حكم الزواج الأرملة

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

انا ارمله منذ 8 سنوات ومعي خمسة أولاد تعرفت بشخص وقررنا الارتباط السؤال هل اذا تزوجت رغما عن اهلي والمحيطين بي يكون ذلك حراماً ؟وهل ينقص هذا من ثواب كفالتي لايتامي ؟ قد يستغرق الاستعداد للزواج حوالي سنة هل حديثنا في هذه الفترة يكون اثما ؟ جزاكم الله خيرا

الإجابة:

الحمد لله، والصَّلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن وَالاَه، وبعد:

فمما لا شك فيه أن زواج المرأة الأرملة مشروع من كفئها، ما دامت في حاجة إلى الزواج ، على أن يكون الزواج مستوفَيًا أركانَه، وتَحقَّقت فيه شروطُه الشرعيَّة والأركان:

ومن هذه الشروط: الولي؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم -: ((لا نِكاحَ إلا بوليٍّ، وشاهدَيْ عدْلٍ))؛ رواه أحمد وأبو داود. 

وقال – صلى الله عليه وسلم -: ((أيما امرأة نُكحت بغير إذن وليها، فنكاحُهَا باطل. فنكاحها باطل. فنكاحها باطل))؛ رواه أحمد وأبو داود، وأحق الأولياء بتزويج المرأة والدها.

والشهادة عليه؛ لحديث:((لا نكاح إلا بولي، وشاهدي عدل))؛ رواه ابن حبان والدارقطني والبيهقي، من عائشة حديث وابن عباس وابن مسعود.

فإن رفض الولي الأقرب الزواج، انتقلت الولاية للولي الأبعد، فإن رفضوا جميعًا زوجك أحد المسلمين.

قال الإمام ابن قدامة في "المغني": "إذا عَضَلها وليُّها الأقرب، انتقلت الولاية إلى الأبعد، نصَّ عليه أحمد، وعنه رواية أخرى: تنتقل إلى السلطان، وهو اختيار أبي بكر، وذكر ذلك عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه – وشريح، وبه قال الشافعي؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((فإن اشتجروا، فالسلطان ولي من لا ولي له)).

ولنا: أنه تَعَذَّر التزويج من جهة الأقرب، فَمَلَكَه الأبعد، كما لو جُنَّ؛ ولأنه يفسق بالعضل، فتنتقل الولاية عنه، كما لو شرب الخمر، فإنْ عَضَل الأولياء كلهم، زوَّج الحاكمُ، والحديث حجة لنا ؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم -: ((السلطان ولي من لا ولي له))، وهذه لها ولي، ويمكن حمله على ما إذا عضل الكل؛ لأن قوله – صلى الله عليه وسلم -: (( فإن اشتجروا)) ضميرُ جمعٍ يتناول الكل". اهـ.

قال المرداوي في "الإنصاف": "قوله: (وإن عضل الأقربُ، زوَّج الأبعد): هذا الصحيح من المذهب، وعليه أكثر الأصحاب... وقال الشيخ تقي الدين - رحمه الله - من صور العضل : إذا امتنع الخُطَّاب من خِطْبتها؛ لشدة الولي". اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى": "وإذا رَضِيَت رجلاً، وكان كُفْئًا لها، وجب على وليِّها - كالأخ ثم العم - أن يزوجها به، فإن عضلها وامتنع من تزويجها، زوَّجها الولي الأبعد منه أو الحاكم بغير إذنه باتفاق العلماء؛ فليس للولي أن يُجْبِرها على نكاح من لا ترضاه، ولا يعضلها عن نكاح من ترضاه، إذا كان كفئًا باتفاق الأئمة؛ وإنما يجبرها ويُعْضِلها أهل الجاهلية والظلمة، الذين يزوِّجون نساءهم لمن يختارونه؛ لغرضٍ، لا لمصلحة المرأة، ويُكرهونها على ذلك، أو يخجلونها حتى تفعل، ويعضلونها عن نكاح من يكون كفئًا لها؛ لعداوة أو غرض. وهذا كله من عمل الجاهلية والظلم والعدوان؛ وهو مما حرمه الله ورسوله، واتفق المسلمون على تحريمه". اهـ.

إذا تقرر هذا؛ فإذا منعك الأب من الزواج من الرجل الكفءٍ، فإن الولاية تنتقل إلى مَن بعدَه من الأقرباء العَصَبة، الأولى فالأولى، فإن رفضوا جميعًا زوجك من ترضي دينه وخلقه من المسلمين.

وأما إن كان الرجل المتقدم لك غير كفء، فيجوز للولي الاعتراض على تزويجك، ولا يجوز لك الخروج عن قوله.

أما الكلام مع الخاطب فلا يجوز إلا إذا دعت الحاجة،، والله أعلم.