التعليق على نونية ابن القيم - إثبات صفة الكلام لله تعالى

منذ 2001-08-29
يشرح الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه قول الناظم ابن القيم رحمه الله :

هذا هو المعقول أما الاقترا ***** ن فليس معقولا لذي الاذهان

وكذا كلام من سوى متكلم ***** أيضا محال ليس في الامكان

الا لمن قام الكلام به فذا ***** ك كلامه المعقول في الاذهان

أيكون حيا سامعا او مبصرا ***** من غير ما سمع وغير عيان

والسمع والابصار قام بغيره ***** هذا المحال وواضح البهتان

وكذا مريدوا الارادة لم تكن ***** وصفا له هذا من إلهذيان

وكذا قدير مإله من قدرة ***** قامت به من أوضح البطلان

والله جل جلاله متكلم ***** بالنقل والمعقول والبرهان

قد أجمعت رسل الإله عليه لم ***** ينكره من أتباعهم رجلان

فكلامه حقا يقوم به والا ***** لم يكن متكلما بقران

والله قال وقائل وكذا ***** يقول الحق ليس كلامه بالفاني

ويكلم الثقلين يوم معادهم ***** حقا فيسمع قوله الثقلان

وكذا يكلم حزبه في جنة الـ ***** حيوان بالتسليم والرضوان

وكذا يكلم رسله يوم اللقا ***** حقا فيسإلهم عن التبيان

ويراجع التكليم جل جلاله ***** وقت الجدال له من الانسان

ويكلم الكفار في العرصات تو ***** بيخا وتقريعا بلا غفران

ويكلم الكفار أيضا في الجحيم ***** أن اخسئوا فيها بكل هوان

والله قد نادى الكليم وقبله ***** سمع الندا في الجنة الابوان

وأتى الندا في تسع آيات له ***** وصفا فراجعها من القرآن

وكذا يكلم جبرائيل بأمره ***** حتى ينفذه بكل مكان

واذكر حديثا ( في صحيح محمد ) ***** ذاك البخاري العظيم الشان

فيه ندا الله يوم معادنا ***** بالصوت يبلغ قاصيا والداني

هب أن هذا اللفظ ليس بثابت ***** بل ذكره مع حذفه سيان

ورواه عندكم البخاري المجسم ***** بل رواه مجسم فوقان

أيصبح في عقل وفي نقل ندا ***** ء ليس مسموعا لنا بإذان

أم أجمح العلماء والعقلاء من ***** أهل اللسان وأهل كل لسان

أن الندا الصوت الرفيع وضده ***** فهو النجاء كلاهما صوتان

والله موصوف بذاك حقيقة ***** هذا الحديث ومحكم القرآن

واذكر حديثا لابن مسعود صريحا ***** انه ذو أحرف ببيان

للحرف منه في الجزا عشر من ال ***** حسنات ما فيهن من نقصان

وانظر إلى السور التي افتتحت بأحرفها ***** ترى سرا عظيم الشان

لم يأت قط بسورة الا أتى ***** في إثرها خبر عن القرآن

اذ كان إخبارا به عنها وفي ***** هذا الشفاء لطالب الأيمان

ويدل أن كلامه هو نفسها ***** لا غيرها والحق ذو تبيان

فانظر إلى مبدا الكتاب وبعدها ***** ( الاعراف ) ثم كذا إلى ( لقمان )

مع تلوها ايضا ومع ( حم ) مع ***** ( يس ) وافهم مقتضى القرآن


فصل
في الزامهم القول بنفي الرسالة إذا انتفت صفة الكلام


والله عز وجل موص أمر ***** ناه مثيب مرسل لبيان

ومخاطب ومحاسب ومنبئ ***** ومحدث ومخبر بالشان

ومكلم متكلم بل قائل ***** ومحذر ومبشر بأمان

هاد يقول الحق يرشد خلقه ***** بكلامه للحق والأيمان

فإذا انتفت صفة الكلام فكل ه ***** ذا منتف متحقق البطلان

وإذا انتفت صفة الكلام كذلك ال ***** إرسال منفي بلا فرقان

فرسالة المبعوث تبليغ كلا ***** م المرسل الداعي بلا نقصان

وحقيقة الارسال نفس خطابه ***** للمرسلين وانه نوعان

نوع بغير وساطة ككلامه ***** موسى وجبريل القريب الداني

منه اليه من وراء حجابه ***** اذ لا تراه هاهنا العينان

والاخر التكليم منه بالوسا ***** طة وهو أيضا عنده ضربان

وحي وإرسال اليه وذاك في الشورى ***** أتى في أحسن التبيان


فصل
في إلزامهم التشبيه للرب بالجماد الناقص إذا انتفت صفة الكلام

فإذا انتفت صفة الكلام فضدها ***** خرس وذلك غاية النقصان

فلئن زعمتم أن ذلك في الذي ***** هو قابل من أمة الحيوان

والرب ليس بقابل صفة الكلا ***** م فنفيها ما فيه من نقصان

فيقال سلب كلامه وقبوله ***** صفة الكلام أتم للنقصان

اذ أخرس الانسان أكمل حالة ***** من ذا الجماد بأوضح البرهان

فجحدت أوصاف الكمال مخافة ***** التجسيم والتشبيه بالانسان

ووقعت في تشبيه بالجمادا ***** ت الناقصات وذا من الخذلان

الله أكبر هتكت أستاركم ***** حتى غدوتم ضحكة الصبيان


فصل
في الزامهم بالقول بأن كلام الخلق حقه وباطله عين كلام الله سبحانه

أو ليس قد قام الدليل بأن أفعال ***** العباد خليقة الرحمن

من ألف وجه أو قريب الالف يحصيها ***** الذي يعنى بهذا الشان

فيكون كل كلام هذا الخلق عين ***** كلامه سبحان ذي السلطان

اذ كان منسوبا اليه كلامه ***** خلقا كبيت الله ذي الاركان

هذا ولازم قولكم قد قاله ***** ذو الاتحاد مصرحا ببيان

حذر التناقض إذ تناقضتم ***** ولكن طرده في غاية الكفران

فلئن زعمتم أن تخصيص القرا ***** ن كبيته وكلاهما خلقان

فيقال ذا التخصيص لا ينفي العمو ***** م ( ولا الخصوص ) كرب ذي الأكوان

ويقال رب العرش أيضا هكذا ***** تخصيصه لاضافة القرآن

لا يمنع التعميم في الباقي وذا ***** في غاية الأيضاح والتبيان


فصل
في التفريق بين الخلق والامر

ولقد أتى الفرقان بين الخلق وال ***** أمر الصريح وذاك في الفرقان

وكلاهما عند المنازع واحد ***** والكل خلق ما هنا شيئان

والعطف عندهم كعطف الفرد من ***** نوع عليه وذاك في القرآن

فيقال هذا ذو امتناع ظاهر ***** في آية التفريق ذو تبيان

فالله بعد الخلق أخبر أنها ***** قد سخرت والأمر للجريان

وأبان عن تسخيرها سبحانه ***** بالامر بعد الخلق والتبيان

والامر إما مصدر او كان مفعولا ***** هما في ذاك مستويان

مأموره هو قابل للامر ***** كالمصنوع قابل صنعة الرحمن

فإذا انتفى الأمر انتفى المأمور ***** كالمخلوق ينفى لانتفاء الحدثان

وانظر إلى نظم السياق تجد به ***** سرا عجيبا واضح البرهان

ذكر الخصوص وبعده متقدما ***** والوصف والتعميم في ذا الثاني

فأتى بنوعي خلقه وبأمره ***** فعلا ووصفا موجزا ببيان

فتدبر القرآن إن رمت الهدى ***** فالعلم تحت تدبر القرآن
فصل
في التفريق بين ما يضاف إلى الرب تعالى من الأوصاف والأعيان

والله أخبر في الكتاب بأنه ***** منه ومجرور بمن نوعان

عين ووصف قائم بالعين فال ***** أعيان خلق الخالق الرحمن

محمد بن صالح العثيمين

كان رحمه الله عضواً في هيئة كبار العلماء وأستاذا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

  • 6
  • 0
  • 16,873
الدرس السابق
مذاهب الناس في كلام الله عز وجل
الدرس التالي
تابع مبحث كلام الرب عز وجل

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً