سورة الانشقاق - تفسير السعدي



" إذا السماء انشقت "

إذا السماء تصدعت, وتفطرت بالغمام يوم القيامة,

" وأذنت لربها وحقت "

وأطاعت أمر ربها فيما أمرها به من الانشقاق, حق لها أن تنقاد لأمره.

" وإذا الأرض مدت "

وإذا الأرض بسطت ووسعت, ودكت جبالا في ذلك اليوم,

" وألقت ما فيها وتخلت "

وقذفت ما في بطنها من الأموات, وتخلت عنهم,

" وأذنت لربها وحقت "

وانقادت لربها فيما أمرها به, وحق لها أن تنقاد لأمره.

" يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه "

يا أيها الإنسان إنك ساع إلى الله, وعامل أعمالا من خير أو شر, ثم تلاقي الله يوم القيامة, فلا تعدم منه جزاء بالفضل أو العدل.

" فأما من أوتي كتابه بيمينه "

فأما من أعطي صحيفة أعماله بيمينه, وهو مؤمن بربه,

" فسوف يحاسب حسابا يسيرا "

فسوف يحاسب حسابا سهلا,

" وينقلب إلى أهله مسرورا "

ويرجع إلى أهله في الجنة مسرورا.

" وأما من أوتي كتابه وراء ظهره "

وأما من أعطى صحيفة أعماله من وراء ظهره, وهو الكافر بالله,

" فسوف يدعو ثبورا "

فسوف يدعو بالهلاك والثبور,

" ويصلى سعيرا "

ويدخل النار مقاسيا حرها.

" إنه كان في أهله مسرورا "

إنه كان في أهله في الدنيا مسرورا مغرورا, لا يفكر في العواقب,

" إنه ظن أن لن يحور "

إنه ظن أن لن يرجع إلى خالقه حيا للحساب.

" بلى إن ربه كان به بصيرا "

بلى سيعيده اللهكما بدأه ويجازيه على أعماله, إن ربه كان به بصيرا عليما بحاله من يوم خلقه إلى أن بعثه.

" فلا أقسم بالشفق "

أقسم الله تعالى باحمرار الأفق عند الغروب,

" والليل وما وسق "

وبالليل وما جمع من الدواب والحشرات والهوام وغير ذلك,

" والقمر إذا اتسق "

وبالقمر إذا تكامل نوره

" لتركبن طبقا عن طبق "

لتركبن- أيها الناس- أطوارا متعددة وأحوالا متباينة: من النطفة إلى العلقة إلى المضغة إلى نفخ الروح إلى الموت إلى البعث والنشور ولا يجوز للمخلوق أن يقسم بغير الله, ولو فعل ذلك لأشرك.

" فما لهم لا يؤمنون "

فأي شيء يمنعهم من الإيمان بالله واليوم الآخر بعد ما رضحت لهم الآيات؟

" وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون "

وما لهم إذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون لله, ولا يسلمون بما جاء فيه؟

" بل الذين كفروا يكذبون "

إنما سجية الذين كفروا التكذيب ومخالفة الحق

" والله أعلم بما يوعون "

والله أعلم بما يكتمون في صدورهم من العناد مع علمهم بأن ما جاء به القرآن حق,

" فبشرهم بعذاب أليم "

فبشرهم- يا محمد- بأن الله- عز وجل- قد أعد لهم عذابا موجعا,

" إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون "

لكن الذين آمنوا بالله ورسوله وأدوا ما فرضه الله عليهم, لهم أجر في الآخرة غير مقطوع ولا منقوص.

 

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً