ما سببُ تأخُّر الرزق في الزواج وغيره

منذ 2014-02-21
السؤال:

ما سببُ تأخُّر الرزق؟ فأنا شخصيَّة بِفَضْلِ الله مُلتزِمَة ومن أسرة مُحافِظَة طيِّبة كريمة، لَم يَكْتُب اللهُ لي الزَّواجَ أو أن يَتَقَدَّم أحدٌ لِخِطْبَتِي، وكلَّما سعيْتُ في الأمْرِ من خِلال الخِطابات أو أحَدِ المشايِخ، سُبحانَ الله لا أُوَفَّق، حتَّى التعدُّد لا أرفُضُه.

أخشى أن أكونَ مُذْنِبة، أخشى أنَّ هذه عقوبةٌ، والله المستعان.

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فقدْ سبقَ بيانُ أنَّ الله تعالى قَسَم الرِّزْقَ بين عباده، فوسَّع على البعض فضلاً منه، وقَدَرَ على آخَرينَ عدْلاً، وكلُّ هذا من قضاء الله وقدَرِه، والواجِبُ على العباد: الرِّضا بِما قَسَمَهُ الله تعالى.

أمَّا أسباب تأخُّر الرِّزق: فمِنْ أهَمِّها ارتكابُ المعاصي، لا سيَّما إذا تعلَّقتِ المعصيةُ بِحُقوق العِباد من ظُلْمِهم أوْ أَكْلِ حُقُوقِهِم، وبَخْسِهم أشياءَهم، وقد جاءَ في حديث ثوبان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الرَّجُل ليُحْرَمُ الرِّزقَ بالذَّنْبِ يُصيبُه"، وفي لفظ: "وإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِخَطِيئَةٍ يَعملُها"؛ رواه ابن ماجه وصحَّحه ابْنُ حبَّان، ورُوِيَ عنِ ابْنِ عبَّاس - رضي الله عنهما - قال: "إنَّ اكتِسابَ السيِّئات سببٌ لنَقْصِ الرِّزق".

وعلاج تأخر الرزق في الزواج وغيره يكون بأمور:

منها: التَّوبة النَّصوح؛ فما نزل بلاءٌ إلا بذنبٍ، ولا رُفِعَ إلا بتوبة.

ومنها: الدُعاء مع تيقن الإجابة بِما ورد من أدعيةٍ بشأْنِ طلَبِ العَوْنِ والتَّوفيق، وتَيْسير العسير، وبما لم يرد مثل: "اللَّهُمَّ لا سَهْلَ إلا ما جَعَلْتَهُ سهْلاً، وأنْتَ تَجْعَلُ الحَزْنَ سهلاً إذا شِئْتَ"؛ رواه ابنُ حبَّان عنْ أنَسٍ و"يا حيُّ يا قيُّوم بِرَحْمَتِك أسْتَغِيث، أَصْلِحْ لي شأْنِي كُلَّه، ولا تَكِلْني إلى نَفْسِي طَرْفَةَ عَين"؛ رواه النَّسائي في الكُبرى.

وليعلم أنه ليس هناك دعاء خاص بتيسيرُ الزَّواج وتوسيعُ الرِّزق، ولكن ادعي بِما شِئْتِ من الأدعية، ومنها:
{رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفُرقان: 74].

ومنها: الإكثار من الاسْتِغفار؛ قال تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: 10] وقال: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} [هود: 3].

وعلى السائلةِ الكريمةِ الاعتِصَامُ بِالله تعالى، والإكثار من ذِكْرِه وشُكْرِه، والتقرُّب إليه بِطاعَتِه ومَرْضاته، قال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2]، ولتَحْذَرْ منَ المعاصي والذُّنوب، فإنَّها الَّتي تُعَسِّر على الإنسان في الحياةِ أُمُورَه، وتكونُ سببًا في معاناته.

وقولك أخشى أن أكونَ مُذْنِبة، أخشى أنَّ هذه عقوبةٌ، فعلى فرض أن تأخر الزواج عقاب من الله تعالى بسبب ذنب ما؛ فالتوبة النصوح تغفر جميع الذنوب دِقها وجِلها أولها وآخرها وعلانيتها وسرها وما تقدم منها وما تأخر؛ قال الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]، وقال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه:82].

والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 55
  • 10
  • 300,006

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً