حكم المال الذي لا يعرف صاحبه

منذ 2019-09-28

رد المال إلى أصحابه واجب مشروط بالقدرة عليه، والتمكن من العمل به، فإذا تعذر رده على صاحبه فإن يصرف في مصالح المسلمين التي يحبها الله ورسوله.

السؤال:

السلام عليكم. كنت قد اشتريت منتج من أحد المواقع العالمية المشهورة وتم الدفع ببطاقة الائتمان للبائع (من سنغافورة) حيث كان الشحن مجاني وللأسف لم يوجد رقم تتبع للشحنة ولم استلم المنتج حتي مرور شهرين. قدمت شكوى للموقع واسترديت المبلغ كاملا. بعد ذلك ب ٣ شهور فوجئت بالمنتج يصلني بالبريد وحاولت التواصل مع الموقع أو البائع لإعادة المبلغ مره أخرى وللأسف لا توجد وسيلة. السؤال الآن ماذا أفعل وقد استلمت منتج لم أدفع ثمنة هل أتصدق بهذا المبلغ كي اريح ضميري ام انا غير مطالب بذلك؟ ولكم جزيل الشكر

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فالواجب عند جمهور العلماء فيما لا يعرف مالكه أن يصرف في مصالح المسلمين، واستدل الأئمة على ذلك بقاعدة: أن المجهول في الشريعة كالمعدوم والمعجوز عنه؛ فإن الله سبحانه وتعالى قال: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] وقال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]، وفي الصحيحين  عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم".

ورد المال إلى أصحابه واجب مشروط بالقدرة عليه، والتمكن من العمل به، فإذا تعذر رده على صاحبه فإن يصرف في مصالح المسلمين التي يحبها الله ورسوله.

 قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (29/ 263):

"الذي لا نعرف مالكه يسقط عنا وجوب رده إليه، فيصرف في مصالح المسلمين والصدقة من أعظم مصالح المسلمين؛ وهذا أصل عام في كل مال جهل مالكه بحيث يتعذر رده إليه، كالمغصوب والعواري والودائع، تصرف في مصالح المسلمين على مذهب مالك وأحمد وأبي حنيفة وغيرهم".

وقال أيضًا: (29/ 321):

"المال إذا تعذر معرفة مالكه صرف في مصالح المسلمين عند جماهير العلماء كمالك وأحمد وغيرهما، فإذا كان بيد الإنسان غصوب أو عوار أو ودائع أو رهون قد يئس من معرفة أصحابها، فإنه يتصدق بها عنهم أو يصرفها في مصالح المسلمين، أو يسلمها إلى قاسم عادل يصرفها في مصالح المسلمين المصالح الشرعية.

ومن الفقهاء من يقول: توقف أبدا حتى يتبين أصحابها؟ والصواب الأول؛ فإن حبس المال دائمًا لمن لا يرجى لا فائدة فيه، بل هو تعرض لهلاك المال واستيلاء الظلمة عليه؛ "وكان عبد الله بن مسعود قد اشترى جارية فدخل بيته ليأتي بالثمن فخرج فلم يجد البائع، فجعل يطوف على المساكين ويتصدق عليهم بالثمن ويقول: اللهم عن رب الجارية، فإن قبل فذاك وإن لم يقبل فهو لي وعلي له مثله يوم القيامة".

وكذلك أفتى بعض التابعين من غَل من الغنيمة وتاب بعد تفرقهم أن يتصدق بذلك عنهم، ورضي بهذه الفتيا الصحابة والتابعون الذين بلغتهم كمعاوية وغيره من أهل الشام". اهـ.

وعليه، فإن كان لا يمكنك الوصول لأصحاب المال، فاصرفه في مصالح المسلمين على الفقراء والمساكين، وغيرهما،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 1
  • 0
  • 4,005

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً