زوجتي الأجنبية غير مقتنعة بالإسلام

منذ 2017-02-22
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكركم على ما تُقَدِّمونه لنا من خير وعون، وأرجو مِن الله العظيم أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.

أنا شابٌّ في منتصف الثلاثين، أعيش في أوربا منذ خمس سنوات، كنتُ قبل الزواج صاحب معاصٍ كثيرة، والحمد لله منَّ الله عليَّ بالهداية، وشعرتُ بلذة التوبة والإيمان.

تعرَّفْتُ على زوجتي هناك وتزوجتُها، وقد نصحني كثيرون بألا أنجب منها أطفالاً، ثم انفصلتُ عنها.

بعد الانفصال بفترةٍ أخبرتْني بأنها أسْلَمَتْ، وتريد الإنجاب وستعلِّم الأولاد الدين الإسلامي، وبعد الرجوع لم أجدْها كما قالتْ، بل وجدتها غير مُقتنعة بالدين الإسلامي، مع أنها نطقت الشهادة مرتين، والحمد لله لم نُنْجِب أطفالاً إلى الآن، وعندما أردتُ أن أنفصلَ عنها حاولَت الانتحار!

هي تقول: إنها مسلمة، لكنها لا تُصلي.

وأنا أخاف من أمرين:

الأول: أنني إذا تركتُها فقد لا تجد مَن يُذَكِّرها بالله.

الثاني: إن بقيتُ معها، أخاف أن أنجب أطفالًا، ووقتها لن يكونوا مسلمين، علمًا بأن البلد الذي نعيش فيه لا توجد به مدارس إسلامية، وهي حديثة عهد بالإسلام.

لم أَعُدْ أثق بها، ولا أأتمنها على تعليم أولادي الدين الإسلامي إن أنجبتُ منها

فأخبروني ماذا أفعل بارك الله فيكم؟

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فالمتأمِّلُ لما كتبتَهُ - أخي الكريمُ - يدركُ ما كنا نُحَذِّرُ منه دائمًا مِن أن العيش في بلاد الكفر يكتَنِفُهُ كثيرٌ من المخاطر على دين المرءِ، ودينِ أبنائِهِ، وأن الأمر يزداد سوءًا إذا تزوَّجَ من أهلِ تلك البلادِ من غيرِ المسلمين.

أمَّا بالنسبة لمشكلتك أنت: فلا يَخفَى عليك أن الإسلامَ ليس كلمةً تُقَالُ، وإنما هو استسلامٌ لله تعالى، وانقيادٌ لشرعه، وأوامره، وأحكامِهِ، مع الحُبِّ، والخوفِ، والرجاء، ولا يصير الإنسانُ مسلمًا بمجرد كلمةِ التوحيدِ التي لا يواطِئُ فيها القلبُ اللسانَ، ويُعرَف هذا الإباءُ من عدم الانقياد لأعظَمِ أحكامِ الإسلامِ؛ وهي الصلاةُ، والزكاةُ، والصومُ، ثم سائر فرائض الإسلام، فإن كان ما فعلتْهُ زوجتُك هو مجردَ النطقِ بالشهادتين مع التوَلِّي عن العَمَلِ، وعدمِ الانقياد؛ كما يُفهَمُ من كلامك، فهي ما زالت على كُفْرِهَا.

فَحَاوِلْ معها، وبَيِّن لها بلُطفٍ ولينٍ حقيقةَ الإسلام، وأنه يقتضي الانقياد لله بالطاعة، والتزام شعائر الإسلام الظاهرة؛ من صلاةٍ، وصيامٍ، ونحوهما، فإنِ التزَمَتْ ذلك، فالحمد لله، وإن أصرَّت على النطق بالشهادتين دون الالتزام بمقتضاهما، فليست بمسلمةٍ، وهي في تلك الحال غيرُ مؤتمنةٍ على دين الأبناء إن أنجبتَ منها؛ سواءٌ التزَمَتْ بتعليم الأطفال الإسلام أم لم تلتزم؛ ففاقدُ الشيء لا يعطيه، والأَوْلَى لك أن تُطَلِّقَها، وإن أمسكْتَها ولم تُطَلِّقْها فالأفضلُ ألا تُنجِبَ منها؛ حتى لا تُكرِّرَ ما ترَاه مِن مآسٍ.

فقد ذَكرَ الفقهاءُ في الأعذار التي تُسَوِّغُ عدمَ الإنجاب الخوفَ على دِينِ الأولاد.

هذا، وأُهنِّئُك على ما تشعر به من هِدَايَةٍ، وتعمَلُ بمقتضاها؛ فمن أعظَمِ المَصَائِبِ التي يُلاقيها المسلمُ أن يَقْدِرَ على المعروفِ فلا يصطنعه حتى يفوت؛ كما قال بعضُ الحُكمَاء: "مَنْ أَخَّرَ الفرصة عن وقتِها، فَلْيَكُنْ على ثِقَةٍ من فَوْتِها".

وقال بعض الشعراء:

إِذَا هَبَّتْ رِيَاحُكَ فَاغْتَنِمْـــهَا       فَعُقْبَى كُلِّ خَافِقَةٍ سُكُـــــــــونُ

وَلاَ تَغْفُلْ عَنِ الإِحْسَانِ فِيهَا       فَلاَ تَدْرِي السُّكُونُ مَتَى يَكُونُ

 

وفقك الله لكل خيرٍ.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 6
  • 1
  • 22,569

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً