صفات الحجاب الشرعي للمرأة المسلمة • الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن ...

صفات الحجاب الشرعي للمرأة المسلمة

• الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد حظيت المرأة المسلمة بمكانة رفيعة في الإسلام، وأولى لها الشرع الحنيف عناية فائقة كفلت لها صون عفتها، ففرض الله -تعالى- عليها التحجب عن الرجال الأجانب حفاظا على شرفها من أن يمس بسوء، وجعل -سبحانه- لهذا الحجاب شروطا لا بد من تحققها مجتمعة لكي يكون الحجاب شرعيا، فإذا اختل أحد هذه الشروط لم يكن حجاب المرأة شرعيا ولم يكن مرضيا لله جل وعلا، فما هي شروط حجاب المرأة المسلمة؟

شروط (صفات) الحجاب الشرعي للمسلمة -كما بينها العلماء- هي ثمانية:

أولا: أن يكون صفيقا (ثخينا) لا يشف عما تحته:

قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) [رواه مسلم]، قال النووي: «هذا الحديث من معجزات النبوة، فقد وقع هذان الصنفان -وهما موجودان الآن- وفي الحديث ذم لهذين الصنفين، ومعنى «كاسيات» تستر بعض بدنها وتكشف بعضه، وقيل معناه تلبس ثوبا رقيقا (خفيفا) يصف لون بدنها» [شرح صحيح مسلم].

ثانيا: أن يكون فضفاضا (واسعا غير ضيق):

فعن أسامة بن زيد -رضي الله عنه- قال: كساني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبطية كثيفة -كانت مما أهدى له دحية الكلبي- فكسوتها امرأتي، فقال لي رسول الله: (ما لك لا تلبس القبطية؟) فقلت: يا رسول الله كسوتها امرأتي، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (مرها أن تجعل تحتها غلالة، فإني أخاف أن تصف حجم عظامها) [حديث حسن رواه الإمام أحمد]، والقبطية: نوع من الملابس نسبة لأقباط مصر، والغلالة: ملابس تلبس تحت الثوب، قال الشوكاني: «الحديث يدل على أنه يجب على المرأة أن تستر بدنها بثوب لا يصفه، وهذا شرط ستر العورة» [نيل الأوطار].

ثالثا: أن يكون ساترا لجميع البدن ومنه الوجه والكفان:

قال تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذٰلك أدنىٰ أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورًا رحيمًا} [الأحزاب: 59]، وفي هذه الآية أمر الله سبحانه نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يأمر النساء عموما، ويبدأ بزوجاته وبناته لشرفهن ولأنهن آكد من غيرهن، أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، والجلباب هو ما يكون فوق الثياب من رداء وإزار وخمار ونحوه [تفسير ابن كثير وتفسير السعدي].

رابعا: أن لا يكون لباس شهرة:

قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه نارا) [أخرجه أبو داود وغيره وحسنه المنذري]، والمراد بلباس الشهرة: هو اللباس الذي يثير الاستغراب والاستقباح عند الناس! بتعبير آخر: هو اللباس الذي يعرض صاحبه للتشهير وحديث الناس لغرابة لونه أو صفته أو كيفية خياطته، ويختلف ثوب الشهرة من زمن لآخر ومن مكان لآخر، فقد يعد لباس في زمن ما أو بلد ما لباس شهرة، ولا يعتبر كذلك في زمان آخر أو بلد آخر، وفق الأعراف.

خامسا: أن لا يشبه لبس الكافرات:

فمن أهم أصول الدين مخالفة الكفار والمشركين، وهذا الأصل ثابت وراسخ في الكتاب والسنة الصحيحة، من ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- حينما رآه لابسا ثوبين معصفرين: (إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها) [رواه مسلم]، ومن لباس الكافرات اليوم ما تلبسه النصرانيات واليهوديات والعلمانيات والوثنيات.

سادسا: أن لا يشبه ملابس الرجال:

فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل) [رواه أبو داود وغيره وصححه الحاكم]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (ليس منا من تشبه بالرجال من النساء ولا من تشبه بالنساء من الرجال) [رواه الإمام أحمد].

سابعا: أن لا يكون لباس زينة يلفت الأنظار:

لقوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن} [النور: 31]، وقوله سبحانه: {ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولىٰ} [الأحزاب: 33]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا تسأل عنهم: رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصيا، وأمة أو عبد أبق فمات، وامرأة غاب عنها زوجها وقد كفاها مؤنة الدنيا فتبرجت بعده، فلا تسأل عنهم) [حديث صحيح رواه الإمام أحمد]، فإذا كان حجاب المرأة في ذاته زينة فلا يسمى حجابا، لأن العلة من تشريع الحجاب هي منع ظهور الزينة للأجانب، فلا يعقل حينئذ أن يكون الحجاب نفسه هو زينة! فعلى المسلمة التي تريد أن تحقق هذا الشرط أن تراعي في ثوبها بأن يكون خاليا من الزخارف وأن لا يجذب لونه أنظار الرجال.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 23
السنة السابعة - الثلاثاء 12 جمادى الآخرة 1437 هـ

مقتطف من مقال:
صفات الحجاب الشرعي للمرأة المسلمة
...المزيد

...

https://encrypted-tbn0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcTQWXTdVA0Zsgw664iRpyIE2BltNekaeRdeM0sRYxvPjAR0X5E&s

لدينا جنون فتح1 فتح د3 منطقه ضلاميه يونس 10 اعني (لينا ...

لدينا جنون فتح1 فتح د3 منطقه ضلاميه يونس 10 اعني (لينا O2
...........
لدينا عنقين6 لا9 لا عمل
لدينا2 X بنيه الخروج من يونس والاستقرار لاحقا
لا فتح د3 في 2
اعطيتك فتح د3 في3 تنفس كما تشاء اعطني د وتنفس
...المزيد

نعم.. إنها حرب على الديموقراطية • بعد هجمات بروكسل المباركة التي نفذها جنود الخلافة، خرج قادة ...

نعم.. إنها حرب على الديموقراطية

• بعد هجمات بروكسل المباركة التي نفذها جنود الخلافة، خرج قادة الاتحاد الأوروبي ليعلنوا أن هذه الهجمات هي حرب على الديموقراطية، بخلاف الضالين من أهل الأحزاب والفصائل المنحرفة الذين لا يكفّون عن أكاذيبهم وأطروحاتهم الساذجة، التي يُرجعون فيها مثل هذه الهجمات إلى عدم إقامة الديموقراطية فيما يسمونه «بلدان الربيع العربي»، وأيضا بخلاف من يجهل حقيقة منهج الدولة الإسلامية في قتال المشركين، ممن جعل هذه الغزوة نتيجة لسبب وحيد في نظره وهو الحملة الصليبية التي تقودها أمريكا ضد الدولة الإسلامية.

من الجيد أن قادة دول الشرك الأوروبية يعلنون وبصراحة سبب العداء الحقيقي بينهم وبين الدولة الإسلامية، بعد أن تهربوا لسنين طويلة من حقيقة أن حربهم على المسلمين في العالم إنما هي حرب دينية هدفها أن يسود الشرك في الأرض، مهما كان نوع هذا الشرك، سواء كان شركا في الربوبية أو في الألوهية أو في أسماء الله وصفاته، كما قال الله -تعالى- فيهم: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ}، والطاغوت هو كل ما يعبد من دون الله، أو ينازعه في صفة من صفاته العلى.

فالغرب الذي نزع عن نفسه رداء الصليبية النصرانية بعدما انكشف لأهله ضلال دين النصارى، أصبح ينظر إلى الإسلام من منظور الصليبية السياسية التي تقوم على الحرب «المقدسة» ضد هذا الدين، وإن كان التقديس نابعا هذه المرة من شعائر دينهم الجديد (الديموقراطية) الذي يقوم على أساس تعبيد الناس لطاغوت «الحرية الفردية المطلقة»، وبالتالي فإن دين الإسلام الذي يقوم على أساس سلب البشر جميعهم الحق في أن يحكموا أنفسهم أو سواهم بغير حكم الله، وأن البشر كلهم عبيد لله وحده، لا لأهوائهم وشهواتهم، هو العدو الأول لدين هؤلاء الصليبيين الجدد وإلههم المعبود، ولذلك لن تتوقف حربهم على الإسلام وأهله، كما قال تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا}، فخرجوا يعلنون اليوم أن الدولة الإسلامية تهاجمهم بسبب الديموقراطية التي يدينون بها، ليستنفروا كل أتباع هذا الدين في حرب «مقدسة» ضد من يكفر به ويعلن البراءة من أهله والعداوة لهم وتكفيرهم ويقاتلهم من أهل التوحيد.

نعم، إنها حرب على كل طواغيتهم وأوثانهم، حرب على العلمانية التي تقوم على الكفر بربوبية الله في ملكه وأمره، حرب على الديموقراطية التي تكفر بألوهية الله وتعطي للإنسان الحق أن يتألّه غيره من البشر بما يشرعه لهم من أحكام وقوانين، حرب على عبودية المنفعة التي أباحت لهم أن يفعلوا كل الموبقات، من قتل لعباد الله، واستعباد لهم، وسرقة لأموالهم وثمرة عرقهم، إنها حرب على كل ذلك.

إن حربنا اليوم عليهم هي فأس إبراهيم الخليل -عليه السلام- التي ستدمر بإذن الله كل ما يعبده مشركو الغرب من دون الله، حتى يُعبد الله وحده.

أما «السلام» الذي يتكلم عنه البعض فإنه لن يأتي إلا بإزالة كل أسباب الحرب بيننا وبينهم، فإن زال الشرك من أرضهم ونفوسهم، أو خضعوا لحكم الله فيهم صاغرين، فستزول أسباب الحرب كاملة، أو جنحوا للسلم وقبلنا به وفق شروطنا، فيأمنون على نفوسهم وأموالهم وأعراضهم ما داموا على عهدنا، ويوفرون المليارات التي ينفقونها في حربنا، أو في تأمين مناطقهم من هجمات جنود الخلافة.

إن ما قام به جنود الخلافة من قتل للمشركين في عقر دارهم، هو فرع من توحيدهم لله، وشعبة من شعب الإيمان به -تعالى-، بل هو أوثق عرى الإيمان، لكون قتال المشركين وقتلهم هو الصورة الأوضح لبغضهم وعداوتهم، ولمحبة أهل الإيمان وموالاتهم.

جاءت غزوة بروكسل الأخيرة، كتذكير جديد للمشركين في أوروبا وحلفائهم في أمريكا على أن غارات جنود الإسلام عليهم لن تتوقف بإذن الله، وأنهم إن نجحوا في منع هجرة المسلمين إلى دار الإسلام، فإنهم لن يستطيعوا أن يحدّوا من وصول الغازين من جنود الخلافة إلى أرضهم، ولن يمنعوا المسلمين الموجودين في أرضهم ممن عجز عن الهجرة من تحقيق أمر ربهم بقتل المشركين حيث ثقفوهم، والقادم بإذن الله أدهى وأمر.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 24
السنة السابعة - الثلاثاء 19 جمادى الآخرة 1437 هـ

المقال الافتتاحي:
نعم.. إنها حرب على الديموقراطية
...المزيد

تثبَّت قبل أن تحكم وتنقل • لقد ابتلي بعض المسلمين بالتسرع في الحكم على الوقائع والأشخاص، ...

تثبَّت قبل أن تحكم وتنقل

• لقد ابتلي بعض المسلمين بالتسرع في الحكم على الوقائع والأشخاص، والإسراع في نقل ما اقتنعوا به، قبل أن يتثبتوا ويعرفوا حقيقة الأمر وملابسات الخبر.

ومآل ذلك ظلمٌ وكذبٌ وافتراءٌ وقول زور وتنازع، وهو مما يفت عضد الأخوة الإيمانية، ويضعف اللحمة، ويورث الفرقة، وفي النهاية ستكون النتيجة هي الفشل والهزيمة، والعياذ بالله.

فعلى المسلم التثبت والتأكد من كل خبر يسمعه أو واقعة تعرض له، فالتثبت في الأخبار منهج قرآني، الآيات فيه كثيرة متضافرة، كقوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36].

قال ابن كثير: «قال قتادة: لا تقل رأيت ولم تَرَ، وسمعت ولم تسمع، وعلمت ولم تعلم، فإن الله تعالى سائلك عن ذلك كله»، وقد أمرنا الله تعالى بالعدل، في القول في قوله سبحانه: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ} [الأنعام: 152].

والحكم والنقل لأولي الأمر بمثابة شهادة، يجب أن تراعى فيهما المصداقية والتجرد، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا} [المائدة: 8]، قال الطبري: «يعني بذلك جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا بالله وبرسوله محمد، ليكن من أخلاقكم وصفاتكم القيام لله شهداء بالعدل في أوليائكم وأعدائكم، ولا تجوروا في أحكامكم وأفعالكم... ولا يحملنكم عداوة قوم على ألا تعدلوا في حكمكم فيهم وسيرتكم بينهم، فتجوروا عليهم من أجل ما بينكم وبينهم من العداوة».

مراحل التثبت من الخبر:

هذا، وعلى المسلم أن يعلم أن التثبت من الخبر والواقعة ثلاث مراحل، يجب استيفاؤها جميعا قبل الحكم أو الشكوى، وهي:

1- التثبت من صحة الخبر أو الواقعة: ويتحصل بالاطمئنان إلى صحة أصل الخبر وحقيقة وقوع الواقعة، لأن الخبر قد يكون كذبا والواقعة مختلقة، فعندها يرفض الخبر وترد الواقعة.

2- التثبت من دقة الكلام ووضوح الواقعة: فقد يكون أصل الخبر صحيحا والواقعة حقيقية، ولكن يتبين فيما بعد أن تفاصيل الخبر ليست كما نقل، وأحداث الواقعة ليست كما عرضت، ومن هنا تنشأ الشائعات بتسلسل النقل المعنعن المعلول.

3- التثبت من دقة فهم الناقل واستيعابه: فقد يكون الشخص صادقا، ولكنه سيء الفهم بطيء الاستيعاب، فيفهم الكلام على غير مقصوده، فينقله لغيره بفهمه الخاطئ.

وهذه المراحل الثلاث من التثبت لا بد لكل مسلم يخشى الله أن يجتازها قبل أن يحكم أو أن ينقل خبرا أو واقعة معينة.

الكذب الكسبي:

إن قصر المسلم في التثبت من صحة الخبر ودقة الكلام وفهمه، فإن ذلك ربما يدخله في الكذب الكسبي! فما هو الكذب الكسبي؟

قال ابن حجر: «الكذب: هو الإخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه، سواء كان عمدا أم خطأ» [فتح الباري]، وقال النووي: «الكذب هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو، سواء تعمدت ذلك أم جهلته» [الأذكار].

ومن هنا فإن الكذب نوعان:

كذب ذاتي: وهو تعمد الإنسان قول خلاف الحق، وكذب كسبي: وصاحبه ليس كذابا متعمدا، ولكن يناله نصيب من الكذب بما ينقله من الأخبار التي يسمعها من الآخرين دون تبين ولا تثبت.

وعن هذا القسم قال الله تعالى: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَّا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور: 15].

فهؤلاء خاضوا في حادثة الإفك دون تثبت وتبين وتأكد، فما أن طرق خبر الطعن في عرض أمنا الصديقة بنت الصديق عائشة -رضي الله عنهما- أسماعهم حتى انساب حديثه على ألسنتهم، والصياغة تدل على سرعة روايته عن غيره، وسرعة تكلمه بما سمع، فكأنه تلقى الخبر بلسانه وليس بأذنه!

قال ابن أبي حاتم في تفسيره: «عن سعيد بن جبير في قول الله: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ}، وذلك حين خاضوا في أمر عائشة، فقال بعضهم سمعت من فلان يقول كذا وكذا، فقال بعضهم بلى كان كذا وكذا، فقال تلقونه بألسنتكم، يعني: يرويه بعض عن بعض، سمعتم من فلان، وسمعتم من فلان، وفي قوله: {بِأَفْوَاهِكُم} يعني: بألسنتكم، يعني: من قذفوها، وفي قوله: {مَّا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} يعني: من غير أن تعلموا أن الذي قلتم من القذف حق».

أصناف نقلة الأخبار:

وعلى المسلم أن يعلم أن نقلة الخبر أصناف كثيرة، فناقل الأخبار إما أنه ناصح، فتشترط فيه عندها ليكون كذلك شروط، هي:

أ- النية الصالحة.
ب- الصدق.
ج- الضبط (الضبط حين السماع، والضبط حين الأداء).

د- مخاطبة المنصوح مباشرة، لأن من حق المسلم على المسلم أن ينصحه، أما إن تجاوزه وتحدث أمام غيره، فإن ذلك ليس من النصح في شيء، بل هو الغيبة والتشهير والتأليب وإن لم يقصده.



◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 23
السنة السابعة - الثلاثاء 12 جمادى الآخرة 1437 هـ

مقتطف من مقال:
تثبَّت قبل أن تحكم وتنقل
...المزيد

تثبّت قبل أن تحكم وتنقل • والحكم والنقل لأولي الأمر بمثابة شهادة، يجب أن تراعى فيهما المصداقية ...

تثبّت قبل أن تحكم وتنقل

• والحكم والنقل لأولي الأمر بمثابة شهادة، يجب أن تراعى فيهما المصداقية والتجرد، قال تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا كونوا قوّامين للّه شهداء بالقسط ولا يجرمنّكم شنآن قومٍ علىٰ ألّا تعدلوا} [المائدة: 8]، قال الطبري: «يعني بذلك جل ثناؤه: يا أيها الذين آمنوا بالله وبرسوله محمد، ليكن من أخلاقكم وصفاتكم القيام لله شهداء بالعدل في أوليائكم وأعدائكم، ولا تجوروا في أحكامكم وأفعالكم.. ولا يحملنكم عداوة قوم على ألا تعدلوا في حكمكم فيهم وسيرتكم بينهم، فتجوروا عليهم من أجل ما بينكم وبينهم من العداوة».

مراحل التثبت من الخبر:

هذا، وعلى المسلم أن يعلم أن التثبت من الخبر والواقعة ثلاث مراحل يجب استيفاؤها جميعا قبل الحكم أو الشكوى، وهي:

1- التثبت من صحة الخبر أو الواقعة: ويتحصل بالاطمئنان إلى صحة أصل الخبر وحقيقة وقوع الواقعة، لأن الخبر قد يكون كذبا والواقعة مختلقة فعندها يرفض الخبر وترد الواقعة.

2- التثبت من دقة الكلام ووضوح الواقعة: فقد يكون أصل الخبر صحيحا والواقعة حقيقية ولكن يتبين فيما بعد أن تفاصيل الخبر ليست كما نقل، وأحداث الواقعة ليست كما عرضت، ومن هنا تنشأ الشائعات بتسلسل النقل المعنعن المعلول.

3- التثبت من دقة فهم الناقل واستيعابه: فقد يكون الشخص صادقا ولكنه سيء الفهم بطيء الاستيعاب، فيفهم الكلام على غير مقصوده، فينقله لغيره بفهمه الخاطئ.

وهذه المراحل الثلاث من التثبت لا بد لكل مسلم يخشى الله أن يجتازها قبل أن يحكم أو أن ينقل خبرا أو واقعة معينة.

الكذب الكسبي:

إن قصر المسلم في التثبت من صحة الخبر ودقة الكلام وفهمه، فإن ذلك ربما يدخله في الكذب الكسبي! فما هو الكذب الكسبي؟

قال ابن حجر: «الكذب: هو الإخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه، سواء كان عمدا أم خطأ» [فتح الباري]، وقال النووي: «الكذب هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو، سواء تعمدت ذلك أم جهلته» [الأذكار].

ومن هنا فإن الكذب نوعان:

كذب ذاتي: وهو تعمد الإنسان قول خلاف الحق، وكذب كسبي: وصاحبه ليس كذابا متعمدا، ولكن يناله نصيب من الكذب بما ينقله من الأخبار التي يسمعها من الآخرين دون تبين ولا تثبت.

وعن هذا القسم قال الله تعالى: {إذ تلقّونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم مّا ليس لكم به علمٌ وتحسبونه هيّنًا وهو عند اللّه عظيمٌ} [النور: 15].

فهؤلاء خاضوا في حادثة الإفك دون تثبت وتبين وتأكد، فما أن طرق خبر الطعن في عرض أمنا الصديقة بنت الصديق عائشة -رضي الله عنهما- أسماعهم حتى انساب حديثه على ألسنتهم، والصياغة تدل على سرعة روايته عن غيره، وسرعة تكلمه بما سمع، فكأنه تلقى الخبر بلسانه وليس بأذنه!

قال ابن أبي حاتم في تفسيره: «عن سعيد بن جبير في قول الله: {إذ تلقّونه بألسنتكم}، وذلك حين خاضوا في أمر عائشة، فقال بعضهم سمعت من فلان يقول كذا وكذا، فقال بعضهم بلى كان كذا وكذا، فقال تلقونه بألسنتكم، يعني: يرويه بعض عن بعض، سمعتم من فلان، وسمعتم من فلان، وفي قوله: {بأفواهكم} يعني: بألسنتكم، يعني: من قذفوها، وفي قوله: {مّا ليس لكم به علمٌ} يعني: من غير أن تعلموا أن الذي قلتم من القذف حق».

أصناف نقلة الأخبار:

وعلى المسلم أن يعلم أن نقلة الخبر أصناف كثيرة، فناقل الأخبار إما أنه ناصح، فتشترط فيه عندها ليكون كذلك شروط، هي:

أ- النية الصالحة.
ب- الصدق.
ج- الضبط (الضبط حين السماع، والضبط حين الأداء).

د- مخاطبة المنصوح مباشرة، لأن من حق المسلم على المسلم أن ينصحه، أما إن تجاوزه وتحدث أمام غيره، فإن ذلك ليس من النصح في شيء، بل هو الغيبة والتشهير والتأليب وإن لم يقصده.

فإن لم تتحقق هذه الشروط مجتمعة صار الناقل من أصناف نقلة الأخبار الأخرى المذمومة السيئة، التي منها:

1. إما أن يكون الناقل مفتريا، نسب إلى مسلم ما ليس فيه، وعنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال) [صحيح، رواه أحمد وغيره].

2. وإما أنه بهات، وفيه قال تعالى: {والّذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانًا وإثمًا مّبينًا} [الأحزاب: 58]، قال ابن كثير: «أي: ينسبون إليهم ما هم برآء منه لم يعملوه ولم يفعلوه، وهذا هو البهت البين، أن يحكي عن المؤمنين ما لم يفعلوه، على سبيل العيب والتنقص».

3. وإما أنه نمام، أراد الإيقاع بين من ينقل عنه وبين من ينقل إليه، و(لا يدخل الجنة نمام) كما قال المصطفى -صلوات الله وسلامه عليه- في الحديث الذي رواه مسلم.

نصيحة وخاتمة:

فيا أخا الإسلام، حينما ترى في أخيك المسلم أمرا أو تسمع عنه شيئا، لا تتعجل الحكم ولا تنقل لغيرك قبل أن تتثبت، وكن في ذلك ناصحا أمينا صادقا دقيقا عادلا متجردا لله تعالى، وإياك إياك من الظلم والكذب والنميمة والبهتان وسائر الأخلاق الذميمة التي لا تليق بالمؤمنين.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 23
السنة السابعة - الثلاثاء 12 جمادى الآخرة 1437 هـ

مقتطف من مقال:
تثبّت قبل أن تحكم وتنقل
...المزيد

قتال أمريكا.. قضية شرعية أوَّلاً • فأمريكا اليوم طاغوت يُعبد من دون الله، من حيث أنها حكومة ...

قتال أمريكا.. قضية شرعية أوَّلاً

• فأمريكا اليوم طاغوت يُعبد من دون الله، من حيث أنها حكومة كافرة تحكم شعبها بغير ما أنزل الله، وتدين بدين الديموقراطية الشركي، وتحارب الله تعالى في حكمه باستباحة كل المحرمات، من الكفر بالله بدعوى الحرية إلى الزنا واللواط والخمر والميسر والربا وغيرها، وهي رأس الطواغيت في العالم، من حيث فرضها للأحكام الشركية على العالم كله، سواء باسم ميثاق الأمم المتحدة الشركي، أو بنصبها للطواغيت الحاكمين بغير ما أنزل الله، ودعمهم وتمويلهم وتسليحهم في حربهم على الإسلام والمسلمين، والدفاع عنهم وعن شرائع الشرك إذا ما خرج المسلمون عليها، ومن هذا المنطلق يكون جهاد هذا الطاغوت، وبهذا المنطلق يفترق أولياء الرحمن عن سواهم في قتالهم لأمريكا، بأن يكون القتال لإزالة هذا الطاغوت لإقامة حكم الإسلام مكانه، سواء داخل أمريكا ذاتها أو في العالم الذي تحكمه بجبروتها وطغيانها.

وإننا نعلم باستقراء التاريخ أن الشيوعيين الملاحدة هم من أشد الناس إعلانا للعداء لأمريكا، وتبعهم في ذلك الرافضة من أنصار الهالك الخميني الذين أطلقوا عليها لقب «الشيطان الأكبر»، وبعض الطواغيت العرب الذين شعروا بتهديد أمريكا لملكهم وعروشهم، ونعلم أن عداء هؤلاء لأمريكا هو لرغبتهم في إزالة حكمها الطاغوتي لنصب طواغيت آخرين مكانه، كطاغوت عبادة المادة الشيوعي، وطاغوت ولاية الفقيه الرافضي، وما شابه ذلك، ففي المعايير الضالة الجديدة، هل كان عداء هؤلاء المزعوم لأمريكا وقتالهم لها جهادا في سبيل الله؟! وهل كانت مئات الألوف إن لم يكن الملايين من الكفار في أنحاء العالم الذين دفعوا حياتهم في حروب مع أمريكا أو عملائها شهداء، منازلهم في الغرف العليا من الجنة؟!

إن دعاة الدين المُحدَث يزعمون أن حل كل مشاكل المسلمين يكون بكف أذى أمريكا عن التدخل في بلاد المسلمين، حيث سيتمكن المسلمون من هزيمة الطواغيت وإقامة دول وإمارات إسلامية، ومن ثم توحيد هذه الدول والإمارات في كيان واحد يطلقون عليه لقب الخلافة، متغافلين عن حقيقة أن الأرض تعج بالطواغيت الذين لا يقل أي منهم في عدائهم للإسلام عن أمريكا، وأن أيا منهم لن يرضى بقيام الدولة الإسلامية، فإذا قرّرت أمريكا أن تنعزل عن العالم وتكف عن التدخل في بلدان المسلمين ودعم الطواغيت الحاكمين من ملوك ورؤساء ويهود، فإلى من سينقل هؤلاء لقب «الشيطان الأكبر»؟ إلى روسيا أم إلى الصين أم إلى الهند أم إلى أي دولة تهيمن على العالم من بعد أمريكا؟

وإن أحداث الشام الأخيرة أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن أمريكا إن كفت عن التدخل في بلاد المسلمين، فسيجد الطواغيت الحاكمون لها بدلاء كثر عن أمريكا ليستنصروهم على أهل الإسلام، فبعدما سعت فصائل الصحوات لاسترضاء أمريكا بكل طاقتها، رجاء عونها، وخوفا من بطشها، وبعد أن حصّلت رضا أمريكا عنها نوعا ما، فوجئت بالطائرات الروسية وهي تساند النظام النصيري ضدها وتقدم لها الغطاء الجوي لتقدّمها إلى مناطقهم.

ومن جانب آخر، فإن أمريكا وإن كانت الداعم للعدد الأكبر من الطواغيت الحاكمين لبلدان المسلمين، فإننا لو تجولنا في أقطار أخرى لوجدنا أمريكا تتراجع على مقياس العداوة -وفق المقياس المنحرف- إلى المرتبة الثانية، بل وقد تتحول عند بعض المنتسبين إلى الإسلام إلى صديق أو حليف في مواجهة حكومات أخرى أشد فتكا بالمسلمين في تلك الديار، كما هو الأمر بالنسبة لحكومة روسيا بالنسبة لدول آسيا الوسطى، والحكومة الهندوسية بالنسبة لدول شبه القارة الهندية، والحكومة الصينية الشيوعية بالنسبة للإيغور، والحكومة البوذية بالنسبة لأهل بورما، ولو جمعنا تعداد المنتسبين إلى الإسلام في هذه المناطق، سنجد أنهم يشكلون ما لا يقل عن ثلث المنتسبين إلى الإسلام في العالم، وكل هؤلاء يعتبر أن العدو الأول له هو حكومة طاغوتية أخرى غير أمريكا، بل -وكما أسلفنا- ستجد بعضهم يرون أمريكا صديقا وحليفا ضد الحكومات التي تسلطت عليهم!

إن الدولة الإسلامية بفضل من الله وحده هي أكثر من حقق النكاية في أمريكا، وقد مكن الله مجاهديها من إيقاع أكبر هزيمة بأمريكا في تاريخها في العراق، ولم تكن كمن جعل من قتال أمريكا وثنا يعبد من دون الله، يُترك لأجله أصل الدين وموالاة المشركين.

إن من يتكلم باسم الأمة المسلمة كلها، لا يصح منه أن ينظر إلى مصالحها من عين البلد الذي يعيش فيه، أو يتكلم باسمها باللغة التي يفهمها قومه فقط، فقضية الإسلام عامة، ويجب أن تشمل كل المسلمين، ويجب أن يكون التحريض ضد كل أعداء الإسلام، لكيلا تختلط الأمور على الناس فيظنوا أن عداء بعض الطواغيت لبعض، قد يجعل منهم أولياء للمسلمين، وينزع عنهم صفة الكفر والشرك، وبذلك فقط تستبين السبيل، ويتضح الطريق، ولله عاقبة الأمور.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 23
السنة السابعة - الثلاثاء 12 جمادى الآخرة 1437 هـ

مقتطف من مقال:
قتال أمريكا.. قضية شرعية أوَّلاً
...المزيد

قتال أمريكا.. قضية شرعية أوَّلاً • إن التوحيد يقوم على ركني عبادة الله وحده والكفر بالطاغوت، ...

قتال أمريكا.. قضية شرعية أوَّلاً

• إن التوحيد يقوم على ركني عبادة الله وحده والكفر بالطاغوت، وبدون تحقيق هذين الركنين معاً لا يمكن تحقيق التوحيد، فمهما زاد العبد من عبادته لله فإنّه مطالب بالكفر بالطواغيت والبراءة منها هي وأوليائها، ومهما بلغت درجة عدائه للطواغيت فإنه لا يحقق التوحيد إلا بعبادة الله وحده، ولا يكتفى منه بإعلان البراءة من طواغيت دون آخر، وإنما بالكفر بها جميعا لأن الطاغوت الذي أمر الله باجتنابه في قوله {وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} هو اسم لجنس، فالأمر باجتناب كل ما حمل صفة الطغيان بأن يجعل نفسه ندّا لله في صفة من صفاته أو حق من حقوقه، كتعبيد الناس له بأن يدعوهم إلى طاعته من دون الله أو يفرض عليهم ذلك، أو يعبّدهم لأي نوع من الطواغيت، كدعوة الناس إليها، أو الدفاع عنها، أو الرضى بصرف أي نوع من العبادات له.

فكل ما وقع عليه وصف الطاغوت وجب على المسلم اجتنابه، والكفر به، ومعاداته، وتكفير من يعبده، والبراءة منهم، ومعاداتهم، وقتالهم، حتى يتوبوا من شركهم ويخلصوا العبادة لله العزيز الحميد.

ولا يصح تخصيص نوع من الطواغيت بالكفر به دون آخر، أو صنف من المشركين بالبراءة دون آخر، وإن كان الأولى في قتالهم أن يبدأ المسلم بقتال الأقرب إليه منهم، ثم الذين يلونهم، فالذين يلونهم، إلى أن يشمل القتال كل المشركين في الأرض، قال تعالى {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِّنَ الْكُفَّارِ}، وهكذا كان منهج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قتال المشركين في جزيرة العرب، وهي طريقة أصحابه من بعده، فبعد أن أنفذ أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في إرسال بعث أسامة بن زيد لقتال الروم، تفرغ والمسلمون معه لقتال من ارتد عن دين الله من قبائل العرب لسنوات، مؤجلا قتال المشركين من الفرس والروم حتى أعاد كل جزيرة العرب إلى الإسلام، ولم يُذكر أن صحابة رسول الله -عليه الصلاة والسلام- حاولوا الاستفادة من عصبية المرتدين من العرب وكرههم للروم في حشد القبائل لقتالهم تحت لواء جيش أسامة بن زيد، والسكوت في سبيل ذلك عن تكفيرهم.

ولكن ما نراه في زماننا هذا الذي سيطرت فيه أمم الشرك على الأرض كلها باستثناء الأراضي الواقعة تحت سلطان الخلافة، ظهور دين جديد يقدم قتال بعض المشركين على توحيد الله عز وجل، ويقول بأسلمة طوائف من المشركين لتبرير عدم قتالهم، بل والتحالف معهم، وموالاتهم ضد المسلمين، وذلك بزعم عدم الانشغال بمقاتلتهم عن قتال رأس الكفر أمريكا، حتى بات في أذهان الكثيرين من هؤلاء أن دين الإسلام ينحصر في مقاتلة أمريكا، وأن القرب والبعد عن الإسلام يقاس بمقدار العداء لأمريكا لا بمقدار موافقة الشريعة، وأن الولاء يكون على أساس العداء لأمريكا، لا على أساس تحقيق التوحيد، حتى لكأن الدين عند هؤلاء صار الكفر بأمريكا دون سائر الطواغيت، ودون تحقيق التوحيد.

إن العداء لأمريكا وقتالها، ينطبق عليه ما ينطبق على سائر أفعال العباد، فلا بد أن ينبع من الشريعة ويستقي منها أحكامه، وإلا فإن أكثر من يعادي أمريكا اليوم يزعم أن قتاله لها جهاد في سبيل الله، وبدون أن يعرف حكم الشريعة في جهاد أمريكا، فإن قتاله لها قد يتحول إلى محض قتال جاهلي، على عصبية أو على منفعة دنيوية محضة لا أكثر.

فأمريكا اليوم طاغوت يُعبد من دون الله، من حيث أنها حكومة كافرة تحكم شعبها بغير ما أنزل الله، وتدين بدين الديموقراطية الشركي، وتحارب الله تعالى في حكمه باستباحة كل المحرمات، من الكفر بالله بدعوى الحرية إلى الزنا واللواط والخمر والميسر والربا وغيرها، وهي رأس الطواغيت في العالم، من حيث فرضها للأحكام الشركية على العالم كله، سواء باسم ميثاق الأمم المتحدة الشركي، أو بنصبها للطواغيت الحاكمين بغير ما أنزل الله، ودعمهم وتمويلهم وتسليحهم في حربهم على الإسلام والمسلمين، والدفاع عنهم وعن شرائع الشرك إذا ما خرج المسلمون عليها، ومن هذا المنطلق يكون جهاد هذا الطاغوت، وبهذا المنطلق يفترق أولياء الرحمن عن سواهم في قتالهم لأمريكا، بأن يكون القتال لإزالة هذا الطاغوت لإقامة حكم الإسلام مكانه، سواء داخل أمريكا ذاتها أو في العالم الذي تحكمه بجبروتها وطغيانها.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 23
السنة السابعة - الثلاثاء 12 جمادى الآخرة 1437 هـ

مقتطف من مقال:
قتال أمريكا.. قضية شرعية أوَّلاً
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
28 شعبان 1446
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً