إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا ...

منذ 2020-03-23
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:

يقول النبي صلى الله عليه وسلم:{ كيف أنعم؟ وصاحب الصور قد التقم القرن, واستمع الإذن متى يأمر بالنفخ} فكأنما ثقل ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال لهم: { قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل} –الحديث رواه الترمذي, هو في الصحيح الجامع-.

يقول عليه الصلاة والسلام:{ كيف أنعم؟...} أي كيف أنعم بالحياة؟ كيف أركن إلى الدنيا؟ وكيف تطيب لي الحياة؟وكيف ألتذ بالعيش وأسر به؟ {...وصاحب القرن...} الذي هو إسرافيل, مستعد, متهيء ينتظر أن يأمره الله بالنفخ في الصور, فينفخ. فكأن ذلك صعب على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم, فقالوا له: كيف نقول يارسول الله؟ قال: {قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل} يعني التجأنا إلى الله, حسبنا الله ونعم الوكيل. فالنبي صلى الله عليه وسلم يريد يذكر الناس بهذا الحديث, وأن موعد الساعة قد اقترب, ليستعدوا للقاء الله بالعمل الصالح, والنفخ في الصور نفختان: النفخة الأولى: نفخة الفزع والصعق, حيث يموت على إثر النفخة كل من يكون يومئذ حيا على الأرض, والساعة لا تقوم إلا على شرار الناس, وشبه العلماء تقريبا للمعنى إلى الأذهان, الصيحة بصوت الرعد, القوي, الشديد, المفزع, أو برجل جهير –أي جهوري الصوت-, يصيح إلى جانب صبي صغير, فيفزع الصبي ويموت, هذا تقريب للمعنى, وإلا فالحقيقة لا يعلمها إلا الله, ثم يمكث الناس بعد النفخة الأولى أربعين عاما, أمواتا خاملين, ثم ينزل الله مطرا, فتنبت منه أجساد الناس, حتى إذا تكاملت الأجساد, حيي إسرافيل, فيأمره الله عز وجل بالنفخة الثانية, فتنطلق الأرواح إلى أجسادها, لا تخطئ روح الجسم الذي كانت فيه, فتحيى الأجساد بإذن ربها, ويقوم الناس قياما ينظرون, يقول الله عز وجل: [ما بعثكم ولا خلقكم إلا كنفس واحدة]. عشرات الملايير من البشر وأكثر, يبعثهم الله تعالى كأنهم نفس واحدة, [ما بعثكم ولا خلقكم إلا كنفس واحدة], وهذا محير للعقول, ولكن لا يستحيل على قدرة الله عز وجل, لا يستحيل على قدرة الله شيء. قال العلماء: الذين يغرقون في البحر, فتقتسم لحومهم الحيتان, ولا يبقى منهم شيء إلا العظام, فتلقيها الأمواج إلى الساحل, ثم تصير العظام بالية نخرة, ثم تمر بها الإبل فتأكلها, ثم تسير الإبل فتبعر, ثم يجيء قوم فينزلون فيأخذون ذلك البعر, فيوقدون به النار, ثم تخمد تلك النار, ثم تجيء الريح فتلقي ذلك الرماد يمينا وشمالا, ثم إذا نفخ إسرافيل نفخة البعث والنشور, خرج أولائك الذين تناثرت ذرات أجسادهم, وأهل القبور سواءا. إن ذلك يسير على الله عز وجل, فإنه يجمع ما تناثر من ذرات أجساد الناس, ويعيده كما كانت أول مرة, يعيد ما تفرق منها في البر, والبحر وفي بطون السباع, حتى تكون كهيأتها الأولى, حتى السقط الذي لم يكتمل نموه في بطن أمه وسقط, لكن نفخت فيه الروح, يبعث يوم القيامة, ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: { والذي نفسي بيده, إن السقط ليجر أمه بسرره إلى الجنة إذا احتسبته}. –رواه بن ماجه, وهو في الصحيح الجامع-. إذا احتسبته معناه: إذا صبرت, إذا احتسبت الأجر عند الله عندما سقط, عندما فقدته احتسبت. ومر النبي صلى الله عليه وسلم بحمزة, وهو قتيل يوم أحد, وقد جدع ومثل به, فقال: {لولا أن تجد صفية في نفسها –أخته صفية بنت عبد المطلب- يعني لولا أن تحزن- لتركته حتى تأكله العافية –يعني السباع- حتى يحشر من بطونها يوم القيامة} –والحديث في الصحيح الجامع, رواه أبو داوود في سننه-. يقول الله عز وجل: [ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن الأرض] هذه النفخة الأولى: كلهم يموتون من الفزع, [...إلا من شاء الله] قيل: هؤلاء هم الحور العين, والولدان في الجنة, لأنهم في الجنة هكذا قيل والله أعلم. [ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ]. إذا بعث الناس يوم الدين, تحسر المجرمون المكذبون, وصدموا بحقيقة البعث بعد الموت, كانوا يظنون ألا بعث, فإذا نفخ إسرافيل في الصور صدموا, يقول الله تعالى: [ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون] يعني من القبور الأجداث, [...إلى ربهم ينسلون] أي يسرعون, [قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا] فيجابون تجيبهم الملائكة والمؤمنون: [هذا ما وعد الرحمان وصدق المرسلون] هذا ما كنتم به تكذبون يقول الشيخ السعدي رحمه الله في قوله تعالى [هذا ما وعد الرحمان] يقول: ولا تحسبن ذكر الرحمان في هذا الموضع لمجرد الخبر عن وعده, وإنما ذلك للإخبار بأنه في ذلك اليوم العظيم سيرى الناس من رحمته ما لا يخطر على عقولهم -إنتهى-. إن الإنسان قبل أن يكون بشرا سويا, لم يكن شيئا مذكورا, لقد كان كائنا لا يمكن أن تراه إلا بالمجهر, ثم نمى ذلك الكائن, وتلك النطفة, إلى أن صارت بقدرة الله بشرا سويا, له سمع وبصر, وعقل, إلى أن أصبح شابا قوي البنية, عندئذ تمرد على الله, تمرد على الذي خلقه من نطفة, [فإذا هو خصيم مبين] طغى وتجبر, ونسي صورته الأولى, نسي خلقته, وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بسق يوما في كفه, فوضع عليها أصبعه, قال:{ قال الله تعالى: بني آدم, أنى تعجزني., وقد خلقتك مثل هذه, حتى إذا سويتك وعدلتك, مشيت بين برديك, وللأرض منك وئيد –يمشي مشية الاستكبار- فجمعت ومنعت, حتى إذا بلغت التراقي, قلت أتصدق وأنى أوان الصدقة} –رواه بن ماجه وهو في السلسلة الصحيحة-.

العاص بن وائل أحد المشركين الغلاظ, أخذ عظما من البطحاء بطحاء مكة, وجعل يفتته بيده, ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم مستهزءا ساخرا: أيحيي الله هذا بعدما أرم؟ بعدما بلي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يميتك ثم يحييك, ثم يدخلك جهنم} ونزلت الآيات من سورة ياسين :[وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم[] قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم]. ربما أيها الناس ستذكرون هذه اللحظات, التي أحدثكم فيها عن البعث, والنشور, وأنتم تخرجون من قبوركم, حفاة عراة غرلا, يقول النبي صلى الله عليه وسلم: { يآيها الناس, إنكم تحشرون إلى الله, حفاة, عراة, غرلا, [كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين]} ثم قال: {ألا إن أول الناس يكسى يوم القيامة إبراهيم, ألا إنه يأتى برجال من أمتي, فيأخذ بهم ذات الشمال, فأقول: يا رب أصحابي, فيقول: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك, فأقول كما قال العبد الصالح: [وكنت شهيدا عليهم ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد[] إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم] فيقال: إنهم لا يزالون مدبرين مرتدين على أعقابهم مذ فارقتهم} –رواه البخاري ومسلم-. فهنيئا لمن كسي في ذلك اليوم من ثياب الجنة, فإنه من لبسها فقد لبس جبة تقيه مكاره الحشر, وعرقه, وحر الشمس, وغير ذلك من أهوال يوم القيامة. وإبراهيم يكون أول من يكسى, إبراهيم يكون أول من يكسى من الخلق, لأن قومه لما أرادوا أن يلقوه في النار, جردوه من ثيابه, فصار عاريا, فجوزي بأن كان أول من يكسى, ثم يليه بعد ذلك محمد صلى الله عليه وسلم, وتكون الحلة التي يكساها لا يقوم لها البشرلينجبر ما حصل له من التأخير, استدل بهذا الحديث الشيعة الشنيعة عليهم من الله ما يستحقون, على أن الصحابة ارتدوا عن دينهم وحاشاهم من ذلك, والشيعة فجرة مفترون, كذبة, يقول الله تعالى: [محمد رسول الله والذن معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود], أبعد أن زكاهم الله من فوق سبع سماوات, يرتدون على أعقابهم, إن هذا لهو البهتان المبين, وإنما الذين ارتدوا هم الأعراب, الذين دخلوا في الإسلام ظاهرا, ثم تولوا مدبرين, وحاربهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم.

الحمد لله رب العالمين, والعاقبة للمتقين,ولا عدوان إلا على الظالمين, وأشهد الا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {تجتمعون يوم القيامة, فيقال: أين فقراء هذه الأمة ومساكينها؟ فيقومون, فيقال: ماذا عملتم؟ فيقولون: ربنا ابتليتنا فصبرنا, ووليت الأموال والسلطان غيرنا, فيقول الله جل وعلا: صدقتم. قال: فيدخلون الجنة قبل الناس,} قيل بخمسمئة سنة. وتبقى شدة الحساب على ذوي الأموال, والسلطان, قالوا: فأين المؤمنون يومئذ؟ قال: توضع لهم كراسي من نور, ويضلل عليهم الغمام, يكون ذلك أقصر على المسلم من ساعة من نهار} –رواه الطبراني وهو حديث صحيح- يكون يوم القيامة وطوله خمسون ألف سنة, يكون على المؤمن أقصر من ساعة من نهار, ولذلك قال بن عباس وغيره في قوله تعالى: [أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا] قالوا: ما هي إلا ضحوة, ما هي إلا ساعات, ثم يقيل أولياء الله مع الحور العين على الأسرة, ويقيل المجرمون أعداء الله مع الشياطين المقرنين, ما هي إلا ضحوة, [أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا] يعني تقوم القيامة بعد الفجر, فما تمضي إلا ساعات, فإذا المؤمنون قائلون على الأسرة مع الحور العين, وإذا أعداء الله قائلون مع الشياطين القرنين.

أسال الله تبارك وتعالى أن يجعلنا من عباده المرحومين, اللهم اجعلنا من عبادك المرحومين, اللهم اجعلنا من عبادك المرحومين, اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب لها من قول وعمل, ونعوذ بك من النار وما قرب لها من قول وعمل, ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا, وثبت أقدامنا, وانصرنا على القوم الكافرين, ربنا اغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار, اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين, اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار, آمين والحمد لله رب العالمين

5e77bf3d5a506

  • 21
  • 3
  • 365,008

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً