الحلف بالطلاق

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته القائمين علي موقع طريق الاسلام جزاكم الله خير الجزاء بما قدمتموه للمسلمين من استشارات وفتاوي مشكلتي تتلخص في انني حلفت طلاق علي شخص ما بانه لا ينزل من السيارة كي انزل انا واقوم بواجب ما من دون ان ينزل هو ولكن قام هو بالنزول من السيارة وقمت انا بالواجب فهل يقع علي طلاق او يمين وما كفارة اليمين علما بانني لم اكلم زوجتي وهي في بلد اخر بعيدا عني وانا لم اقصد من قولي هذا طلاق زوجتي وجزاكم الله خير الجزاء
الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإنَّ كان الحال كما ذكرت أنك حلفت بالطلاق، ولم ترد باليمين طلاقًا وإنما باليمين منع صديقك من النزول- فإن الطلاق لا يقع؛ لأن الطلاق لا يكون إلا عن غرض فيه.

قال شَيْخُ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (33/ 61):
"... كما قال ابن عباس رضي الله عنه: "الطلاق عن وطر والعتق ما ابتغي به وجه الله"؛ ذكره البخاري في صحيحه، بين ابن عباس أن الطلاق إنما يقع بمن غرضه أن يوقعه؛ لا لمن يكره وقوعه كالحالف به والمكره عليه وعن عائشة أنها قالت: كل يمين وإن عظمت فكفارتها كفارة اليمين بالله، وهذا يتناول جميع الأيمان، من الحلف بالطلاق والعتاق والنذر، وغير ذلك.

والقول بأن الحالف بالطلاق لا يلزمه الطلاق مذهب خلق كثير من السلف والخلف؛ لكن فيهم من لا يلزمه الكفارة: كداود وأصحابه ومنهم من يلزمه كفارة يمين: كطاووس وغيره من السلف والخلف".

وقال أيضًا - قدس الله روحه ونور ضريحه -: "الصِّيَغُ التي يتكلَّم بها الناس في الطلاق والعِتَاق والنَّذْرِ والظِّهَار والحرام, ثلاثة أنواع:

النوع الأول: صيغة التَّنْجِيز, مِثْل أن يقول: امرأتي طالِق. أو أنتِ طالِق. أو فلانة طالِق. أو هي مُطلَّقة... ونحو ذلك؛ فهذا يقع به الطَّلاق, ولا تنفع فيه الكَفَّارَة بإجماع المسلمين.

 والنوع الثاني: أن يَحْلِفُ بذلك, فيقول: الطلاقُ يَلزَمُنِي لأَفْعَلَنَّ كذا. أو لا أفعل كذا. أو يحلف على غيره - كعبده وصديقِه الذي يرى أَنَّهُ يُبِرُّ قَسَمَهُ - لَيَفْعَلَنَّ كذا. أو لا يفعل كذا. أو يقول: الحِلُّ علي حرام لأفعلنَّ كذا. أو لا أفعلُه. أو يقول: عليَّ الحَجُّ لأفْعَلَنَّ كذا. أو لا أفْعَلُه... ونحو ذلك؛ فهذه صِيَغُ قَسَمٍ, وهو حَالِفٌ بهذه الأمور; لا موقع لها، وللعلماء في هذه الأيمانِ ثلاثةُ أقوال:

- أحدها: أنه إذا حَنَثَ لزِمَه ما حلف به.

- والثاني: لا يلزمه شيء.

- والثالث: يلزمه كفارة يمين.

ومِنَ العلماء مَنْ فَرَّق بين الحَلِفِ والطلاقِ والعِتاق وغيرها.

والقول الثالث أظهر الأقوال; لأن الله تعالى قال: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم:2]. وقال: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة:89].

وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صحيح مسلم، وغيره، من حديث أبي هريرة، وعدي بن حاتم، وأبي موسى، أنه قال: (ومن حلف على يمين، فرأى غيرَها خيرًا منها، فَلْيَأْتِ الذي هو خيرٌ، ولْيُكَفِّرْ عن يمينه).

  وهذا يعم جميع أيمان المسلمين، فمن حلف بيمين من أيمان المسلمين وحنث أجْزَأَتْهُ كفَّارةُ يمين... وهذا يتناول جميع الأيمان؛ من الحلف بالطلاق، والعتاق، والنذر.

 وعليه، فلا يقع الطلاق عند الحنث في اليمين.

أما كفَّارةُ اليمين فإطعامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ ويكفي في إطعام المسكين تقديم وجبة غداء أو عشاء أو إعطاؤه كيلو من الطعام أرزا أو غيره، أو كِسْوَتُهُمْ ويكفي في الكسوة ثوب تصح فيه الصلاة، ومن لم يجد ما الإطعام أو الكسوة يصوم ثلاثة أيام،، والله أعلم.