن، وفي هذه المنطقة، أكثر الناس لا يأكلون حمامة أو يمنع من أكلها بكونها منسوبة إلى ذلك الرجل الصالح، وبعض الناس يعتقدون أنها من ممتلكات شاه جلال -فلا يؤكل- وكذا عندنا حاكية سلحفاة المقدسة وغيرها وقفا نبكي، إن في عامنا هذا وفي هذا الأسبوع حدث أمر عجيب وحذرنا هذا جداً، قد أعلن شخص وهو يتبع رجل لا نعلم عنه أي شيء أنه يريد عرس شيخه فاستورد 25 جملاً من باكستان، الجمل حيوان غريب نادر في أرضنا ونقرأ عنه في قصص الصحارى والعرب، وابتاع آلافاً من البقر والغنم وسكن البهائم بالمعارض في العاصمة ليراها الناس وكل هذه الأنعام هدي بشعار وقلاد محلي فجنت قلوب الناس بها حتى ساقوا بالجمل إلى محلها، والدبابات أبو كفرتين والسيارات تجري أمامها وخلفها في الصفوف بكامل الاحتياط العسكري- فمئات آلاف من عوام الناس وخواصهم قد ساهموا العرس حتى عدد كبير من زعماء البلاد والمسئولين الكبار من المدنيين والعسكريين في الحكومة وخارجها كانوا فيمن سافروا إلى محفل العرس التي استغرقت ثلاثة أيام ولياليها بالسيارات وبالهليوكبتر- بايعوا الناس على يد النائب المرشد -ورد هذا الفعل والله موبق ما رآينا قبل فنخاف وإيماننا ضعيف وأن الناس على دين ملوكهم أو كما تكونوا يولى عليكم، وأستغفر الله إن الله غفور رحيم، تستمر الأذهان والجوع باختراع قبور جديدة في أقصى الأرض وأدناها، وتدعو الناس إلى هذه الحفلات الضالة وتحض الناس على إنفاق المال، وترغب وترهب بقصص مفترى عن جلالة وعظمة المتوفى وولي الله المفروض، حتى تقف القطارات والحافلات بجانب القبور ويرمي الناس نقودهم أو يسلم على المتوفى، وصارت هذه القبور مصادر في الاكتساب والمعيشة والعياذ بالله.

فأفتونا في هذه الأمور كلها في ضوء كتاب الله وسنة رسوله وإجماع الأمة?
الإجابة: هذه الأمور التي ذكرت أمور منكرة بلا شك وبدع وضلالات أوحى الشيطان بها إلى ضعفاء العقول وقليلي البصائر; ليصدهم بها بواسطة أتباعهم المتأكلين بها عن صراط الله المستقيم الذي هدى الله له الفرقة الناجية من بين فرق هذه الأمة، فليس في الإسلام إقامة احتفال بمولود شيخ ولا نبي ولا غيره، وليس في الإسلام ذبح لغير الله، بل هذا شرك أكبر يخلد من مات عليه في النار؛ لقول الله عز وجل: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له} الآية، وليس في الإسلام أيضاً تبرك بأحجار وتراب القبور، فهذا من أنواع العبادة وأهلها وإشراكهم مع الله سبحانه وتعالى، وهو شرك أكبر، وليس في الإسلام بناء على القبور أو تخصيص أو ترخيم لها، بل ذلك مما نهى عنه صلى الله عليه وسلم، وليس في الإسلام عمل أي عبادة عند القبور لا صلاة ولا تلاوة ولا ذبح ولا توزيع طعام ولا طواف بها ولا غير ذلك، إنما المشروع أن تزار للعظة وأن يدعى لأهلها، وليس في الإسلام توسل بالأموات مطلقا لا بجاههم ولا بحقهم ولا بذواتهم، بل ذلك من البدع ومن وسائل الشرك، وإنما التوسل يكون بأسماء الله سبحانه وصفاته وتوحيده والإيمان به وسائر الأعمال الصالحات.

ومن الأدلة على ما ذكرنا من تحريم التبرك بأرض القبور وأهلها وأن ذلك من الشرك الأكبر ما رواه الترمذي وغيره بإسناد صحيح عن أبي واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها: ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر، إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة".

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية - المجلد العاشر (العقيدة).

اللجنة الدائمة

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

  • 0
  • 0
  • 11,117

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً