حكم ضرب الصبيان وطردهم من المساجد بعنف

منذ 2015-05-24
السؤال:

إنه في يوم الإثنين الموفق 1/9/1429هـ في أول يوم من أيام الشهر الفضيل شهر الرحمة والمغفرة قام أحد جيراني بضرب أبنائي بعد صلاه العشاء وفي بداية التراويح وضرب أحدهم رأسه بجدار المسجد من الداخل عدة مرات وأخرجه من المسجد وبعده ضرب بالحذاء على وجهه عند باب المسجد وبعدها طرد أبنائي من المسجد وقيل لهم "إن صلاتكم غير مقبولة"، فكيف يحكم هذا المصلي على صلاة أبنائي وأنهم ليسوا بصغار السن واحد عمره 11سنة والثاني 9 سنوات. هل يجوز ما حصل من هذا المصلي على أبنائي أفتوني؟

الإجابة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فكثيرٌ من الناس بسبب الجهل المطبق يفسدون ويحسبون أنهم يصلحون، ويصدون عن سبيل الله وعن المساجد، ويخيلُ لهم الشيطان أنهم يحفظونها ويصونونها من العبث، ومن هذه الظواهر السيئة ضربُ الصغار والإغلاظُ لهم، وطردهم من المساجد بعنف، مما لا يُقره الشرع الشريف، الحاثُّ على الرفق والآمرُ به.

وتتميماً للفائدةِ نقول إن صلاة الصبي المميز صحيحة باتفاق العلماء إذا كان قد استوفى شروطها وأركانها، ومن ادعى أن الله لا يقبلُ صلاة عبدٍ من عباده فقد تألى على الله عز وجل، وقال عليه بغير علم وذلك من الكبائر.
والصبيانُ إذا بلغوا سبع سنين فهم مأمورون بفعل الصلاة ندباً، ويضربون عليها إذا بلغوا عشراً ليعتادوها، لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر» (رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني).

والصبي إذا تجاوز السبع فإنه غالباً ما يعقلُ الخطاب ويفهم الجواب، فإذا نُبهَ تنبه، فينبغي احتواء هذا النشء وتعليمهم وتفهيمهم برفقٍ ولين إذا وقعت منهم أخطاء ليحبوا المساجد ويألفوها، فإذا أخطأ منهم صبي فالرفقُ به مُتعين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الرفق ما كان في شيءٍ إلا زانه، وما نُزعَ من شيءٍ إلا شانه» (أخرجه مسلم).
وقال صلى الله عليه وسلم: «يا عائشة ! إن الله رفيق يحب الرفق. ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف. وما لا يعطي على ما سواه» (متفقٌ عليه واللفظُ لمسلم).

فما فعله هذا الرجل من ضرب أبنائك فيه مخالفاتٌ عظيمة، من انتهاكه حرمة المسجد، ومنها عقوبة من لا يستحقُ العقوبة، بل ينبغي الرفق بهولاء واللينُ لهم، ومنها الصدُ عن سبيل الله بتنفير هؤلاء الصغار عن المساجد وتبغيضها لهم، ومنها إهانة الوجه الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتكريمه ونهى عن ضربه، فقال صلى الله عليه وسلم: «إذا ضرب أحدكم أخاه، فليتق الوجه» (رواه أبو داود) وهو عند مسلم بلفظ «إذا قاتل...»، والأحاديثُ في الباب كثيرة.

ومنها قوله على الله بغير علم واجتراؤه عليه بزعمه أن صلاة هؤلاء الصبيان غير مقبولة، وقد كان الأولى به إذا فرضنا أنهم فعلوا ما لا ينبغي أن يعظهم بلينٍ ورفق، أو يكل إليك أمر عقوبتهم، وعلى كلٍ فالذي ينبغي لك أن تنصحه بالتوبة إلى الله عز وجل، وتبين له هذه المخالفات الذي وقع فيها لا انتصاراً لنفسك ولكن طلباً لمرضاة الله عز وجل، وإن خشيتَ حدوثَ مفسدة إذا واجهته بهذا فيمكنك أن تستعين بمن تثق به في نصيحته، ولا تمتنع من اصطحاب أبنائك إلى المساجد مع تعليمهم آدابها ووجوب تعظيمها.
والله أعلم.

  • 1
  • 0
  • 2,040

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً