حكم الاكتتاب في شركة: "اتحاد اتصالات"
منذ 2010-11-24
السؤال: ما حكم الاكتتاب في شركة: "اتحاد اتصالات"؟
الإجابة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين،
أما بعد:
فتشهد السوق المالية المحلية في الأيام القريبة القادمة طرح شركة: "اتحاد اتصالات" للاكتتاب العام، ونظراً لكثرة أسئلة الناس واستفساراتهم عن حكم الدخول في هذه الشركة، وحكم تداول أسهمها بعد مرحلة التخصيص، وغير ذلك من الأسئلة الشائعة والمتكررة، فقد رأى موقع: "الإسلام اليوم" أن من الضروري إصدار فتوى مبنية على اجتهاد جماعي تجلي الحكم الشرعي في هذه القضايا.
ولأجل ذلك فقد قام عدد من أصحاب الفضيلة من المهتمين بالمعاملات المالية بدراسة هذه القضية وتداول الرأي للوصول إلى رأي جماعي فيها، وبعد دراسة مستفيضة في ضوء ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، وما قرره فقهاء الأمة، وما صدر من فتاوى من عدد من المجامع الفقهية وهيئات الفتوى المعاصرة، خلصوا إلى النتائج الآتية:
1 - الأصل في الاكتتاب في الشركات المساهمة هو الحل، عملاً بالقاعدة الشرعية: "أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة"، بدليل قوله تعالى: {وأحل الله البيع}.
2 - يَخرج عن الأصل السابق ما إذا كان نشاط الشركة في أعمال محرمة، فيحرم الاكتتاب فيها حتى وإن لم تبدأ الشركة في مزاولة نشاطها المحرم، لأن ما بني على باطل فهو باطل، وذلك مثل البنوك الربوية وشركات التبغ، وشركات القمار، وشركات الإعلام الهابط.
3 - وبناء على ما سبق فإذا كان النشاط المعلن للشركة مباحاً، ولم يتضمن نظامها الأساسي أو نشرة الاكتتاب أو طريقة التمويل لبدء النشاط محظوراً شرعياً، فلا حرج على المسلم من الاكتتاب فيها، أخذاً بمبدأ البراءة الأصلية.
ويدخل في هذا الصنف شركة: "اتحاد اتصالات"، حيث قام عدد من المتخصصين -ومن بينهم فريق العمل الشرعي ببنك البلاد- مشكورين، بفحص النظام الأساسي للشركة ونشرة الاكتتاب، والاستفسار من بعض الأعضاء المرشحين لمجلس إدارة الشركة عن بعض ما أشكل في النظام الأساسي ونشرة الاكتتاب، ولم يتبين لهم من خلال ما اطلعوا عليه ما يمنع من الاكتتاب فيها، لاسيما وقد صرح القائمون عليها عبر بعض وسائل الإعلام بأن تمويل بدء نشاط الشركة كان بالمرابحة الإسلامية.
4 - لا ينبغي للمكتتب أن يستعمل اسم شخصٍ آخر في الاكتتاب، سواء أكان ذلك بعوض يدفعه لصاحب الاسم أم بغير عوض، لما في ذلك من تجاوز الحد المستحق له نظاماً، وتعديه على حق غيره ممن التزم بالنظام، إذ إن مقتضى العدالة أن تكون قسمة الأسهم بين الناس بالسوية، ولا يتحقق ذلك إلا بأن يحدد لكل واحد من المكتتبين سقفاً أعلى لا يتجاوزه، فالمنع من استخدام الشخص اسم غيره من السياسة الشرعية التي تتفق مع مقاصد الشريعة من جعل المال دولة بين الناس كلهم فقيرهم وغنيهم، لا أن يكون محصوراً بأيدي فئة قليلة. وفضلا عن ذلك، فإن هذا التصرف نوع من التدليس، وهو مظنة الخلاف والخصومة بين الأطراف.
5 - يجوز للمكتتب اقتراض قيمة الاكتتاب بقرضٍ حسنٍ يرده للمقرض بمثله بدون زيادة، فإن كان القرض مشروطاً بزيادة يدفعها المقترض للمقرض فهو محرم، سواء أكانت الزيادة المشروطة نسبية أم بمبلغ مقطوع، وسواء سمي ذلك تمويلاً أم تسهيلات بنكية أم غير ذلك، لأنه من الربا.
وعوضاً عن ذلك يجوز للمكتتب الذي لا يجد ما يكفي من المال الدخول مع صاحب المال في عقد مشاركة، وما يتحقق من ربح بعد بدء التداول يتقاسمانه بينهما بحسب اتفاقهما،ويشترط أن تكون الحصة المشروطة لكل منهما من الربح شائعة كأن يقول: خذ هذا المال وما كان من ربح فيه فلك 20% منه، ولي 80%، أما لو حددت حصة الواحد منهما فلا يجوز كما لو قال: خذ هذا المال فاكتتب به ولك ألف ريال من الربح ولي ما زاد على ذلك، لأن هذا يؤدي إلى قطع المشاركة في الربح، فقد لا تربح تلك الأسهم إلا المبلغ المذكور أو أقل، أو قد تربح أرباحا كبيرة فيشعر بالغبن.
ولا يخفى أن دخول صاحب المال في عقد مشاركة مع من سيسجل السهم باسمه أقرب إلى تحقيق العدل بينهما من استئثار صاحب المال بكامل الربح، لاسيما أن هذا التصرف لا يظهر ما يمنع منه نظاماً، فقد نص النظام الأساسي للشركة على جواز أن يكون السهم مملوكاً بالاشتراك لشخصين فأكثر، على أن يكون مسجلاً باسم شخص واحد في مقابل الشركة، ولا تمنع الإجراءات المنظمة لسوق المال من اقتراض قيمة الاكتتاب، وغير خافٍ أن المشاركة أفضل من كل وجه من الاقتراض.
6 - يجوز بيع أسهم الشركة وشراؤها بعد الإذن بتداول الأسهم في السوق، لأن الشركة تمتلك موجودات أخرى غير النقود وهي ذات قيمة معتبرة شرعاً، فمن ذلك قيمة الترخيص للعمل في قطاع الاتصالات الذي تجاوزت قيمته اثني عشر مليار ريال، ولأن التغيرات في قيمة السهم بعد بدء التداول لا ترتبط ارتباطاً كلياً بالتغير في قيمة موجودات الشركة نفسها أو مطلوباتها، وإنما ترجع إلى عوامل أخرى كالعرض والطلب على الأسهم والمؤشر العام وغير ذلك، والله أعلم.
* وفي الختام، نهتبل هذه الفرصة لحث القائمين على الشركات المساهمة على البعد عن التمويل والاستثمار الربوي، كما نحث المتعاملين في سوق المال على دعم الشركات المساهمة التي تتجنب في معاملاتها ما يخالف أحكام الشريعة، ونوجه النصح لجميع الإخوة المكتتبين بالحذر من أخذ قروض أو تسهيلات بنكية بفوائد لتغطية قيمة الاكتتاب.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمنا الرشد والصواب، ويوفقنا للخير والسداد، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الموقعون:
1 - د. محمد بن سعود العصيمي (مدير عام المجموعة الشرعية ببنك البلاد).
2 - د. عبد الله بن موسى العمار (عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة الإمام).
3 - د. عبد العزيز بن فوزان الفوزان (عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة الإمام).
4 - د.يوسف بن عبد الله الشبيلي (ضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام).
المصدر: موقع الشيخ حفظه الله تعالى.
فتشهد السوق المالية المحلية في الأيام القريبة القادمة طرح شركة: "اتحاد اتصالات" للاكتتاب العام، ونظراً لكثرة أسئلة الناس واستفساراتهم عن حكم الدخول في هذه الشركة، وحكم تداول أسهمها بعد مرحلة التخصيص، وغير ذلك من الأسئلة الشائعة والمتكررة، فقد رأى موقع: "الإسلام اليوم" أن من الضروري إصدار فتوى مبنية على اجتهاد جماعي تجلي الحكم الشرعي في هذه القضايا.
ولأجل ذلك فقد قام عدد من أصحاب الفضيلة من المهتمين بالمعاملات المالية بدراسة هذه القضية وتداول الرأي للوصول إلى رأي جماعي فيها، وبعد دراسة مستفيضة في ضوء ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، وما قرره فقهاء الأمة، وما صدر من فتاوى من عدد من المجامع الفقهية وهيئات الفتوى المعاصرة، خلصوا إلى النتائج الآتية:
1 - الأصل في الاكتتاب في الشركات المساهمة هو الحل، عملاً بالقاعدة الشرعية: "أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة"، بدليل قوله تعالى: {وأحل الله البيع}.
2 - يَخرج عن الأصل السابق ما إذا كان نشاط الشركة في أعمال محرمة، فيحرم الاكتتاب فيها حتى وإن لم تبدأ الشركة في مزاولة نشاطها المحرم، لأن ما بني على باطل فهو باطل، وذلك مثل البنوك الربوية وشركات التبغ، وشركات القمار، وشركات الإعلام الهابط.
3 - وبناء على ما سبق فإذا كان النشاط المعلن للشركة مباحاً، ولم يتضمن نظامها الأساسي أو نشرة الاكتتاب أو طريقة التمويل لبدء النشاط محظوراً شرعياً، فلا حرج على المسلم من الاكتتاب فيها، أخذاً بمبدأ البراءة الأصلية.
ويدخل في هذا الصنف شركة: "اتحاد اتصالات"، حيث قام عدد من المتخصصين -ومن بينهم فريق العمل الشرعي ببنك البلاد- مشكورين، بفحص النظام الأساسي للشركة ونشرة الاكتتاب، والاستفسار من بعض الأعضاء المرشحين لمجلس إدارة الشركة عن بعض ما أشكل في النظام الأساسي ونشرة الاكتتاب، ولم يتبين لهم من خلال ما اطلعوا عليه ما يمنع من الاكتتاب فيها، لاسيما وقد صرح القائمون عليها عبر بعض وسائل الإعلام بأن تمويل بدء نشاط الشركة كان بالمرابحة الإسلامية.
4 - لا ينبغي للمكتتب أن يستعمل اسم شخصٍ آخر في الاكتتاب، سواء أكان ذلك بعوض يدفعه لصاحب الاسم أم بغير عوض، لما في ذلك من تجاوز الحد المستحق له نظاماً، وتعديه على حق غيره ممن التزم بالنظام، إذ إن مقتضى العدالة أن تكون قسمة الأسهم بين الناس بالسوية، ولا يتحقق ذلك إلا بأن يحدد لكل واحد من المكتتبين سقفاً أعلى لا يتجاوزه، فالمنع من استخدام الشخص اسم غيره من السياسة الشرعية التي تتفق مع مقاصد الشريعة من جعل المال دولة بين الناس كلهم فقيرهم وغنيهم، لا أن يكون محصوراً بأيدي فئة قليلة. وفضلا عن ذلك، فإن هذا التصرف نوع من التدليس، وهو مظنة الخلاف والخصومة بين الأطراف.
5 - يجوز للمكتتب اقتراض قيمة الاكتتاب بقرضٍ حسنٍ يرده للمقرض بمثله بدون زيادة، فإن كان القرض مشروطاً بزيادة يدفعها المقترض للمقرض فهو محرم، سواء أكانت الزيادة المشروطة نسبية أم بمبلغ مقطوع، وسواء سمي ذلك تمويلاً أم تسهيلات بنكية أم غير ذلك، لأنه من الربا.
وعوضاً عن ذلك يجوز للمكتتب الذي لا يجد ما يكفي من المال الدخول مع صاحب المال في عقد مشاركة، وما يتحقق من ربح بعد بدء التداول يتقاسمانه بينهما بحسب اتفاقهما،ويشترط أن تكون الحصة المشروطة لكل منهما من الربح شائعة كأن يقول: خذ هذا المال وما كان من ربح فيه فلك 20% منه، ولي 80%، أما لو حددت حصة الواحد منهما فلا يجوز كما لو قال: خذ هذا المال فاكتتب به ولك ألف ريال من الربح ولي ما زاد على ذلك، لأن هذا يؤدي إلى قطع المشاركة في الربح، فقد لا تربح تلك الأسهم إلا المبلغ المذكور أو أقل، أو قد تربح أرباحا كبيرة فيشعر بالغبن.
ولا يخفى أن دخول صاحب المال في عقد مشاركة مع من سيسجل السهم باسمه أقرب إلى تحقيق العدل بينهما من استئثار صاحب المال بكامل الربح، لاسيما أن هذا التصرف لا يظهر ما يمنع منه نظاماً، فقد نص النظام الأساسي للشركة على جواز أن يكون السهم مملوكاً بالاشتراك لشخصين فأكثر، على أن يكون مسجلاً باسم شخص واحد في مقابل الشركة، ولا تمنع الإجراءات المنظمة لسوق المال من اقتراض قيمة الاكتتاب، وغير خافٍ أن المشاركة أفضل من كل وجه من الاقتراض.
6 - يجوز بيع أسهم الشركة وشراؤها بعد الإذن بتداول الأسهم في السوق، لأن الشركة تمتلك موجودات أخرى غير النقود وهي ذات قيمة معتبرة شرعاً، فمن ذلك قيمة الترخيص للعمل في قطاع الاتصالات الذي تجاوزت قيمته اثني عشر مليار ريال، ولأن التغيرات في قيمة السهم بعد بدء التداول لا ترتبط ارتباطاً كلياً بالتغير في قيمة موجودات الشركة نفسها أو مطلوباتها، وإنما ترجع إلى عوامل أخرى كالعرض والطلب على الأسهم والمؤشر العام وغير ذلك، والله أعلم.
* وفي الختام، نهتبل هذه الفرصة لحث القائمين على الشركات المساهمة على البعد عن التمويل والاستثمار الربوي، كما نحث المتعاملين في سوق المال على دعم الشركات المساهمة التي تتجنب في معاملاتها ما يخالف أحكام الشريعة، ونوجه النصح لجميع الإخوة المكتتبين بالحذر من أخذ قروض أو تسهيلات بنكية بفوائد لتغطية قيمة الاكتتاب.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمنا الرشد والصواب، ويوفقنا للخير والسداد، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الموقعون:
1 - د. محمد بن سعود العصيمي (مدير عام المجموعة الشرعية ببنك البلاد).
2 - د. عبد الله بن موسى العمار (عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة الإمام).
3 - د. عبد العزيز بن فوزان الفوزان (عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة الإمام).
4 - د.يوسف بن عبد الله الشبيلي (ضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام).
المصدر: موقع الشيخ حفظه الله تعالى.
- التصنيف: