أرسلت صوري وندمت
خالد عبد المنعم الرفاعي
فاستَعِيني بالله، وكونْي قويًّة، واقطعْي خطرات الشيطان ووساوسه، وكوني على يقين بكرم الله وجوده وستره، وابشري بالخير فإن عاقبة الاستقامة الذكرُ الحسن، والثناء الجميل، وليس هتك الستر والفضيحة.
- التصنيفات: أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة - الطريق إلى الله -
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته أتمنى أن تساعدوني فأنا حائرة و أشعر بذنب لا أعلم ماذا أفعل أنا شابة عمري 22 سنة الحمد لله أصلي و أقرأ القرآن و الأذكار و أصوم.. مشكلتي أني عندما كنت في 15 من عمري كنت في علاقة مع شاب دامت 3 سنوات و أرسلت له صوري لكن بعدها تبت وندمت على ما فعلت و قطعت علاقتي مع ذلك الشاب منذ سنتين و قبل ان اقطع علاقتي به سألته عن صوري قال لي مسحتهم بعد انتهاء العلاقة
أصبحت موسوسة يأتيني شعور سيء و ضيق في قلبي من أن يكون صوري معه فصرت موسوسة و أخاف من الفضيحة أحيانا أكره حياتي و أحب الوحدة عندي ثقة كبيرة في الله لكن ذلك الإحساس جد سيء عندما أتذكر الصور و ما قمت بيه أخاف و أشعر بذنب كنت أود أن أرسل لشاب و أسأله عن صوري لا أعلم ماذا أفعل فساعدوني وهل خوفي من الفضيحة هل هذا خطأ؟؟؟ و هل أرسل لشاب كي أتأكد أن صوري ليست معه ؟؟؟ و أتمنى من بنات المسلمات أن لا يقوم بما قمت به و أن يحذرو من هذي العلاقات التي حرمها الله و أن يتوب الله عليا و على بنات المؤمنين و المسلمين و يستر عليا و على بنات المؤمنين و المسلمين اجمعين يا رب
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فمن المقرر عند كل مؤمن أن الله تعالى يدافع عن الذين آمنوا، وأنه لن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا؛ وأعْظم ما يعتصم به من تخويف الشَّيطان عبوديَّة الله، والقيام بالإيمان الكامل والتوكل على الله؛ قال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا} [الإسراء: 65].
فابعدي عن ذهنك شبح الخوف من ولن تستطيع ذلك إلا بالاعتصام بالله - تعالى - والتحصن بالأذكار المأثورة، الحرص على الطاعة، والابتعاد عن المعاصي، مع حسن الظن بالله، واليقين بأنه الحافظ، وأن أذى المخلوقين لن يصلها إلا بقضاء الله وقدره، كما صحّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ((... ولو أنفقت مثل أحد ذهبًا في سبيل الله، ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير هذا لدخلت النار))؛ رواه أحمد وأبو داود.
وعن ابن عباس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((...واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك؛ رفعت الأقلام وجفت الصحف))؛ رواه احمد والترمذي.
كما يجب عليك العملُ بكلِّ ما من شأْنِه زيادة الإيمان والتَّقوى، فكلَّما ازداد إيمانُك صلابة، كلَّما طاشت وتلاشت واضمحلَّت الذُّنوب؛ فإنَّ فضل الله واسع.
قال الإمام ابن القيِّم في "مدارج السَّالكين" وهو يتكلَّم عن أنَّ صدق التوجُّه إلى الله بالكلّيَّة سبب في ذهاب الذُّنوب: "اعلم أنَّ أشعَّة "لا إله إلاَّ الله" تبدِّد من ضباب الذنوب وغيومها بقدْر قوَّة ذلك الشعاع وضعفه، فلها نور، وتفاوُت أهلها في ذلك النور قوَّة وضعفًا لا يُحصيه إلاَّ الله تعالى؛ فمن النَّاس مَن نُور هذه الكلمة في قلبه كالشَّمس، ومنهم مَن نُورها في قلبه كالكوْكب الدريِّ، ومنهم مَن نورها في قلبه كالمشْعل العظيم.
وكلَّما عظم نُور هذه الكلمة واشتدَّ، أَحْرق من الشُّبهات والشَّهوات بحسب قوَّته وشدَّته، حتَّى إنَّه ربَّما وصل إلى حال لا يُصادف معها شبهة ولا شهوة ولا ذنبًا إلاَّ أحرقه، وهذا حال الصَّادق في توحيده الَّذي لم يشرك بالله شيئًا، فأي ذنبٍ أو شهوةٍ أو شبهةٍ دنت من هذا النور أحْرقها، فسماء إيمانه قد حُرِسَت بالنجوم من كل سارقٍ لحسناته، فلا ينال منها السَّارق إلاَّ على غِرَّة وغفلة لا بدَّ منها للبشر، فإذا استيقظ وعلم ما سُرِق منه، استنقَذَه من سارقه، أو حصَّل أضعافه بكسْبِه، فهو هكذا أبدًا مع لصوص الجنِّ والإنس، ليس كمَن فتح لهم خزانتَه، وولَّى الباب ظهْره.
وليس التَّوحيد مجرَّد إقرار العبد بأنَّه لا خالق إلاَّ الله، وأنَّ الله ربُّ كلِّ شيءٍ ومليكه، كما كان عبَّاد الأصنام مقرِّين بذلك وهم مشركون، بل التَّوحيد يتضمَّن من محبَّة الله، والخضوع له، والذُّلِّ، وكمال الانقِياد لطاعته، وإخلاص العبادة له، وإرادة وجهه الأعْلى بجميع الأقوال والأعمال، والمنْع والعطاء، والحب والبغض - ما يَحول بين صاحبِه وبين الأسباب الدَّاعية إلى المعاصي والإصرار عليْها، ومَن عرف هذا، عرف قولَ النَّبيِّ: ((إنَّ الله حرَّم على النَّار مَن قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجْه الله))، وقوله: ((لا يدخُل النَّار مَن قال: لا إله إلا الله))، وما جاء من هذا الضرْب من الأحاديث التي أَشْكلتْ على كثيرٍ من النَّاس، حتَّى ظنَّها بعضُهم منسوخةً، وظنَّها بعضُهم قيلت قبل وُرود الأوامر والنَّواهي واستِقْرار الشَّرع، وحملها بعضُهم على نار المشركين والكفَّار، وأوَّل بعضهم الدُّخول بالخلود، وقال: المعنى: لا يدخلها خالدًا، ونحو ذلك من التَّأويلات المستكْرَهة.
والشَّارع - صلوات الله وسلامه عليه - لَم يجعل ذلك حاصلاً بمجرَّد قول اللسان فقط، فإن هذا خلاف المعلوم بالاضطِرار من دين الإسلام؛ فإنَّ المنافقين يقولونَها بألسنتِهم، وهم تحْت الجاحدين لها في الدَّرك الأسفل من النَّار، فلا بدَّ من قوْل القلب وقوْل اللسان.
وقول القلب: يتضمَّن من معرفتها، والتَّصديق بها، ومعرفة حقيقة ما تضمَّنتْه، من النفي والإثبات، ومعرفة حقيقة الإلهيَّة المنفيَّة عن غير الله المختصَّة به، الَّتي يستحيل ثبوتُها لغيره، وقيام هذا المعنى بالقلْب: علمًا ومعرفةً ويقينًا وحالاً - ما يوجب تحريم قائلها على النَّار، وكلُّ قولٍ رتَّب الشَّارع ما رتَّب عليْه من الثَّواب، فإنَّما هو القول التَّام؛ كقوْلِه: ((مَن قال في يوم: "سبحان الله وبحمْده" مائةَ مرَّة، حطَّت عنه خطاياه، أو غُفِرَت ذنوبه، ولو كانت مثل زبد البحر))، وليس هذا مرتَّبًا على مجرَّد قول اللسان". اهـ.
فاستَعِيني بالله، وكونْي قويًّة، واقطعْي خطرات الشيطان ووساوسه، وكوني على يقين بكرم الله وجوده وستره، وابشري بالخير فإن عاقبة الاستقامة الذكرُ الحسن، والثناء الجميل، وليس هتك الستر والفضيحة.
واحذري من معاودة السؤال مع ذلك الشاب أو الاتصال به، فإنخها خطوة من خطوات الشيطان،، والله أعلم.