كيف يرجع إلى الإسلام بعد الردة؟
يسأل: أنا ارتدت عن اﻹسلام، كيف أتوب؟ أنا قلت: "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله"، هل يكفي هذا لدخولي الإسلام؟
السلام عليكم،
أنا ارتدت عن الإسلام: مرة كنت اسمع آيه 71 في سورة مريم و شككت في مقتضاها، و بعد ذلك شككت في كفر الكفار.
كيف أتوب؟ أنا قلت: "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله"، وقلت أيضاً: "أؤمن بصدق القرآن وأن المرور على الصراط حق وأؤمن بكفر الكفار"، هل يكفي هذا لدخولي الإسلام؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فإن التوبة من الردة تكون بالنَدِم، والاستغفار، والإقلاع عن سبب الردة، والنطَق بالشهادتين، وبهذا يصير مسلمًا؛ كما قال تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38]، وقال تعالى: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ* أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ* خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ* إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 86 - 89]، وقد ذكر الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآية أنها نزلت فيمن ارتد ثم رجع للإيمان، فقبل الله توبته وغفر له.
قال الحجاوي المقدسي في – "زاد المستقنع في اختصار المقنع" (ص: 225):
"وتوبة المرتدِّ - وكل كافر - إسلامُه؛ بأن يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ومَن كفر بجحدِ فرضٍ ونحوه، فتوبته مع الشهادتين إقراره بالمجحودِ به، أو قول: أنا بريء من كلِّ دين يخالف دين الإسلام"؛ انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في – "درء تعارض العقل والنقل" (8/ 7) -: "والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يدع أحداً من الخلق إلى النظر ابتداءً، ولا إلى مجرد إثبات الصانع، بل أول ما دعاهم إليه الشهادتان، وبذلك أمر أصحابه؛ كما قال في الحديث المتفق على صحته لمعاذ بن جبل - رضي الله عنه - لما بعثه إلى اليمن، قال له: «إنك ستأتي قومًا أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، فإنْ هم أطاعوا لذلك، فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمسَ صلواتٍ في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك، فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقةً تُؤخَذ من أغنيائهم فتردُّ على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك، فإيَّاك وكرائم أموالهم، واتقِ دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينه وبين الله حجاب».
وكذلك سائر الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - موافقه لهذا؛ كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة، وابن عمر: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم، وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله»، وفي حديث ابن عمر: «حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة».
وهذا مما اتفق عليه أئمة الدين، وعلماء المسلمين، فإنهم مُجمِعُون على ما عُلِم بالاضطرار من دين الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن كلَّ كافرٍ فإنه يُدعَى إلى الشهادتين، سواء كان معطلًا، أو مشركًا، أو كتابيًّا، وبذلك يصير الكافر مسلمًا، ولا يصير مسلمًا بدون ذلك". اهـ.
وعليه؛ فإن كان السائل قد نَدِم، واستغفر، وأقلع عن الكفر، ونطَق الشهادتين، فإسلامه صحيح،، والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: