ما معني لا تقبل توبة من سب الله او الرسول

منذ 2020-02-01
السؤال:

السلام عليكم يا شيخ ما معنى قول الشيخ ابن عثيمين لا تقبل توبة من سب الله او الرسول و يقتل كافرا و لا يدفن مع المسلمين هل معنى هذا ان الله لن يقبل توبته ؟؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فإن معنى كلام أهل العلم (أنه لا تقبل توبة من سب الله او الرسول)، أن القتل لا يسقط عنه بالتوبة، مثل من زنا وتاب فإنه يقام عليه الحد، يعني أن التوبة غير مقبولة عندنا في ظاهر الحال، وأن القتل لا يسقط عنه بالتوبة؛ ولأن حكمه حكم الزنديق الذي تتكرر ردته، وكلما قدر عليه قال قد تبت إلى الله، وقد روي من عمر رضي الله تعالى عنه التسوية بين سب الله وسب الأنبياء في إيجاب القتل، ولم يأمر بالاستتابة.

وما اختاره الشيخ هو مذهب مالك رضي الله عنه، كما في "التلقين في الفقة المالكي" (2/ 199)، وغيره من كتب المالكية المعتمدة؛ قال الإمام مالك في رواية ابن القاسم ومطرف: "ومن سب النبي صلى الله عليه وسلم قتل ولم يستتب"، قال ابن القاسم: "من سبه أو شتمه أو عابه أو تنقصه فإنه يقتل كالزنديق".

وهو ما نصَّ عليه الإمام أحمد والمشهور من مذهبه، أنه يقتل على كل حال تاب أو لم يتب، وليس معناه أن التوبة الصادقة ليست مقبولة عند الله.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الصارم المسلول على شاتم الرسول" (ص: 301)

"قال القاضي في المجرد وغيره من أصحابنا: "والردة تحصل بجحد الشهادتين، وبالتعريض بسب الله تبارك وتعالى، وبسب النبي صلى الله عليه وسلم"، إلا أن الإمام أحمد قال: "لا تقبل توبة من سب النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن المعرة تلحق النبي صلى الله عليه وسلم بذلك"، وكذلك وقال ابن عقيل: "قال أصحابنا في سب النبي عليه الصلاة والسلام: إنه لا تقبل توبته من ذلك؛ لما تدخل من المعرة من السب على النبي عليه الصلاة والسلام، وهو حق لآدمي لم يعلم إسقاطه"،

وقال القاضي في خلافه وابنه أبو الحسين: "إذا سب النبي صلى الله عليه وسلم قتل ولم تقبل توبته مسلمًا كان أو كافرًا ويجعله ناقصًا للعهد"، نص عليه أحمد.

وذكر القاضي النصوص التي قدمناها عن الإمام أحمد في أنه يقتل ولا يستتاب وقد وجب عليه القتل، قال القاضي: لأن حق النبي صلى الله عليه وسلم يتعلق به حقان: حق لله وحق للآدمي، والعقوبة إذا تعلق بها حق لله وحق لآدمي، لم تسقط بالتوبة كالحد في المحاربة، فإنه لو تاب قبل القدرة لم يسقط حق الآدمي من القصاص، ويسقط حق الله.

وقال أبو المواهب العكبري: يجب لقذف النبي صلى الله عليه وسلم الحد المغلظ وهو القتل، تاب أو لم يتب، ذميًا كان أو مسلمًا... إلى أن قال:

ومرادهم بأنه لا تقبل توبته: أن القتل لا يسقط عنه بالتوبة، والتوبة اسم جامع للرجوع عن السب بالإسلام وبغيره، فلذلك أتوا بها وأرادوا أنه لو رجع عن السب بالإسلام، أو بالإقلاع عن السب والعود إلى الذمة إن كان ذميًا= لم يسقط عنه القتل؛ لأن عامة هؤلاء لما ذكروا هذه المسألة قالوًا: خلافًا لأبي حنيفة والشافعي في قولهما: إن كان مسلمًا يستتاب، فإن تاب وإلا قتل كالمرتد، وإن كان ذميًا فقال أبو حنيفة: لا ينتقض عهده، واختلف أصحاب الشافعي فيه، فعلم أنهم أرادوا بالتوبة توبة المرتد وهي الإسلام؛ ولأنهم قد حكموا بأنه مرتد، وقد صرحوا بأن توبة المرتد أن يرجع إلى الإسلام وهذا ظاهر فيه! فإن كل من ارتدَّ بقول فتوبته أن يرجع إلى الإسلام ويتوب من ذلك القول". اهـ.

هذا؛ وقد سبق أن بينا أن توبة المرتد مقبولة عند الله تعالى في الفتاوى: "هل تقبل توبة المرتد ثلاث مرات"، "هل ساب النبي لا تقبل توبته؟"، "الحكمة في مشروعية قتل المرتد"،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 7
  • 1
  • 10,273

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً