التعليق على نونية ابن القيم - الأدلة على أن الله تعالى فوق سماواته على عرشه

منذ 2001-08-29
يشرح الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه قول الناظم ابن القيم رحمه الله :

فصل
في الإشارة إلى الطرق النقلية الدالة على أن الله سبحانه فوق سمواته على عرشه


ولقد أتانا في عشر أنواع ***** من المنقول في فوقية الرحمن

مع مثلها أيضا يزيد بواحد ***** ها نحن نسردها بلا كتمان

منها استواء الرب فوق العرش في ***** سبع أتت في محكم القرآن

وكذلك اطردت بلا لام ولو ***** كانت بمعنى اللام في الاذهان

لآتت بها في موضع كي يحمل الباقي ***** عليها بالبيان الثاني

ونظير ذا إضمارهم في موضع ***** حملا على المذكور في التبيان

لا يضمرون مع اطراد دون ذكر ***** المضمر المحذوف دون بيان

بل في محل الحذف يكثر ذكره ***** فإذا هم الفوه ألف لسان

حذفوه تخفيفا وإيجازا فلا ***** يخفى المراد به على الانسان

هذا ومن عشرين وجها يبطل التـ***** فسير باستولى لذي العرفان

قد أفردت بمصنف لامام ***** هذا الشأن بحر العالم الحراني


فصل

هذا وثانيها صريح علوه ***** وله بحكم صريحه لفظان

لفظ العلي ولفظه الاعلى معرفة ***** ( أتتك هنا ) لقصد بيان

إن العلو له بمطلقه على التـ ***** عميم والاطلاق بالبرهان

وله العلو من الوجوه جميعها ***** ذاتا وقهرا مع علو الشاني

لكن نفاة علوه سلبوه إكما ***** ل العلو فصار ذا نقصان

حاشاه من إفك النفاة وسلبهم ***** فله الكمال المطلق الرباني

وعلوه فوق الخلقية كلها ***** فطرت عليه الخلق والثقلان

لا يستطيع معطل تبديلها ***** أبدا وذلك سنة الرحمن

كل إذا ما نابه أمر يرى ***** متوجها بضرورة الانسان

نحو العلو فليس يطلب خلفه ***** وأمامه أو جانب الانسان

ونهاية الشبهات تشكيك وتخميش ***** وتغيير على الأيمان

لا يستطيع تعارض المعلوم *****والمعقول عند بداية الاذهان

فمن المحال القدح في المعلوم بالشبهات ***** هذا بين البطلان

وإذا البداية قابلتها هذه الشبهات ***** لم تحتج إلى بطلان

شتان بين مقالة أوصى بها ***** بعض لبعض أول للثاني

ومقالة فطر الإله عباده ***** حقا عليها ما هما عدلان


فصل

هذا وثالثها صريح الفوق ***** مصحوبا بمن وبدونها نوعان

إحداهما هو قابل التأويل وال ***** اصل الحقيقة وحدها ببيان

فإذا ادعى تأويل ذلك مدع ***** لم تقبل الدعوى بلا برهان

لكنما المجرور ليس بقابل الت*****أويل في لغة وعرف لسان

وأصخ لفائدة جليل قدرها ***** تهديك للتحقيق والعرفان

إن الكلام إذا أتى بسياقه ***** يبدي المراد لمن له أذنان

أضحى كنص قاطع لا يقبل التـ *****أويل يعرف ذا أولو الأذهان

فسياقه الألفاظ مثل شواهد ال ***** أحوال إنهما لنا صنوان

إحداهما للعين مشهود بها ***** لكن ذاك لمسمع الإنسان

فإذا أتى التأويل بعد سياقه ***** تبدي المراد أتى على إستهجان

وإذا أتى الكتمان بعد شواهد ال ***** أحوال كان كأقبح الكتمان

فتأمل الألفاظ وانظر ما الذي ***** سيقت له إن كنت ذا عرفان

والفوق وصف ثابت بالذات من ***** كل الوجوه لفاطر الأكوان

لكن نفاة الفوق ماوفوا به ***** جحدوا كمال الفوق للديان

بل فسروه بأن قدر الله أعلى ***** لا يفوق الذات للرحمن

قالوا وهذا مثل قول الناس في ***** ذهب يرى من خالص العقيان

هو فوق جنس الفضة البيضاء لا ***** بالذات بل في مقتضى الأثمان

والفوق أنواع ثلاث كلها ***** لله ثابتة بلا نكران

هذا الذي قالوا وفوق القهر والـ ***** فوقية العليا على الأكوان


فصل

هذا ورابعها عروج الروح وال ***** أملاك صاعدة إلى الرحمن

ولقد أتى في سورتين كلاهما اشـ ***** تملا على التقدير بالأزمان

في سورة فيها المعارج قدرت ***** خمسين ألفا كامل الحسبان

وبسجدة التنزيل ألفا قدرت ***** فلأجل ذا قالوا هما يومان

يوم المعاد بذي المعارج ذكره ***** واليوم في تنزيل في ذا الآن

وكلاهما عندي فيوم واحد ***** وعروجهم فيه إلى الديان

فالألف فيه مسافة لنزولهم ***** وصعودهم نحو الرفيع الداني

هذي السماء فإنها قد قدرت ***** خمسين في عشر وذا ضعفان

لكنما الخمسون الف مسا*****فة السبع الطباق وبعد ذي الأكوان

من عرش رب العالمين إلى الثرى ***** عند الحضيض الأسفل التحتاني

واختار هذا القول في ***** تفسيره البغوي ذاك العالم الرباني

ومجاهد قد قال هذا القول لكن ***** ابن إسحاق الجليل الشان

قال المسافة بيننا والعر ***** ش ذا المقدار في سير من الإنسان

والقول الأول قول عكرمة وقو ***** ل قتادة وهما لنا علمان

واختار الحسن الرضى ورواه عن ***** بحر العلوم مفسر القرآن

ويرجح القول الذي قد قاله ***** ساداتنا في فرقهم أمران

إحداهما ما في الصحيح المانع ***** لزكانه من هذه الأعيان

يكوى بها يوم القيامة ظهره ***** وجبينه وكذلك الجنبان

خمسون ألفا قدر ذاك اليوم في ***** هذا الحديث وذاك ذو تبيان

فالظاهر اليومان في الوجهين يو ***** م واحد ما أن هما يومان

قالوا وإيراد السياق يبين الـ ***** مضون منه بأوضح التبيان

فانظر إلى الإضمار ضمن يرونه ***** ونراه ما تفسيره ببيان

محمد بن صالح العثيمين

كان رحمه الله عضواً في هيئة كبار العلماء وأستاذا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

  • 5
  • 1
  • 16,275
الدرس السابق
الرد على المعطلة القائلين بخلو العرش من إله يعبد
الدرس التالي
تابع الأدلة على أن الله تعالى فوق سماواته على عرشه

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً