رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (35)- العلم الحي

فالذي يعنيني هنا ما كان عند بدء اليقظة في أوربة. فبالهمة والإخلاص والعقل أيضًا، كان لا بد لهم من أن يزداد عدد الذين يعرفون اللسان العربي ويجدونه زيادة وافرة، لحاجتهم يومئذ أن يعتمدوا اعتمادًا مباشرًا على الاتصال بالعلم الحي عند علماء الإسلام، لكي يتمكنوا من حل الرموز اللغوية الكثيرة المسطرة في الكتب العربية، ولا سيما كتب الرياضة والجبر والكيمياء والطب والفلك وسائر علوم الصناعة التي قل من يعرفها.

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (34)- لسان العرب

كان كل مدد اليقظة مستجلبًا كله من علوم دار الإسلام، من العلم الحي في علمائه، ومن العلم المسطر في كتبه. والسبيل إلى ذلك في الأمرين جميعًا كان معرفة لسان العرب. ولن أقص عليك التاريخ الطويل، ولكن اعلم أن لسان العرب كان له السيادة المطلقة على العالم، قرونًا قبل ذلك طوالًا، وكانت المسيحية الشمالية مجاورة لهذا السلطان المطلق، ومصارعة لأهله صراعًا طويلة تارة، ومخالطة لهم بالتجارة والرحلة وغيرهما زمنًا طويلًا تارة أخرى، ولذلك كان هذا اللسان العربي معروفًا معرفة جيدة لطوائف من العامة والخاصة في ديار بيزنطة من ناحية، وفي قلب أوربة نفسها لمجاورتها الأندلس. 

شخصيات قد تهتم بمتابَعتها

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً