مصاب بشرخ في المستقيم فهل يجوز الإفطار في رمضان
خالد عبد المنعم الرفاعي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. انا مسلم تركت بلادي انا وعائلتي بسبب الحروب منذ ثلاث سنوات وذهبت الى شمال اوروبا ولم احصل على الاقامة. وفي هذه السنوات الثلاث صمت رمضان على توقيت شمال اوروبا واحد و عشرين ساعة في اليوم مدة الصيام فاصابني شرخ في المستقيم بسبب قلة الطعام فعندما اصوم لمدة 21 ساعة يعود الشرخ في المستقيم مع اللام كبيرة جدا ونزيف شديد. وقررت انا و عائلتي ان نعود إلى بلادنا خلال الفترة القادمة لأننا لم نحصل على الاقامة . فهل بحالتي الطبية المذكورة اعلاه و كوني مسافر وغير مقيم ولم احدد موعد للعوده الى بلدي فهل علي صيام رمضان ام لدي رخصه بالافطار ام ماذا؟ وجزاكم الله خير
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن كان الحال كما ذكرت أن الصيام لمدة طويلة من النهار أصابك بشرخ في المستقيم، وأن اللام المصاحبة له كبيرة جدا، فيجوز لك الإفطار ثم تقضي أيامًا مكانه بعد الشفاء؛ وهو قول أكثر أهل العلم، أن المريض الذي يَلحقه ضرر بسبب الصيام، أو يزداد مرضه، أو يشق معه الصوم، أو يخشى زيادة المرض، أو تباطؤ برئه بالصوم: فإنه يفطر؛ وتقدير ذلك إلى المريض نفسه، أو إخبار الطبيب؛ قال الله تعالى {مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } [البقرة: 184]، وقوله: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 173].
فقد اتفق أهل العلم على أن الصيام يَسْقُط بالعجز عن الصيام؛ قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، وقال تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195]، وقال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} [النساء: 28]، وقال: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [المائدة: 6]، وقال: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: 78].
قال الإمام ابن قدامة في "المغني" (3/ 155)-: "أجْمَع أهلُ العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة، والأصل فيه قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184]، والمرضُ المبيح للفطر هو الشديد الذي يزيد بالصوم، أو يخشى تباطؤ بُرئه.
قيل لأحمد متى يفطر المريض؟ قال: إذا لم يستطع، قيل: مثل الحمى؟ قال وأي مرض أشد من الحمى".اهـ.
وقال الإمام النووي في – "المجموع شرح المهذب" (6/ 258)-:
"المريض العاجز عن الصوم لمرض يرجى زواله، لا يلزمه الصوم في الحال، ويلزمه القضاء، هذا إذا لحقه مشقة ظاهرة بالصوم، ولا يشترط أن ينتهي إلى حالة لا يمكنه فيها الصوم، بل قال أصحابنا: شرط إباحة الفطر، أن يلحقه بالصوم مشقة يشق احتمالها، قال أصحابنا: وأما المرض اليسير الذي لا يلحق به مشقة ظاهرة، لم يجز له الفطر بلا خلاف عندنا". اهـ. مختصرًا.
وعليه؛ فيجوز للسائل أن يفطر ثم يعوض تلك،، والله أعلم.