الفوائد (44)- هذه الأربعة

ارجع إلى الله واطلبه من عينك وسمعك وقلبك ولسانك، ولا تشرد عنه من هذه الأربعة، فما رجع من رجع إليه بتوفيقه إلا منها، وما شرد من شرد عنه بخذلانه إلا منها، ما موفق يسمع ويبصر ويتكلّم ويبطش بمولاه، والمخذول يصدر ذلك عنه بنفسه وهواه.

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (77)- يقظتنا ويقظتهم (4)

وعلى عادة المستشرقين التي حدثتك عنها، وهو حملة هموم المسيحية الشمالية، والذادة عنها وحماتها المستبسلون، هبوا هبة الفزع من هذه اليقظة، فتسارعوا ينقلون كل صغيرة وكبيرة مما هو جار تحت أعينهم في دار الإسلام. ووضعوه بينًا جليًا، مشفوعًا بمخاوفهم وملاحظتهم ونصحهم وإرشادهم، تحت أبصار ملوك المسيحية الشمالية وأمرائها ورؤسائها وقادتها وساستها ورهبانها، وبصروهم بالعواقب الوخيمة المخوفة من هذه اليقظة الوليدة التي بدأت تنساح في أرجاء دار الإسلام. وتناجوا بينهم نجوى طويلة، يقلبون النظر في أهدافهم ووسائلهم، وتبينوا الخطر الداهم الذي جاء يتهددهم، إذا ما تمت هذه اليقظة واشتد عودها، واستقامت خطواتها على الطريق اللاحب. 

الفوائد (30)- إضاعة الوقت

إضاعة الوقت أشد من الموت، لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها.

الفوائد (17)- الفاتحة وما تضمنته (5)

فأول السورة رحمة وأوسطها هداية وآخرها نعمة. وحظ العبد من النعمة على قدر حظّه من الهداية، وحظّه منها على قدر حظّه من الرحمة، فعاد الأمر كلّه إلى نعمته ورحمته. والنعمة والرحمة من لوازم ربوبيّته، فلا يكون إلا رحيمًا منعمًا وذلك من موجبات إلهيّته، فهو الإله الحق، وإن جحده الجاحدون وعدل به المشركون. فمن تحقّق بمعاني الفاتحة علمًا ومعرفة وعملًا وحالًا فقد فاز من كماله بأوفر نصيب، وصارت عبوديّته عبوديّة الخاصّة الذين ارتفعت درجتهم عن عوام المتعبّدين، والله المستعان.

الفوائد (12)- تفسير الآية {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً}

قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك:15]، أخبر سبحانه أنه جعل الأرض ذلولًا منقادة للوطء عليها وحفرها وشقّها والبناء عليها، ولم يجعلها مستصعبة ممتنعة على من أراد ذلك منها. وأخبر سبحانه أنه جعلها مهادًا وفراشًا وبساطًا وقرارًا وكفاتًا. وأخبر أنه دحاها وطحاها وأخرج منها ماءها ومرعاها، وثبّتها بالجبال، ونهج فيها الفجاج والطرق، وأجرى فيها الأنهار والعيون، وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها، ومن بركتها أن الحيوانات كلها وأرزاقها وأقواتها تخرج منها. ثم نبّه بقوله {وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} على أنّا في هذا المسكن غير مستوطنين ولا مقيمين بل دخلناه عابري سبيل فلا يحسن أن نتخذه وطنا ومستقرّا، وإنما دخلناه لنتزوّد منه إلى دار القرار، فهو منزل عبور لا مستقر حبور، ومعبر وممر، لا وطن مستقر. 

الفوائد (11)- صفات أربع للمتقين

ثم أخبر عن تقريب الجنة من المتقين، وأن أهلها هم الذين اتصفوا بهذه الصفات الأربع، إحداها: أن يكون أوابًا، أي رجّاعًا إلى الله من معصيته إلى طاعته، ومن الغفلة عنه إلى ذكره، سعيد بن المسيّب: "هو الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب". الثانية: أن يكون حفيظًا، قال قتادة: "حافظ لما استودعه الله من حقّه ونعمته". الثالثة: قوله {مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْب} [ق:33]، يتضمن الإقرار بوجوده وربوبيته وقدرته وعلمه واطلاعه على تفاصيل أحوال العبد، ويتضمن الإقرار بكتبه ورسله وأمره ونهيه، ويتضمن الإقرار بوعده ووعيده ولقائه، فلا تصح خشية الرحمن بالغيب إلا بعد هذا كله. الرابعة: قوله {وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ} [ق:33]، وحقيقة الإنابة عكوف القلب على طاعة الله ومحبته والإقبال عليه. ثم ذكر سبحانه جزاء من قامت به هذه الأوصاف بقوله {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُود ِلَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [ق:34-35]. 

الفوائد (2)- {لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ}

قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق:37]، وذلك أن تمام التأثير لما كان موقوفًا على مؤثر مقتض، ومحل قابل، وشرط لحصول الأثر، وانتقاء المانع الذي يمنع منه، تضمّنت الآية بيان ذلك كله بأوجز لفظ وأبينه، فقوله تعالى {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى} إشارة إلى ما تقدّم من أول السورة وهذا هو المؤثّر، قوله {لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} المراد به القلب الحيّ الذي يعقل عن الله، وقوله: {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ} أي وجّه سمعه وأصغى حاسة سمعه إلى ما يقال له، وهذا شرط التأثر بالكلام. وقوله {وَهُوَ شَهِيدٌ} أي شاهد القلب حاضر غير غائب، وهو إشارة إلى المانع من حصول التأثير. فإذا حصل المؤثر وهو القرآن، والمحل القابل وهو القلب الحي، ووجد الشرط وهو الإصغاء، وانتقى المانع وهو اشتغال القلب، حصل الأثر وهو الانتفاع والتذكر.

لا يكون

ما لا يكون بالله لا يكون، وما لا يكون لله لا ينفع ولا يدوم (مجموع الفتاوى [8/329]).

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (48)- أنه الصورة الوثيقة المأمونة (2)

كان جوهر هذه الصورة، المبثوث تحت المباحث كلها، هو أن هؤلاء العرب المسلمين هم في الأصل قوم بداة جهال لا علم لهم كان، جياع في صحراء مجدبة، جاءهم رجل من أنفسهم فادعى أنه نبي مرسل، ولفق لهم دينًا من اليهودية والنصرانية، فصدقوه بجهلهم واتبعوه، ولم يلبث هؤلاء الجياع أن عاثوا بدينهم هذا في الأرض يفتحونها بسيوفهم، حتى كان ما كان، ودان لهم من غوغاء الأمم من دان، وقامت لهم في الأرض بعد قليل ثقافة وحضارة جلها مسلوب من ثقافات الأمم السالفة كالفرس والهند واليونان وغيرهم، حتى لغتهم كلها مسلوبة وعالة على العبرية والسريانية والآرامية والفارسية والحبشية. ثم كان من تصاريف الأقدار أن يكون علماء هذه الأمة العربية من غير أبناء العرب، الموالي، وأن هؤلاء هم الذين جعلوا لهذه الحضارة الإسلامية كلها معنى! هذا هو جوهر الصورة التي بثها المستشرقون في كل كتبهم عن دين الإسلام، وعن علوم أهل الإسلام وفنونهم وآثارهم وحضارتهم، وأن هذه الحضارة إنما هى إحدى حضارات القرون الوسطى المظلمة التى كان العالم يومئذ غارقًا فيها -يعنون عالمهم هم- يجري عليها حكم قرونهم الوسطى! 

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (47)- الصورة الوثيقة المأمونة (1)

وبديهي أن يكون المستشرقون، كما عرفت صفتهم، هم أسبق الناس إلى معرفة هذه الحاجة الملحة التي تضمن للزحف الأكبر على دار الإسلام أن يسير على هدى لا يختل ولا يضل، ويعصم أكبر قدر ممكن من أشتات الزاحفين، حين يدخل دار الإسلام ليطول مقامهم بها، ويجري بينهم وبين من يخالطهم ما يجري بين الناس من التفاوض وتجاذب الأحاديث، يعصمه أن ينبهر بما يرى أو يسمع، أو أن تضعف حميته، أو تلين قناته، أو يتردد ويتلجلج. لا بد إذن من أساس يرتكز عليه تفكيره، ومن صورة سابقة شاملة ثابتة ينبثق بها ويطمئن إليها، ويثق أيضًا بصدقها وأمانتها، حتى يتمكن من أن يرفض أكثر ما يرى وما يسمع، إذا هو خالف ما يعتقد أنه الصورة الوثيقة المأمونة التى سوغه إياها دارس عارف بأحوال هؤلاء الناس. 

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (44)- دوائر المعارف الإسلامية

وما هو إلا قليل حتى كان تحت يد الاستشراق آلاف مؤلفة من مخطوطات من كتب دار الإسلام نفيسة منتقاة، مشتراه أو مسروقة، موزعة مفرقة في جميع أرجاء أوربة وأديرتها ومكتباتها وجامعاتها. ولما كانت هذه المخطوطات التي يعكف نفر منهم على دراستها متفرقة في البلاد، حبيسة تحت يد عدد قليل جدًا، قد يكون رجلًا واحدًا في قرية أو دير، عمدوا إلى نشر بعضها مطبوعة. ولكي تكون الفائدة أكثر تمامًا والجهد أكثر جدوى، أنشأوا أيضًا مجلات بكل لسان من ألسنتهم، ينشر فيها كل مستشرق نتائج بحثه ودراسته، لتكون عونًا لكل دارس مستشرق وغير مستشرق، وهي مجلات الدراسات الإسلامية أو الشرقية. بل سمت همتهم فبدأوا في صناعة جماهر الإسلام التي يسمونها (دوائر المعارف الإسلامية)، وكذلك أصبح الاستشراق في أوربة كلها هيئة واحدة، لها هدف واحد، ونظام واحد، وفهم واحد، وأسلوب واحد، ونظر مشترك واحد، إلى حضارة دار الإسلام قديمها وحديثها. 

رسالة في الطريق إلى ثقافتنا (40)- بطل عمل الميزان!

ولا أقول شال الميزان، بل أقول بطل عمل الميزان، وصار في الأرض عالمان، عالم في دار الإسلام مفتحة عيونهم نيام، يتاخم من أوربة عالمًا أيقاظًا عيونهم لا تنام، وقضى الأمر الذي فيه تستفتيان! وبدأت المرحلة الرابعة في الصراع بين المسيحية المحصورة في الشمال، وبين دار الإسلام التي تحجب عنهم من ورائها عالمًا مبهمًا مترامي الأطراف. 

يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
25 ربيع الأول 1446
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

شخصيات قد تهتم بمتابَعتها

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً