حكم من ذهب إلى الجهاد بغير إذن والديه واستشهد

منذ 2014-11-09
السؤال:

ما حكم من سافر للجهاد ـ أقصد جهاد الكفاية ـ دون موافقة أبيه الذي رفض ذهابه للجهاد في تلك البلد البعيدة؟ ومع ذلك سافر واستُشهد في الحرب، وهل يتقبله الله من الشهداء؟ أم يكون من أصحاب الأعراف؟
ووفاكم الله أجوركم على هذا المجهود الكريم في خدمة الإسلام والمسلمين؟
 

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فمن الإحسان إلى الأبوين والبرّ بهما إذا لم يتعين الجهاد ألا يجاهد الولد إلا بإذنهما، ومن حقوقهما عليه أن لا يخرج إلى ما فيه خوف ومخاطرة بالنفس إلاّ بإذنهما، بدليل ما جاء في سنن أبي داود من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رجلاً من أهل اليمن هاجر إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فقال: «هل لك أحد باليمن؟» قال: أبواي، قال «أذنا لك؟» قال: لا قال: «فارجع إليهما فاستأذنهما، فإن أذنا لك فجاهد وإلاّ فبرهما».
قال المناوي في فيض القدير عند شرحه، لقوله صلى الله عليه وسلم: «ففيهما فجاهد» ـ قال: أي إذا كان الأمر كما قلت فجاهد في خدمتهما وابذل في ذلك وسعك واتعب بذلك، فإنه أفضل في حقك من الجهاد، فيحتمل أنه كان متطوعا بالجهاد فرأى النبي صلى الله عليه وسلم أن خدمة أبويه أهم، سيما إذا كان بهما حاجة إليه، ويحتمل أنه نبئ أن الرجل لا كفاية له في الحرب وفيهما متعلق بالأمر قدم للاختصاص، والجمهور على حرمة الجهاد إذا منعاه، أو أحدهما بشرط إسلامهما.
وقال الزرقاني في شرح الموطأ: قال الجمهور: يحرم الجهاد إذا منع الأبوان، أو أحدهما، بشرط أن يكونا مسلمين، لأن برهما فرض عين والجهاد فرض كفاية، فإذا تعين الجهاد فلا إذن.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ اسْتِئْذَانُ الْأَبَوَيْنِ فِي الْجِهَادِ، وَبِذَلِكَ قَالَ الْجُمْهُور، وَجَزَمُوا بِتَحْرِيمِ الْجِهَادِ إذَا مَنَعَ مِنْهُ الْأَبَوَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا، لِأَنَّ بِرَّهُمَا فَرْضُ عَيْنٍ، وَالْجِهَادُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَإِذَا تَعَيَّنَ الْجِهَادُ فَلَا إذْنَ.
لكن مخالفة الابن لمنع أبيه يأثم بسببها ولا تبطل أجر الشهادة، كما أن المدين ليس له الجهاد دون إذن غريمه، لكنه لو خرج واستشهد فهو شهيد، ولا يمنع صحة شهادته خروجه دون إذن غريمه، قال الشافعي في التفسير: ولا يجاهد إلا بإذن أهل الدَّين، وبإذن أبويه، لشفقتهما ورقتهما عليه.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: وَلَا يَخْفَى أَنَّ بَقَاءَ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الشَّهِيدِ لَا يَمْنَعُ مِنْ الشَّهَادَةِ، بَلْ هُوَ شَهِيدٌ مَغْفُورٌ لَهُ كُلُّ ذَنْبٍ إلَّا الدَّيْنَ... كما أن الْقَوْلَ بِأَنَّ عَدَمَ غُفْرَانِ ذَنْبٍ وَاحِدٍ يَمْنَعُ مِنْ الشَّهَادَةِ وَيُبْطِلُ ثَمَرَةَ الْجِهَادِ مَمْنُوعٌ أَيْضًا.
والله أعلم.
 

الشبكة الإسلامية

موقع الشبكة الإسلامية

  • 10
  • 6
  • 35,988

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً