خلع الصائم لضِرْسه
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: فقه الصيام -
هل يُفْطِر الصَّائم إذا قلع ضِرْسه؟ مع ذِكْر العِلَّة.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فالصَّومُ هو إمساكٌ عن الأكْل والشُّرب، والجِماع وتعمُّد القيء؛ قال تعالى: {فَالآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187]، وروى أحمدُ، وأبو داود، والترمذي عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن ذَرَعَه قىءٌ وهو صائم، فليس عليه قضاء، وإن اسْتَقاء فَلْيَقْضِ".
فتبيّن مما سبق: أن خلع الضرس ليس من المفطِّرات.
وسُئِلَ الشَّيخ ابن عثيمين رحِمه الله: هل يُفطِر الإنسانُ بِخروج الدَّم عند قلْع الضرس؟
فأجاب: "خروج الدَّم من قلْع الضِّرس لا يؤثِّر ولا يضر الصَّائم شيئًا، ولكنْ يَجب على الصَّائم أن يتحرَّز من ابتِلاع الدم؛ لأنَّ الدَّم خارجٌ طارئٌ غيْرُ مُعتاد، يكون ابتلاعُه مفطرًا، بِخلاف ابتِلاع الرِّيق؛ فإنَّه لا يفطر، فعلى الصَّائم الذي خَلَعَ ضِرْسَه أن يَحتاط، وأن يحتَرِز من أن يصِل الدَّم إلى معدَتِه؛ لأنه يفطِّر، لكن لو أنَّ الدَّم تسرَّب بغير اختِياره فإنَّه لا يضرُّه؛ لأنَّه غير متعمِّد لهذا الأمر، وأصل الاشتِباه عند الناس في هذه المسألة -وهي قلع الضرْس، أو السِّنِّ، أو الجروح- أصل الاشتباه عند هؤلاء هو الإفْطار بالحجامة؛ فإنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلَّم يقول: "أفطَرَ الحاجمُ والمحجوم"، فيظنُّ بعض العامَّة أنَّ الدَّم الذي يَخرج من قلع الضرس، أو السِّنِّ، أو الجرح، أو ما أشبهَه - يظنُّون أنه يفطِّر كالحجامة، والأمر ليس كذلك، فإنَّ الحجامة يخرج منها دمٌ كثيرٌ، يُؤَثِّر على الصَّائم، فيجِد في نفسِه كسلاً وضعفًا، يَحتاج معه إلى أن يتناول شيئًا يردُّ إليه قوَّته، ويُزيل عنه الضَّعف الذي حصل بِسبب الحجامة، وأمَّا الدَّم الخارج بقلْع الضرس ونحوه، فإنه لا يؤثِّر تأثير الحجامة، فلا يفطر به أبدًا، وكذلك أيضًا لا يفطرُ الصَّائم بإخراج الدَّم لأجل التحليل، فإنَّ الطبيب قد يَحتاج إلى أخذ دمٍ من المريض ليختبِرَه، فهذا لا يفطر؛ لأنَّه دم يسيرٌ، لا يؤثِّر على البدن تأثير الحجامة، فلا يكون مفطِّرًا، والأصل بقاء الصيام، فلا يُمكن أن نُفْسِده إلا بدليلٍ شرْعي، وهنا لا دليلَ على أنَّ الصَّائم يفطر بِخروج هذا الدَّم اليسير".اهـ.
وهذا ما قرَّره مَجمع الفِقه الإسلامي، المنبَثِق عن منظمة المؤتَمر الإسلامي، في دورة مؤتَمره العاشر بجدَّة، بِخصوص موضوع المفطِّرات في مَجال التداوي، حيثُ قرَّر:
أوَّلاً: الأمور الآتية لا تُعْتَبر من المفطِّرات:
1- قطرة العَيْن، أو قطرة الأذُن، أو غَسُول الأذُن، أو قطرة الأنْف، أو بخاخ الأنف، إذا اجْتُنِب ابتِلاع ما نفذ إلى الحلْق.
2- الأقراص العلاجيَّة التي توضَع تَحت اللسان لعلاج الذَّبْحة الصدريَّة وغيْرِها، إذا اجتنب ابتِلاع ما نفذ إلى الحلق.
3- ما يدخل المِهْبل: من تحاميل (لبوس)، أو غسول، أو منظار مهبلي، أو إصبع للفَحْص الطبي.
4- إدخال المنظار أو اللَّولَب ونحوهِما إلى الرَّحِم.
5- ما يدخل الإحليل، أي مَجرى البول الظَّاهر للذَّكر والأنثى: من قسطرة (أنبوب دقيق)، أو منظار، أو مادَّة ظليلة على الأشعة، أو دواء، أو محلول لغسل المثانة.
6- حفر السن، أو قلع الضرس، أو تنظيف الأسنان، أو السِّواك وفرشاة الأسنان، إذا اجتنب ابتِلاع ما نفذ إلى الحلق.
7- المضمضة، والغرغرة، وبخاخ العلاج الموضعي للفم، إذا اجتنب ابتِلاع ما نفذ إلى الحلق.
8 - الحُقن العلاجيَّة الجلديَّة أو العضليَّة أو الوريديَّة، باستثناء السوائل والحُقَن المغذية.
9 - غاز الأكسجين.
10 - غازات التخدير (البنج)، ما لم يُعْطَ المريض سوائل (محاليل) مغذِّية.
11- ما يدخل الجسم امتصاصًا من الجلد: كالدُّهونات، والمراهم، واللَّصقات العلاجيَّة الجلديَّة، المحمَّلة بالموادِّ الدوائيَّة أو الكيميائيَّة.
12- إدخال قسطرة (أنبوب دقيق) في الشرايين؛ لتصوير أو علاج أوعية القلْبِ أو غيْرِه من الأعضاء.
13- إدخال منظارٍ من خلال جدار البطْنِ؛ لفحْص الأحشاء، أو إجراء عمليَّة جراحيَّة عليْها.
14- أخْذ عيّنات من الكبِد أو غيره من الأعضاء، ما لم تكن مصحوبةً بإعطاء محاليل.
15- منظار المعدة، إذا لم يصاحبْه إدخال سوائل (محاليل)، أو موادَّ أخرى.
16- دخول أيِّ أداة، أو مواد علاجيَّة إلى الدِّماغ أو النخاع الشوكي.
17- القيء غيْر المتعمَّد، بِخلاف المتعمَّد (الاستقاءة)،، والله أعلم.