أفتوني في زوجتي

منذ 2020-01-08
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته انا متزوج منذ ١٦ عاماً وعمري الآن ٣٨ سنة ولدي ٧ أطفال ومنذ السنة الأولى وانا على مشاكل مع زوجتي في معاملتها السيئة وسوء الخلق وكنت صابرا عليها لانني تزوجتها عن محبة وهي ابنة عمي وبعد مرور السنوات بدأت الخلافات تشتد أكثر فأكثر وتعدت زوجتي كل الخطوط الحمراء حتى وصلت معي إلى ان تهينني وتشتمني وتضربني احيانا على سبيل المثال عندما كنا نختلف في أمر لا تطيعني فيما أقول ومثالا على ذلك ( اقول لها لا تتعطرين في الخارج فهذا حرام ولا يجوز أمام الناس فتقول لا يعنيك هذا يا شيخنا الفاضل ) كانت تخرج من البيت عندما نتشاجر من غير إذن وما زلت حتى الآن أعاني معها في كل شئ حتى أمام أطفالي تشتمني بأقبح الألفاظ وتقول ل اطفالي هذا أبوكم الزاني الذي يفعل كذا وكذا ما ذا أفعل مع العلم أنني أقيم في دولة أوروبية وهنا الحقوق للمرأة وقلت لها مرارًا سوف اتزوج عليكي وكانت تقول سوف أحرمك من رؤية أطفالك وفي نهاية الأمر كنت أصبر ل أجل أطفالي مع كل محاولاتي معها من الموعظة والهجر والضرب لوصولها لحالة النشوز ولم تتعظ او تخاف وتتقي ربها في زوجها حتى وصلت لدرجة اني طلقتها ثم وعدتني بأن تتغير ثم أرجعتها على عصمتي وصبرت وكأن شيئا لم يتغير انا الآن لا أنام معها في نفس الغرفة لانني كرهتها ولكنني أحب أطفالي أريد أن أتزوج عليها ولكنني أخاف أن يكرهونني أطفالي او يقول لقد تركتنا مع العلم أنني لن أتخلى عنهم ولكن زوجتي سوف تقول لهم ذلك ماذا أفعل لقد وصلت لدرجة كبيرة من الحزن والكرب أرجوكم أفتوني

الإجابة:

الحمد لله والصلاة، والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: 

فمما لا شك فيه أن سلاطةَ اللسان والعناد وحب التسلط من أقبح أنواع نشوز الزوجة، ومِن سوء العِشْرة، وعدم الخضوع لقوامة الزوج الذي جعلها الله تعالى للرجل على المرأة، فهو قيم الأسرة ورئيسها، قال الله تعال: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} أي: رفعة ورياسة، وزيادة حق عليها، كما قال تعالى: [البقرة: 228] {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34] أي: قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه وكفهن عن المفاسد، بالإنفاق عليهن، وليس معنى العفو والصبر على اعوجاج خلقها أن يسمح لها بأن تفعل ما تريده، أو تسب وقتما شاءت، فيجب على الزوج أن يأخذ على يد زوجته، قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6]، وفي الصحيحين عبد الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسئول، فالإمام راع وهو مسؤول، والرجل راع على أهله وهو مسؤول".

 ومن ثمّ أمر الله بسبل للعلاج؛ فقال: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء: 34].

فإن كان الشقاق والنشوز قد استعلن وبلغ الحد المذكور في رسالتك، فلتبحث عن رجل عاقل عدل فينظران ما ينقم كل منكما على صاحبه، ثم يلزم كلا منكما ما يجب؛ قال الله تعالى:  {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرً} [النساء: 35].

ومهما أمكنكما الجمع والإصلاح فلا تعدلان عنه؛ لأنه على الرغم من تلك المعاناة التي تذكرها، فالحياة تمضي بكما حتى أنجبت سبعة من الأبناء، في سبعة عشرةَ سنةً، والعادة ومحال أن تكون شخصية زوجتك تغيرت للأسوأ في كل شيء في يوم وليلة، فهذا يجعلك تستطيع أن تحافظ على الأسرة من الانهيار، وتقديم مصلحة الأبناء بحماية المنزل من التفكك والسقوط، واتخاذ جميع التدابير اللازمة لذلك.

هذا؛ ويمكنك فعل أشياء كثيرة غير ما ذكرنا منها:

أولًا: الدعاء لزوجتك بصلاح الحال، فهو بابٌ عظيم ووسيلة كبرى للصلاح والهداية، فابتهِلْ إلى الله تعالى وتذلَّلْ بين يديه بالدعاء بالخير والصلاح والفلاح في الدنيا والآخرة، وتحرَّ أوقات الإجابة، وكلما نازعَتْك نفسُك وتملمَلَتْ تذكَّر الأجر الذي يتفضل الله به عليك، وتذكَّرِ الغاية الكبرى من صبرك؛ أعنى تغليب مصلحة الأبناء.

ثانيًا: ابحث عن الأوجه الإيجابية في شخصية زوجتك، والتي كانت سببًا طول العشرة بينكما، وذلك لتتمكَّن من التحاور معها، فتتفقان معًا على أسلوبٍ عمليٍّ للتفاهم، وتبحثان عن وسيلة مهذَّبة لحل المشكلات، والبعد عن التشهير والسِّباب، وهذا يتطلَّب منكما تنازلاتٍ وتحلَّ بالحِلم واللِّين؛ فإن من أهم ما يستجلب القلوب ويستميلها الكلام الطيب اللين، فقد قال تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83]، وقال تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا} [الإسراء: 53]، وقال صلى الله عليه وسلم: "ومَن كان يؤمِنُ بالله واليوم الآخر فليقُلْ خيرًا أو ليصمت"؛ رواه البخاري، وقال: "ما شيء أثقل في ميزانِ المؤمن يوم القيامة من خُلُق حسن، وإن الله ليُبغِض الفاحش البذيء"،

ثالثًا: قوامةَ الرجل على المرأة ضرورة شرعية فلا تفتقر لموافقتها، ومِن أول مهامِّ تلك القَوامة العملُ على حفظ دين الزوجة، وتعليمها ما ينفعها، وإلزامها بحقوق الله تعالى؛ من المحافظة على فرائضه، وكفها عن المفاسد، تذكِّرها بالوعيد الشديد الوارد في معصية الزوج.

رابعًا: الابتعاد عن المنزل قدر الإمكان، وتقليلَ فترات التواجد في المنزل؛ لتفادي ما قد ينشأ من مفاسدَ بكثرةِ، فالتداني في بعض الأحيان، يكون معه القلى والقسوة، وفي المثل العربي: "فرّق بين معدٍ تحاب".

وبعض الزوجات لا تستقيم الحياة معها إلا بقلة المخالطة، وزيادة المسافات الحسية، وعدم مراعاة هذا كثيرًا ما يؤدي لمزيد من العداوة والبغضاء.،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 1
  • 0
  • 4,404

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً