الآثار بعيدة المدى لعمليات جنود الخلافة في تونس • فبالنظر إلى الجانب الاقتصاديّ الذي يمثّل ...

الآثار بعيدة المدى لعمليات جنود الخلافة في تونس

• فبالنظر إلى الجانب الاقتصاديّ الذي يمثّل التّأثير الأكبر على حكومة الطّاغوت في تونس، نجد أنّ السّياحة تحتلّ أهميّةً كبيرةً في بنيته إلى حدّ وصفها من قبل بعض الاقتصاديّين أنّها "رمز الاقتصاد التّونسيّ"، فبعد نصف قرن من اعتمادها على قطاع السّياحة في تنمية الاقتصاد، أوصلت الحكومات الطّاغوتيّة المتعاقبة البلاد إلى حالة الاعتماد عليها في تأمين مصادر الدّخل وتوفير فرص العمل، حيث وصلت مساهمة السّياحة في تونس إلى ٧% من النّاتج المحلّيّ الإجماليّ، مقدّمة أكثر من 2.5 مليار دولار عام ٢٠٠٨ كعوائدَ مباشرةٍ وغير مباشرةٍ على الاقتصاد، وحوالي ٥٠٠ ألف فرصة عملٍ كما أنّ السّياحة هي المصدر الأوّل للعملات الأجنبيّة، وبالنّظر لما سبق يتبيّن أهميّة هذا القطاع لأيّ حكومة طاغوتيّة يهمّها تحصيل المال من أيّ مصدرٍ كان، وتزداد أهميّة هذا القطاع وتنميته عند الحكومة الطّاغوتيّة في تونس إذا علمنا أنّ الاستثمارات في هذا القطاع يهيمن عليها كبار اللّصوص من المرتبطين بالطّاغوت الهارب (زين العابدين بن عليّ)،بالإضافة إلى المستثمرين الأجانب، كذلك تمثّل شركات ووكالات السّياحة الأوروبيّة أهمّ المستفيدين من عائدات هذا القطاع، حيث يرتبط بها ٩٠% من المؤسّسات العاملة في هذا القطاع وتقدّر حصّتها من إجمالي أرباحه بحوالي ٢٥%.

لذلك فإن ضرب القطاع السّياحي كما حدث إثر عمليتي (شاطئ سوسة) و (متحف باردو)، اللّتين أدّتا إلى مقتل وإصابة ١٠٠ من رعايا الدّول الصّليبيّة، أدّتا أيضاً حسب أحد مسؤولي حكومة الطّاغوت إلى إغلاق أكثر من ٧٠ فندقاً لأبوابها، بعد تراجع نسبة إشغال الفنادق بنسبة ٨٠%، وهذه المؤشّرات تفضح حقيقة قطاع السّياحة وتراجع إيراداته، الأمر الذي من شأنه أن يؤدّي إلى تدمير اقتصاد الحكومة الطّاغوتية بإذن الله، وزيادة أعبائها ومشكلاتها، ما سينتج عنه بإذن الله مع الزّمن حالة من الفوضى تسود البلاد وتساعد كثيراً في زيادة العمليّات الأمنيّة ضدّها، خاصّة مع استمرار العمليّات العسكريّة داخل البلاد مهما اختلف حجمها ونوعيّة الأهداف التي تضربها، كما حدث في العمليّة الأخيرة التي حدثت في قلب العاصمة (تونس)، التي اعتبرها المراقبون مؤشّراً على الظّهور البارز للدّولة الإسلاميّة في البلاد، ما يعني نسف كلّ جهود ودعايات الحكومة الطّاغوتيّة ومزاعمها بقدرتها على ضبط الأمور، ما يعني استحالة استعادة الجاذبيّة السّياحيّة في ظل هذه الظروف.

وفي الوقت نفسه فإنّ عمليّة استهداف "الأمن الرّئاسي" الأخيرة التي نفّذها جنود الخلافة في أحد أهمّ شوارع العاصمة (تونس) كان لها تأثير سياسيّ بعيد المدى فضلاً عن نكايتها في جنود الطّاغوت بمقتل وإصابة ٣٧ من ضباط وعناصر "الأمن الرّئاسيّ" في العمليّة الاستشهاديّة التي نفّذها جنديّ الخلافة أبو عبد الله التّونسيّ تقبّله الله، فموقع العمليّة في قلب العاصمة وفي أحد أهمّ شوارعها لما يتضمّنه من مقرّات سياديّة تتبع لحكومة الطّاغوت، ونوع الهدف المتّمثل بجهاز يتبع لرأس حكومة الطّاغوت "رئاسة الجمهوريّة" ألا وهو "أمن الرّئاسة"، لم يدعا مجالاً للشّكّ أنّ الهدف منها كان رأس الطّاغوت ذاته، بكسر هيبته، وإشغاله بتحصين نفسه، وزيادة تركيزه على تأمين عاصمته، ودفعه دفعاً إلى إجراءات من قبيل فرض "حالة الطّوارئ"، وإغلاق الحدود ستزيد من حالة الغضب في نفوس النّاس ورغبتهم في الخلاص منه.

وسيزداد التّأثير بعيد المدى لمثل هذه العمليّات إذا أوصلت الطّاغوت إلى مرحلة القضاء على ما يسمّى بالعمليّة السّياسيّة التي تجري على أسُس الدّيموقراطيّة الشّركيّة، بمحاولته التّخلّص من خصومه السّياسيّين في الحكومة، ما سيعني فضح حقيقة لعبة الدّيموقراطيّة الشّركيّة أمام النّاس، وامتداد الخسائر لتشمل كل المرتدّين من المشاركين فيها، ودفعهم بالتّالي للوقوف في وجه الطّاغوت، أو خسارة قواعدهم الحزبيّة والشعبيّة.

• مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 8
مقال:
الآثار بعيدة المدى لعمليات جنود الخلافة في تونس