حكم طاعة الوالد في العمل في جهة لا يرغبها الابن

منذ 2013-01-10
السؤال:

أنا طبيب، تَخرَّجت حديثًا، وعند عودتي إلى بلدي أردتُ أن أذهبَ إلى أمريكا لإكمال دِراستي العُليا، ولكِنْ والدِي رفض السَّماح لي بِالذَّهاب دون إعطاء أيَّة أسباب واضحة؛ سوى أنَّني لم أستَشِرْه بالموضوع قبلَ بدئي بتقديم الامتِحانات، وإجراءات التَّسجيل في الجامعة، والحصول على الفِيزا؛ ولسببٍ آخر: هو أنَّه يُريدني أن أذهبَ لأعملَ طبيبًا في القوَّات المسلحة، وأنا لا أريد ذلِك؛ لأنِّي أرى أنَّه ليس جيِّدًا بالنِّسبة لي.
وبعد ذلك قرَّرت أن لا أذهب مؤقَّتًا بناءً على طلبه، وقرَّرتُ أن أفتح عيادة خاصَّة بي بالاشتِراك مع طبيب آخَر صديقي، وعندما ذهبت لأستشيره بالموضوع لم يوافِق، وقال لي إنَّه غضبان عليَّ إلى يوْم الدين؛ بسبب أنَّني لا أريد الذَّهاب إلى الجَيش كما يريد.
وكلَّما أحاول أن أقنعه بأني لا أريدُ أن أدخُل الجَيش، لا يَقتنِع، ويقول لي: إنَّه الأفضل، لا يوجد أي حلٍّ بنظَره سِوى الجيْش، وأنا لا أريد أن ألتحِق به.
السؤال: هل يَجوز ما فعله أبي بِي؟ وما يَجب عليَّ فعله؛ لكي أخلِّص نفسي من هذه المشكلة؟
للعِلْم مرة أخرى: إنَّه لم يقتنِع بأي شيء أفعله. فماذا أفعل؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فإنَّ طاعةَ الوالد في غيْر معصية الله واجبةٌ، والأدلَّة على ذلك كثيرة؛ منها قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: "رضا الله في رضا الوالِد، وسَخَطُ اللهِ في سَخَطِ الوالد" (أخرجه الترمذي، وصحَّحه ابن حبَّان، والحاكم).
ويراجع فتوى: "وجوب بر الوالدين وإيثارهما على من سواهما". 

فمَن أمرَه والداه بدراسةٍ معيَّنة مشروعة، فعليْه أن يُطيعَهما؛ ابتغاءَ رضا الله تعالى ورضاهُما، وتجنُّبًا لسخط الله تعالى وسخطهما؛ ولأنَّ الوالدَ مَجبول على حبِّ ما ينفع ولدَه والسعي فيه، ولعلَّ خبرتَه الحياتيَّة وتَجاربه تصوِّب رأيه.

ولكن إن لم يتقبَّل الابن ذلك العمل - كما هو الحال في سؤال السائل- لعذر شرعي؛ كأن يكون يترتب على العمل في الجيش معصية؛ كإلزامه بحلق لحيته، أو غير ذلك من الأعذار الشرعية، فلا يَجب عليْه طاعةُ الوالِد، وليجتهِدْ بِحكمةٍ ولُطفٍ في إقناعه برغْبته، وليبيّن له مزايا ما يُريدُ فعلَه.

كما يَجب على الوالِد عدمُ الاعتِساف في استِخدام حقِّه في برِّ ولدِه، بِما يعود بالضَّررِ عليْه في حياته العمليَّة؛ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "إنَّما الطَّاعة في المعروف" (متَّفق عليه).

وليعلم: أنَّ برَّ الأبناء لآبائهم نعمةٌ تَستوجب شكر اللهِ تعالى، وتقابَل بالطَّاعة والإحسان، وإنَّنا لنُوصي الولَدَ بِزيادة الصَّبر على والديه وإخوانِه؛ فقد قال تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى: 43]،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 7
  • 14
  • 75,539

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً