هل تجوز صلاة التراويح مرتين في الليلة؟
- التصنيفات: فقه الصلاة - الحث على الطاعات - الطريق إلى الله -
هل يجوز أداء صلاة التراويح مرتين في الليلة؟ لأن هناك حديثاً يقول: أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ مُلاَزِمِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ، قَالَ زَارَنَا أَبِي طَلْقُ بْنُ عَلِيٍّ فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ فَأَمْسَى بِنَا وَقَامَ بِنَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَأَوْتَرَ بِنَا ثُمَّ انْحَدَرَ إِلَى مَسْجِدٍ فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ حَتَّى بَقِيَ الْوِتْرُ ثُمَّ قَدَّمَ رَجُلاً فَقَالَ لَهُ أَوْتِرْ بِهِمْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «
» رواه النسائي في سننه (1679)، وما حكم هذا الحديث؟الحمد لله تعالى
أولا:
صلاة التراويح هي قيام الليل في رمضان، وليس في قيام الليل في رمضان ولا غيره حد محدود من الصلاة لا يتعداه المسلم، فله أن يصلي بالليل في رمضان وفي غيره ما شاء من الصلاة.
ولو قسم أهل المسجد صلاة الليل في رمضان جزئين: جزء بعد العشاء، وجزء آخر الليل ليدركوا فضيلة وقت السحر ويجتهدوا في العبادة، وخاصة في العشر الأواخر، ويجعلوا الوتر آخر الصلاة: فلا حرج عليهم في ذلك.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"لا بأس أن يزيد في عدد الركعات في العشر الأواخر عن عددها في العشرين الأول ويقسمها إلى قسمين: قسما يصليه في أول الليل ويخففه على أنه تراويح كما في العشرين الأول، وقسما يصليه في آخر الليل ويطيله على أنه تهجد، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها ". انتهى من (فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الثانية :6/82).
ثانيا:
من صلى التراويح في مسجد، ثم وجد مسجدا آخر لا يزال يصلي، فذهب فصلى مع الناس: فلا حرج عليه أيضا، لكن لا يصلي الوتر مرتين، فإذا أوتر مع الأول لم يوتر مع الثاني؛ لأنه لا وتران في ليلة.
ومثل هذا: لو كان إماما يصلي بالناس في مسجدين، أو يصلي بجماعتين: في أول الليل، وفي آخره، أو كان يصلي مأموما مع إحداهما، ويصلي إماما بالأخرى؛ كل ذلك جائز لا حرج فيه إن شاء الله تعالى.
روى أبو داود (1439) - واللفظ له -، والترمذي (470)، والنسائي (1679)، وأحمد (16296) عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ، قَالَ: زَارَنَا طَلْقُ بْنُ عَلِيٍّ فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، وَأَمْسَى عِنْدَنَا، وَأَفْطَرَ، ثُمَّ قَامَ بِنَا اللَّيْلَةَ، وَأَوْتَرَ بِنَا، ثُمَّ انْحَدَرَ إِلَى مَسْجِدِهِ، فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ، حَتَّى إِذَا بَقِيَ الْوِتْرُ قَدَّمَ رَجُلًا، فَقَالَ: أَوْتِرْ بِأَصْحَابِكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الألباني في (صحيح سنن أبي داود).
»، وهذا الحديث حسنه ابن الملقن في (البدر المنير:4/317)، وكذا الحافظ في (الفتح:2/481)، وحسنه محققو المسند، وصححهقال السندي رحمه الله تعالى:
"(فصلى بِأَصْحَابِهِ) الظَّاهِر أَنه صلى بهم الْفَرْض وَالنَّفْل جَمِيعًا، فَيكون اقْتِدَاء الْقَوْم بِهِ فِي الْفَرْض، من اقْتِدَاء المفترض بالمتنفل" انتهى من (حاشية السندي على سنن النسائي:3/ 230).
وقد قال الإمام أحمد في الرجل يصلي شهر رمضان، يقوم فيوتر بهم وهو يريد يصلي بقوم آخرين؟
قال رحمه الله تعالى: "يشتغل بينهما بشيء، بأكل أو شرب أو يجلس" رواه المروزي.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" وذلك لأنه يكره أن يوصل بوتره صلاة، فيشتغل بينهم بشيء، ليكون فصلا بين وتره وبين الصلاة الثانية، وهذا إذا كان يصلي بهم في موضعه، أما في موضع آخر فذهابه فصل، ولا يعيد الوتر ثانية (لا وتران في ليلة) انتهى من (بدائع الفوائد:4/111).
وأكثر الفقهاء على أن مثل ذلك: جائز مطلقًا، ولا يكره بحال.
وينظر: (فتح الباري لابن رجب:6/258-259).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
"إذا أوترت في مسجدك ثم ذهبت إلى مسجد آخر ووجدت الناس يصلون ادخل معهم وصلِّ، فإن أوتروا فقم بعد الوتر وصلِّ ركعة أكمل ليكون شفعاً؛ لأنك قد أوترت من قبل" انتهى من (جلسات رمضانية).
والله تعالى أعلى وأعلم.