رُؤيةٌ شرعيةٌ في عملِ المرأةِ مأذوناً شرعياً

منذ 2015-09-28
السؤال:

ما قولكم في تولي المرأةِ وظيفةَ مأذونٍ شرعيٍ؟ 

الإجابة:

أولاً:

ليس في فقهنا الإسلامي وظيفة مأذونٍ شرعيٍ،وإنما أُحدثت هذه الوظيفة بعد القرن الخامس الهجري على قول بعض الباحثين، وفي زماننا أصبحت وظيفة المأذون الشرعي متفرعةً عن القضاء الشرعي، فالقاضي الشرعي هو الذي يكلف المأذون الشرعي بكتابة وتوثيق عقود النكاح، وتسجليها في المحكمة الشرعية.

ورد في قانون الأحوال الشخصية المعمول به في الضفة الغربية: [ المادة 17:
(أ) يجب على الخاطب مراجعة القاضي أو نائبه لإجراء العقد.
(ب) يجري عقد الزواج من مأذون القاضي بموجب وثيقة… وكل مأذونٍ لا يُسجل العقدَ في الوثيقة الرسمية بعد استيفاء الرسم يعاقب بالعقوبتين المشار إليهما في الفقرة السابقة مع العزل من الوظيفة.
(هـ) يُعينُ القاضي الشرعي مأذونَ عقود الزواج بموافقة قاضي القضاة، ولقاضي القضاة إصدار التعليمات التي يراها لتنظيم أعمال المأذونين.]

ومن المعلوم أنه لا بد من توثيق عقود النكاح وتسجليها في المحكمة الشرعية من باب حفظ الحقوق، وخاصة حق المرأة. وأرى أن تسجيلَ عقد الزواج في المحاكم الشرعية واجبٌ شرعاً، فيجب كتابة عقد الزواج خطياً وتسجيله في المحاكم الشرعية، ولا يُكتفى بالإيجاب والقبول الشفويين، كما أنه لا يُكتفى بكتابة ورقةٍ ولو كان ذلك بحضور الولي والشهود، لأن في كتابة عقد الزواج وتسجيله في المحاكم الشرعية تحقيقٌ لمصالح عظيمة للناس، وفيه محافظةٌ على حقوق المتزوجين، وتسجيل الزواج بوثيقةٍ رسميةٍ يجب من باب سد الذرائع المؤدية للفساد بضياع الحقوق، ولما في التسجيل من إثباتٍ للزوجية القائمة بين الزوجين، وثبوتِ نسب الأولاد، وحفاظاً على بناء الأسرة في المجتمع المسلم على أساسٍ سليمٍ وقويٍ، وقواعد الشرع العامة توجب التسجيل.

 

ثانياً:

عملُ المأذون الشرعي هو كتابةُ وتوثيقُ عقود النكاح وتسجليها في المحكمة الشرعية، ولا يتولى التزويج، وإنما يُلقنُ الوليَ والزوجَ عباراتِ الإيجاب والقبول، ويتأكد من رضا المرأة وقَبولها بالزوج. ويتأكد من وجود الزوجين الخاليين من الموانع الشرعية لصحة العقد، ويتأكد من شخصية الشهود وتوثيق شهادتهم، ويوثق تسمية المهر ومقداره، المعجل والمؤجل، وهل استلمته الزوجة أو ليها أم لا، ويسجل الشروط الخاصة إن وجدت. ومن عمل المأذون الشرعي أيضاً إلقاءُ خُطبة النكاح.

 

ثالثاً:

إذا تقرر هذا فإن توليَ المرأة وظيفةَ مأذونٍ شرعيٍ، مسألةٌ شرعيةٌ مستجدةٌ، حيث لم يرد فيها كلامٌ للفقهاء المتقدمين، فلا بدَّ من عرضها على الأصول الشرعية، وعلى مقاصد الشريعة الإسلامية لمعرفة حكمها.
وبعد إجالة النظر والفكر في هذه المسألة يظهرُ لي أن توليَ المرأةِ وظيفةَ مأذونٍ شرعيٍ يتعارض مع الأصول الشرعية، ويناقض مقاصد الشريعة الإسلامية، ويترتب عليه مفاسدُ عديدةٌ، ويظهر ذلك فيما يلي:

(1) عمل المرأة كمأذونٍ شرعيٍ لا بدَّ فيه من اختلاطها بالرجال، وحضور مجالسهم، والكلام معهم، والأخذ والرد، وغير ذلك، وهذا لا يجوز شرعاً في حق المرأة،لأنه يُفضي الى ما حرم الله تعالى، ولا شك أن الاختلاط من أعظم المفاسد التي ابتلي بها الناس في هذا الزمان. ومن المعروف في مجتمعنا أن الذين يحضرون عقد النكاح هم الرجال في الغالب، وستكون المرأة (المأذون الشرعي) بينهم. ويترتب على الاختلاط مفاسد كثيرة .
قال الشيخ ابن العربي المالكي: [فإن المرأة لا يتأتى منها أن تبرُز إلى المجالس، ولا تُخالط الرجالَ، ولا تُفاوضهم مفاوضةَ النظيرِ للنظير،لأنها إن كانت فتاةً حَرُم النظرُ إليها وكلامُها، وإن كانت مُتَجَالَّةً – عجوزٌ كبيرةٌ – بَرْزَةً – امرأةٌ بَرْزَةٌ: جَليلةٌ – لم يجمعها والرجالَ مجلسٌ تزدحم فيه معهم، وتكون مَنْظَرَةً لهم – ما يقعُ عليه النَّظرُ -، ولم يفلح قط مَنْ تصور هذا، ولا من اعتقده] أحكام القرآن 6/213.

(2) عملُ المرأة كمأذونٍ شرعيٍ لا بدَّ فيه من النظر إليها باستمرار، وبالتالي لا يمكن غض البصر المأمور به شرعاً، فإن الإسلام حرم النظر إلى المرأة الأجنبية من غير سببٍٍ مشروعٍ، قال تعالى:

{قل لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} [سورة النورالآيتان 30-31].

والأمر يقتضي الوجوب.

والرسول الله صلى الله عليه وسلم قد حثَّ المسلمَ على أن يصرف بصرَه إذا وقع على امرأةٍ أجنبيةٍ، فقد ثبت في الحديث عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة، فقال:اصرف بصرَك» (رواه مسلم).

وعن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا علي، لا تتبع النظرةَ النظرة، فإنما لك الأولى، وليست لك الآخرة» (رواه أحمد وأبو داوود والترمذي ،وهو حديثٌ حسنٌ كما قال العلامة الألباني).

وما هو الحال لو كان المأذون الشرعي (المرأة) شابةً جميلةً، فلا شك أنها ستفتن الرجال بكلامها وهيئتها وجلوسها معهم. والأدلة على تحريم هذه الأمور كثيرة.

(3) إن ما جرى عليه العرفُ العام في بلادنا أن إبرام عقود النكاح إنما هو من اختصاص الرجال، ولا علاقة للنساء به، وصار هذا الأمرُ معروفاً ومعمولاً به في كثيرٍ من بلاد المسلمين أيضاً، فيكون له من قوة الثبوت، قوة الثابت بدليلٍ شرعي، لأن العرفَ معتبرٌ شرعاً فيما لا يخالفُ النصَّ، كما هو مذهب كثيرٍ من العلماء، قال العلامة ابن عابدين الحنفي في منظومته:
والعُرف في الشرع له اعتبار فلذا الحكم عليه قد يدار
انظر نشر العَرف في بناء بعض الأحكام على العُرف، رسائل العلامة ابن عابدين 2/112.

(4) ذكرتُ أن المأذون الشرعي يقوم بإلقاء خُطبة النكاح، وستقوم المرأةُ (المأذون الشرعي) بإلقاء الخُطبة وسط الرجال، وترفع صوتها بين الرجال، ويصوبون النظر إليها، وهو أمرٌ منكرٌ عند كثيرٍ من أهل العلم. وقد منع جمهور الفقهاء على سبيل التحريم المرأةَ أن تؤذن لما في الأذان من رفع الصوت، ولما في ذلك من التعرض للفتنة، وقد ورد في الحديث عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما تركتُ بعدي فتنةً أضرُّ على الرجال من النساء» (رواه البخاري ومسلم).

(5) إذا طلب أهلُ الزوجين من المأذون الشرعي (المرأة) عقدَ النكاح في المسجد، وكان المأذون الشرعي (المرأة) حائضاً أو نفساء، فتُمنعُ من دخول المسجد كما هو قول جمهور الفقهاء من أصحاب المذاهب الأربعة وغيرهم.

(6) إن تولي المرأة وظيفة مأذونٍ شرعي يقتضي الذهاب إلى بيوت الناس وخروجها من بيتها، وقد يكون ذلك في أوقاتٍ متأخرةٍ من ليلٍ أو نهارٍ، وسيكون ذلك على حساب زوجها وأولادها وبيتها.

(7) يرى من أجاز أن تكون المرأة مأذوناً شرعياً ،أن ذلك بناءً على قول الحنفية بانعقاد النكاح بعبارتها، ومن المعلوم أن مذهب جمهور الفقهاء أن النكاح لا ينعقد بعبارة المرأة، والحنفية عندما أجازوا ذلك قالوا:

[يستحبُ للمرأة تفويضُ أمرِها إلى وليها كي لا تُنسب إلى الوقاحة] رد المحتار 9/345.

(8) إن القول بأن تولي المرأة وظيفة مأذونٍ شرعي، ما هو إلا فرعٌ عن توليها القضاء، قولٌ مردودٌ بردِّ أصله، لأن منصب القضاء الشرعي من الولايات العامة التي لا يجوز شرعاً للمرأة أن تتولاها، كما هو مقرر عند جماهير أهل العلم الذين لا يجيزون للمرأة أن تتولى القضاء، وإن أبى ذلك الذين يدَّعون مناصرة قضايا المرأة، وقد قامت على ذلك أدلة كثيرة لا يتسع المقام لذكرها كلها، ولكن أذكر أهمها:
قال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [سورة النساء الآية 34]. وهذه الآية عامةٌ حيث إن (أل) تفيد الاستغراق، فتشمل كل النساء والرجال في جميع الأحوال، ومن المقرر عند الأصوليين أن العامَّ يبقى على عمومه حتى يأتي ما يُخصصه، ولم يوجد مخصصٌ لهذا العموم. انظر إرشاد الفحول ص 14.

ومما يدل على أنه لا يجوز للمرأة أن تتولى القضاء ما رواه الإمام البخاري في صحيحه بإسناده عن أبى بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن أهلَ فارس قد ملَّكوا عليهم بنت كسرى قال: «لن يُفلح قومٌ ولوا أمرهم امرأةً»، فهذا الحديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل من أسباب عدم الفلاح تولي المرأة للولايات العامة، والقضاءُ داخلٌ فيها، فإن قال قائل إن هذا الحديث ورد في حادثةٍ خاصةٍ، فنقول إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو مقرر عند الأصوليين.
قال الأمير الصنعاني عند شرحه للحديث السابق: [فيه دليلٌ على أن المرأة ليست من أهل الولايات، ولا يحل لقومها توليتها، لأن تجنب الأمر الموجب لعدم الفلاح واجبٌ] سبل السلام 4/96.
ومما يدل على أنه لا يجوز للمرأة أن تتولى القضاء ما ورد في الحديث عن بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «القضاة ثلاثةٌ، واحدٌ في الجنة واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجلٌ عرف الحق فقضى به، ورجلٌ عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار، ورجلٌ قضى للناس على جهل فهو في النار» (رواه أبو داود وابن ماجة وغيرهما وصححه العلامة الألباني في صحيح سنن ابن ماجة حديث رقم 2315).

وهذا الحديث يدل دلالةً واضحةً على اشتراط كون القاضي رجلاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حينما ذكر القضاة بيَّنَهم بقوله: "رجلٌ" في الحالات الثلاث، قال ابن تيمية الجد :[وهو – أي الحديث – دليلٌ على اشتراط كون القاضي رجلاً] وقال الشوكاني: [واستدل المصنف أيضاً على ذلك بحديث بريدة المذكور في الباب لقوله فيه (رجلٌ ورجلٌ)، فدلَّ بمفهومه على خروج المرأة]

نيل الأوطار 4/112.

ومما يدل على أنه لا يجوز للمرأة أن تتولى القضاء أنه لم يثبت في تاريخ الإسلام، وعلى مدى هذه القرون المتطاولة أن تولت امرأةٌ القضاءَ، فلم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحدٍ من خلفاء المسلمين، لا في عهد الراشدين، ولا الأمويين، ولا العباسيين، ولا غيرهم أنهم ولوا امرأةً القضاء، ولو حصل لنُقل، قال الإمام القرافي: [ولذلك لم يُسمع في عصرٍ من الأعصار أن امرأةً وليت القضاء، فكان ذلك إجماعاً، لأنه غير سبيل المؤمنين] الذخيرة 10/22.
وقال الشيخ ابن قدامة المقدسي: [ولهذا لم يول النبيُّ صلى الله عليه وسلم ولا أحدٌ من خلفائه، ولا مَنْ بعدهم امرأةً قضاءً، ولا ولاية بلدٍ فيما بلغنا، ولو جاز ذلك لم يخل منه جميع الزمان غالباً] المغني 5/34. وهنالك أدلة أخرى فصلتها في حلقة سابقة من ” يسألونك”. 

(9) إن الادعاء بأن تولي المرأة وظيفة مأذونٍ شرعي، ما هو إلا من باب نيل المرأة لحقوقها، وأنه من باب مساواة المرأة للرجل، ما هو إلا كذبٌ وافتراءٌ على دين الله عز وجل، فإن الدعوة إلى مساواة المرأة مع الرجل باسم التقدم والحضارة والانعتاق من التفسيرات الدينية المتشددة البالية التي تحطُّ من شأن المرأة كما زعموا، ونحو ذلك من الشعارات الخدَّاعة ما هي إلا أكذوبةٌ كبرى يسوقها أدعياءُ تحرير المرأة.

ولاشك أن الله جل جلاله قد خلق الذكر والأنثى وبينهما تفاوتٌ في مجالاتٍ عدة، ومنها تفاوتٌ وعدم تساوٍ في بعض الأحكام الشرعية، كما قال سبحانه وتعالى: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى} [سورة آل عمران الآية 36].

فليست الأنثى كالذكر في كل الأمور، فهنالك فوارقُ واضحةٌ في الخِلقَة الطبيعية، وكذلك في الأحكام الشرعية بين الذكر والأنثى، فالمرأةُ تختلف عن الرجل في أحكامٍ تتعلق بالصلاة والصيام والحج والنفقات والديات وولاية الحكم وغيرها، والتفريقُ بين الذكر والأنثى مقررٌ في شريعتنا وفي الشرائع السابقة، وحتى في الأنظمة الوضعية، فالدعوة إلى مساواة الرجل بالمرأة في كل شيء، كذبٌ وافتراء على دين الإسلام، قال الله تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [سورة القلم الآية 14].

وقال الله تعالى: {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [سورة النساء الآية 32].

والهدفُ الحقيقيُ من الدعوة إلى تولي المرأة القضاء وتوليها وظيفة مأذونٍ شرعي، ليس هو الحرص على أحكام الإسلام وتطبيقها، وإنما التساوق مع الدعوات التغريبية، وإخراج المرأة من بيتها باسم الدِّين.

(10) لا شك لديَّ أن فتح باب تولي المرأة وظيفة مأذونٍ شرعي، ما هو إلا فتحٌ لبابِ شرٍ مستطيرٍ، وفتحٌ لأبواب الفساد، ومدخلٌ من مداخل الشيطان، بل هو من خطوات الشيطان إلى الحرام، وذريعةٌ للفتنة والفساد، ومن المعلوم أن من قواعد الشريعة سدُّ الذرائع المفضية إلى الفساد، وقاعدة سدِّ الذرائع من القواعد المقررة شرعاً، ويدل عليها قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [سورة الأنعام الآية 108].

وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا} [سورة البقرة الآية 104].

وما ثبت في السنة النبوية: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كفَّ عن قتل المنافقين، لأن قتلهم ذريعةٌ لأن يُقال إن محمداً يقتلُ أصحابه» (رواه البخاري ومسلم).

وخلاصة الأمر أنه ليس في فقهنا الإسلامي وظيفةَ مأذونٍ شرعيٍ، وأنها وظيفةٌ محدثةٌ. وأنه لا بدَّ من توثيق عقود النكاح وتسجليها في المحكمة الشرعية من باب حفظ الحقوق. وأن تسجيل عقد الزواج في المحاكم الشرعية واجبٌ شرعاً، وأن توليَ المرأة وظيفةَ مأذونٍ شرعيٍ، مسألةٌ شرعيةٌ مستجدةٌ، لم يرد فيها كلامٌ للفقهاء المتقدمين، فلا بدَّ من عرضها على الأصول الشرعية وعلى مقاصد الشريعة الإسلامية لمعرفة حكمها.
وأنه بعد إجالة النظر والفكر في هذه المسألة يظهرُ لي أن تولي المرأة وظيفةَ مأذونٍ شرعيٍ يتعارض مع الأصول الشرعية، ويناقضُ مقاصد الشريعة الإسلامية، وبناءً عليه فلا يجوز شرعاً توليَ المرأة وظيفةَ مأذونٍ شرعيٍ لما يترتب عليه من المفاسد العديدة التي بينتها.
والله الهادي إلى سواء السبيل. 

حسام الدين عفانه

دكتوراه فقه وأصول بتقدير جيد جداً، من كلية الشريعة جامعة أم القرى بالسعودية سنة 1985م.

  • 26
  • 8
  • 98,162

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً