حكم الفوائد المصرفية

منذ 2008-05-02
السؤال: لدىَّ حساب في البنك، وآخذ أرباحاً كلَّ سنة؛ هل تعتبر هذه الأرباح رباً، وهل هي مُحرمة؟
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالبنوك نوعان:

أوَّلاً: بنوك ربوية، وهي أغلب البنوك الموجودة الآن، وهذه البنوك قائمة على الربا المحرم؛ فلا يجوز التعامل معها؛ حيث إن التوصيف الشرعي والواقعي لتعاملات تلك البنوك -كما نص عليه الدستور-: "هو استقراض الأموال من الْمُودِع ثم إقراضها لعميل آخر، وكذلك تخليق الأموال، عن طريق فتح الاعتمادات، التي يحصل منها البنك على فوائد أموال لم يقرضها أصلاً؛ وإنما وضعها تحت تصرف العميل، وأيضا هذه البنوك تتعامل بفائدة محددة سلفاً لا تتغير بتغير الربح والخسارة، مع ضمان رأس المال؛ وهذا عين الربا".

وتشبيهُ البعض تلك الفائدة بأرباح المضاربة باطلٌ بالكتاب، والسنة، والإجماع؛ قال ابن المنذر: "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القِرَاضِ -الْمُضَاربة- إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معدودة"؛ ولهذا فقد نص عامة علماء العصر، والمجامع الفقهية، والمؤتمرات الإسلامية، ولجان الفتوى: على حرمة الفوائد البنكية، وعلى أنها من الربا المحرم؛ واستدلوا على ذلك بأن الله تعالى حرم الربا، وجعل آكِلَهُ محارباً لله، ملعوناً، مطروداً من رحمتة؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 278، 279]؛ وقال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله آكل الربا، وموكله، وشاهديه، وقال: هم سواء" (رواه مسلم).

وعليه: فإنْ كان السؤال عن تلك البنوك؛ فلا يجوز لمسلم أن يضع أمواله فيها أو يتعامل معها، ولكن يضعها في مصرف إسلامي، فإنْ لم يكن في بلدك مصارفُ إسلامية، واضْطُرِرْتَ للتعامل مع البنك الربوي؛ لخوفك من ضياع الأموال، أو أن يكون لك راتب أو مستحقات، لا يمكنك استلامها إلا من خلال البنك؛ فتضطر إلى فتح حساب في البنك الربوي، فيجوز لك في هذه الحالة؛ بشرط أن يكون حساباً جارياً بغير فوائد، وأن يكون ذلك بقدر الضرورة.

أما الفوائد الربوية التي ربحتَها من البنك الربوي؛ فيحرم عليك أن تنفقها على نفسك، أو أولادك، أو مَنْ تلزمك نَفَقَتُه؛ بل تنفقها على الفقراء والمحتاجين، أو المصالح العامة، لا على سبيل الصدقة، ولكن على سبيل التخلص من المال الحرام.

أما النوع الثاني من البنوك: فهي البنوك الإسلامية، وتلك البنوك يجوز لك التعامل معها والانتفاع بأرباحها إن لم يكن فيها معاملة مشبوهة وقع فيها البنك نتيجة اجتهاد لجنة الفتوى عنده، أو خطأ في التطبيق من بعض الموظفين؛ وهي بديل عن البنك الربوي؛ حيث إنها تقوم باستثمار الأموال؛ فأرباحها متغيرة وغير محددة؛ واحرص على أن لا تدخل في المعاملات المختلف فيها؛ إلا إذا تيقنتَ من سلامتها، وإلا فاتركها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "مَن اتقى الشبهات، فقد استبرأ لدينه وعرضه" (متفق عليه)،، والله أعلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

موقع الألوكة

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 18
  • 1
  • 137,933

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً