القتل الخطأ

منذ 2012-06-17
السؤال:

كان أحدُ أقاربنا قد مرِض مرضًا شديدًا وهو دوالي المريء والكبد، وقد تركتْه زوجتُه عند أهله ليقوموا هم برعايته، وقد عزَّ عليَّ أنا وزوجي هذا فطلبنا منها أن تنقله إلى منزله لتقوم هي برعايته، وتَمَّ ذلك، وبعد عِدَّة أيَّام توفي هذا المريض، وجاء في بعض الأقاويل من أهله أنَّ سبب الوفاة هو نقله، فهل يُعَدُّ هذا قتلاً خطأً؟ وإن كان فما العمل؟

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالذي نعرفه أنَّ نقل مريضِ الكبِد أو دوالي المريء من مكان لآخر، لا يتسبَّب -غالبًا- في موتِه إلا أن يشاء الله شيئًا، فكثيرًا ما يَحتاج مرضى دوالي المريء لمراجعة الأطِبَّاء أو حَقْنِ تلك الدوالي أو غير ذلك، ومع هذا لم نسمع أن تلك الحركة كانت سببا في موته، أو أن الأطباء حذروا المرضى من الحركة؛ وهذا أمر مُشاهد.

ومَن تأمَّل كلامَ أهل العلم في القتل الخطأ أو التَّسبُّب فيه عَلِمَ أنَّ الصورة المذكورة غيرُ داخلة فيه، فلا خلافَ بين الفقهاءِ في أنَّ القتلَ الخطأَ هو ألاَّ يقصدَ الضَّربَ ولا القتلَ، مثل أن يرمِيَ صيدًا أو هدفًا فيصيبُ إنسانًا، أو ينقلبَ النائمُ على إنسانٍ فيقتلَه، وموجبُه الديةُ على العاقلةِ والكفارةُ.

ومذهب الحنفيَّة: أنَّ القتل الخطأ هو الفعل الصادر من الجاني الخالي من قَصْدِ القتل عند مُباشرة المقصود لترك التثبُّت والاحتياط؛ كما في "فتح القدير" .

ومذهب المالكية: هو ما مسبِّبُه غير مقصود لفاعله كما في "حدود ابن عرفة".

وفي مذهب الشافعيَّة والحنابلة: أنَّ القتل الخطأ هو ما صدَرَ من الإنسان بفِعْلٍ لم يقصدْه أصلا، أو قَصَدَ دُون قصْدِ الشَّخص المقتول.

فتبيَّن أنَّ القاتل بالتسبُّب له فِعْلٌ ولكن غير مقصود، وهذا ما لم يُوجَدْ في الصورة المذكورة. وعليه، فإنَّ السائلةَ الكريمة وزوجَها لم يتسبَّبا في قتل ذلك الرجل، وإنَّما قصدا الخير، وقد قال تعالى: {مَا عَلَى المُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: 91]،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 0
  • 0
  • 23,628

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً