لأنه يعلم أن المصائب لا تصيبه فقط بل تصيب عدوه أيضاً {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ} [آل عمران من الآية:140]، وقوله: {إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ} [النساء من الآية:104].

ومما يهون الصبر ويخففه: اليقين بحتمية الابتلاء في الدنيا، قال تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت:2]، وقوله: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ} [آل عمران من الآية:186]

ومن حكمته: دفع الباطل بالحقِّ وأهلِ الحقِّ لمنع فساد الأرض {لَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة من الآية:251]، ومعرفة حقيقة أعداء الإسلام {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام من الآية:55].

ومن الأدعية المجابة فيه هذا الهم والغم: دعاء يونس عليه السلام: {لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ . فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء:87-88].

وكذلك من العبوديات: انتظار الفرج؛ ففي الحديث «النصر مع الصبر والفرج مع الكرب» (صحيح الجامع [6806])؛ و {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق من الآية:7].

احتساب الأجر: «ما يصيب المسلم...إلا كفّر الله به من خطاياه » (صحيح البخاري [5641]).

ومعية الله للصابرين المتقين المؤمنين المحسنين وهو سبحانه يتولى الصالحين: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ ۖ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} [الأعراف:196].

كل شيء بقدر الله، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وطمأنينةُ المؤمنِ الموحدِ قولُهُ: {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [التوبة:51].

تنزيل الآيات على الواقع بحق والاستشفاء بها وتلاوة القرآن وتدبر معانيه: قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء:82]، وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [يونس:75]

ودأبُ المعتزِّ بدينِهِ قولُهُ: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران:139].

رجاء أجر الصبر وهو ثلاثة أجور مذكورة في قوله: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة:155-157].

ومن حكمته أيضًا: تبيُّنُ الصادقِ من الكاذب والمؤمن من المنافق: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} [آل عمران:141]، {مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران من الآية:179].