حكم الاستمناء لمن خافت الوقوع في الفاحشة

منذ 2020-01-21
السؤال:

هل يجوز للمرأة الذي زوجها مسافر ويطول سفره لمده طويله ان تمارس العادة السرية نادرا لتحمي نفسها من الوقوع في الفاحشه

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فإن من محاسن الشريعة الإسلاميةأنها جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، أنها تدفع أعظم المفسدتين باحتمال أدناهما، فإذا تعارضت سيئتان بحيث لا يمكن الخلو منهما؛ فيدفع أسوأهما باحتمال أدناهما، وهذه من القواعد الكبرى في الشريعة.

إذا عرف هذا، فمن خَشِيتْ على نفسِها الوقوع من في الزنا يرخص لها الاستمناء؛ يكسر بها سورة الشهوة الغالبة، من باب ارتكاب أقل المفسدتين، ولا يكون الاستمناء في حقها محرم حينئذ، ونقل هذا عن طائفة من الصحابة والتابعين أنهم رخصوا فيه للضرورة، مثل من يخشى الزنا فلا يعصم منه إلا به، أو يخاف المرض، أو يخاف أن لم يستمن يزداد مرضه، وهو من مفردات الإمام أحمد، وأما بدون الضرورة فلم يرخص فيه أحد.  

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - في "مجموع الفتاوى" (10 / 573) -:

"من أباح "الاستمناء" عند الضرورة، فالصبر عن الاستمناء أفضل؛ فقد رُوِيَ عن ابن عباس: أن نكاح الإماء خير منه، وهو خير من الزنا.

 فإذا كان الصبر عن نكاح الإماء أفضل، فعن الاستمناء بطريق الأولى أفضل - لا سيما - وكثير من العلماء أو أكثرهم يجزمون بتحريمه – مطلقًا - وهو أحد الأقوال في مذهب أحمد، واختاره ابن عقيل في المفردات، والمشهور عنه - يعني عن أحمد -: أنه محرم، إلا إذا خَشِيَ العنت، والثالث: أنه مكروه، إلا إذا خشي العنت.

 فإذا كان الله قد قال في نكاح الإماء: {وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [النساء: 25]، ففيه أولى.

وذلك يدل على أن الصبر عن كليهما ممكن، فإذا كان قد أباح ما يمكن الصبر عنه، فذلك لتسهيل التكليف، كما قال - تعالى -: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28].

 و"الاستمناء" لا يباح عند أكثر العلماء - سلفًا وخلفًا - سواءٌ خشي العنت، أو لم يخش ذلك.

 وكلام ابن عباس، وما رُوِيَ عن أحمد فيه، إنما هو لمن خَشِيَ "العنت" وهو الزنا واللواط خشية شديدة، خاف على نفسه من الوقوع في ذلك، فأبيح له ذلك؛ لتكسير شدة عنته وشهوته.

 وأما من فعل ذلك تلذُّذًا، أو تَذَكُّرًا، أو عادة؛ بأن يتذكر في حال استمنائه صورةً كأنه يجامعها، فهذا كله محرم، لا يقول به أحمد ولا غيره، وقد أوجب فيه بعضهم الحد، والصبر عن هذا من الواجبات، لا من المستحبات.

وأما الصبر عن المحرمات، فواجب، وإن كانت النفس تشتهيها وتهواها؛ قال - تعالى -: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 33]؛ و"الاستعفاف" هو ترك المنهي عنه؛ كما في الحديث الصحيح عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من يستعفِفْ يعفَّه الله، ومن يستغن يغنِهِ الله، ومن يتصبرْ يصبِّرْه الله، وما أُعْطِيَ أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسعَ من الصبر".

 فالمستغني لا يستشرف بقلبه، والمستعفف هو الذي لا يسأل الناس بلسانه، والمتصبر هو الذي  يتكلف الصبر". اهـ.

وقال في "بدائع الفوائد" (4/ 96): وإن كان مغلوبًا على شهوته يخاف العنت كالأسير والمسافر والفقير، جاز له ذلك نص عليه أحمد رضي الله عنه، وروي أن الصحابة كانوا يفعلونه في غزواتهم وأسفارهم، وإن كانت امرأة لا زوج لها واشتدت غلمتها فقال بعض أصحابنا: يجوز لها". اهـ.

وعليه، فيباح فعل العادة إن خشيت على نفسك العنت،، والله أعلم. 

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 7
  • 3
  • 5,470

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً