المسلمين ثم لا يجهد لهم ولا ينصح إلّا لم يدخل معهم الجنة. وروى البيهقي- في الشعب- بسنده، عن الحسن ...

منذ 2021-09-18
المسلمين ثم لا يجهد لهم ولا ينصح إلّا لم يدخل معهم الجنة.
وروى البيهقي- في الشعب- بسنده، عن الحسن البصري أنه سمع عبد الرحمن بن سمرة يقول: ما استرعى الله عبدًا رعية فلم يحط من ورائهم بالنصيحة، إلا حرم الله عليه الجنة. وفي مسند الإمام أحمد بسنده. عن حكيم بن زيد مرفوعًا: دعوا الناس يصيب بعضهم من بعض، فإذا استنصح أحدكم أخاه فلينصحه. ورواه: فليصب بعضهم من بعض. ورواه الخرائطي- في مكارم الأخلاق- بلفظ: دعوا عباد الله فليصب بعضهم من بعض، وإذا استنصح أحدكم أخاه فلينصحه.
وفي رواية: إذا استشار أحدكم أخاه فلينصحه. وقال سفيان بن عيينة: عليك بالنصح لله في خلقه، فلن تلقاه بعمل أفضل منه.
قال بعض الحكماء: حض أخاك بالنصيحة، وإن كانت قبيحة. وقال غيره: أوقف أخاك على النصيحة حسنة كانت أو سيئة.
وروى أبو بكر بن أبي الدنيا- بسنده، عن عبد الله بن المبارك عن معمر: قال: كان يقال: أنصح الناس لك من خاف الناس فيك. وقال بعض الحكماء: خير الإخوان أشدهم مبالغة في النصيحة.
وأنشدوا:
إن النصيحة لو تباع وتشتري ... كانت تباع بأنفس الأثمان
لكنها مبذولة موهوبة ... ولقلما قبلت من الإخوان
قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: لا خير في قوم ليسوا بناصحين ولا يحبون الناصحين. قال أبو حامد الغزالي: فإن قلت: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عامله عبد

الرحمن بن نعيم التستري. أما بعد، فكن عبداً لله ناصحاً له في عباده، ولا تأخذك في الله لومة لائم، فإن الله -تعالى- أولى بك من الناس، وحقه عليك أعظم ولا تولين شيئا من أمور المسلمين إلا الأمر بالمعروف وبالنصيحة لهم والتوفير عليهم، وأداء الأمانة فيما استرعى وإياك أن يميلك ميلاً إلى غير الحق، فإن الله لا تخفى عليه خافية.
قال أبو حامد الغزالي: فإن قلت: فمتى يصح للإنسان يشتغل بنصح الناس؟ فأقول: إذا لم يكن له قصد إلا هداية الخلق لله -تعالى- وكان يود لو وجد من يعينه، أو لو اهتدوا بأنفسهم وانقطع بالكلية طمعه عن شأنهم، وعن أموالهم فاستوى عنده مدحهم وذمهم، ونظر إليهم كما ينظر إلى السادات وإلى البهائم، أما السادات فمن حيث لا يتكبر عليهم، ويرى كلهم خيراً منه، بجهله بالخاتمة، وأما البهائم فمن حيث المنزلة في قلوبهم.
وينبغي أن تكون النصيحة سراً بين الناصح والمنصوح له، كما سبق الكلام عليه - في الدرجة الثالثة - من الباب الثاني - من قول الإمام الشافعي وغيره: من وعظ أخاه سراً فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه.
وروى أبو نعيم بسنده - عن سفيان الثوري قال: قلت لمسعر بن كدام: تحب أن تهدى إليك عيوبك؟ فقال: أما من ناصح فنعم. وأما من موبخ فلا.
كما قال بعض الحكماء: نصح الصديق تأديب، ونصح العدو تعنيف. والفرق بين التأديب والنصح، وبين سوء العشرة: أن التأديب لرجل ناصح لله- تعالى- محب للقيام بحقوقه- عز وجل- حريص على ذلك فهو يعاشر الناس على التأديب. وإذا رأى منهم تقصيرًا في حق أو تهاونًا بأمر الله عاتبهم وأدبهم، فينفع الله به الخلق، لصدقه في فعله، وتلين القلوب له، ويذهل النفوس منه.
وسوء العشرة، لرجل ضايق الناس في أمورهم ومعاملتهم ومعاشرتهم ليس به إقامة حق لله، ولكن سوء خلقه، وضيق صدره حمله على ذلك فهو معاشر الناس بذلك الضيق والانحراف.
والثاني فالصاحب من ينصحك إذا علا أمرك، ولا يفضحك إذا خمد جمرك. أولئك خيار الخلصاء وكرام الجلساء، خيار الصباح، وسمار المساء (والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرون في البأساء).

60db7cc5b3763

  • 0
  • 0
  • 36

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً